الاثنين، 29 ديسمبر 2008

ياليتها

ما الذى سأكتبه هنا لم يكتبه غيرى ...
ما الجديد الذى سأضيفه عندما أتكلم عما يحدث ...
لا شيء على الإطلاق ...
يكفينا كلاما ...
يكفينا مهاترات ...
فنحن اليوم دخلنا التاريخ من أوسع أبوابه ...
دخلناه من باب الذل والخذلان ...
دخلناه وليتنا ما دخلناه ...
أبو الغيط وزير خارجية مصر يقول بملء فمه تعليقا على إستشهاد أكثر من 340 فلسطينيا وجرح أكثر من 1500
******************************
" لقد حذرنا حماس "
******************************
وزير خارجية بلدنا العربية المسلمة أصبح المتحدث الرسمى بإسم إسرائيل ...
تباً لك ولمن وافقك ...
تباً لك ولمن أيدك ...
تبا ًلك ولمن عَيَّنك ...
تباً لك أبد الدهر ...
ألا لعنة الله على الظالمين ...
ألا لعنة الله على الظالمين ...
ألا لعنة الله على الظالمين ...
يااااااا ليت أمى لم تلدنى ...



الأحد، 21 ديسمبر 2008

أسود صنعت التاريخ ...والتاريخ يعيد نفسه

عُرف بجبروته وسطوته وديكتاتوريته ، حتى أصبح مجرد سماع إسمه نوعا من أنواع التعذيب النفسى لخصومه أولأى شخص من عامة الشعب ، لا يجرؤ أحدٌ مهما كان على الوقوف فى وجهه أو الإعتراض على كلمته ، الكل يعلم أن مصير المعترض إما إعتقال أو تعذيب أو قتل أو الثلاثة جميعهم ...
فى يوم من الأيام أصدر قرارا جمهوريا بأن على عامة الشعب أن يخرجوا جميعا الى مدينة واسط ليشاهدوا القصر المهيب الذى بناه له رجاله ، وعلى كل من يشاهد القصر أن يدعوا له بالبركة ...
فى وسط هذا الظلم المتجبر والديكتاتورية المطلقة ، خرج مع الجموع المحتشدة الى رؤية القصر رجلٌ ليس كباقى البشر ،
يمشى بخطوات واثقة ...
قلب مطمئن ...
لسان لا يتوقف عن ذكر ربه ...
نفس مؤمنة بأن لكل أجل كتاب ...
ويقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ...
استغل فرصة إحتشاد هذا الجمع المهيب من البشر ليشاهدوا قصر هذا الجبروت ، شاهدهم وهم مبهورون بهذه الزينة الزائلة ، الكل مدهوش بعظمة البناء ، وروعة التصميم ، الكل مبهور بهذه التحفة المتفردة ...
فى هذه اللحظة الدنيوية ، خرج صوت الحق منه يعلو محاولا به أن يوقظ تلك النفوس الغافلة ، وأن يذكرهم بزوال هذه العظمة عاجلا أو آجلا ، خرجت الكلمات منه منتقاة مصطفاة :
" لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين ، فوجدنا أن فرعون شيد أعظم مما شيد ، وبنى أعلم مما بنى ، ثم أهلك الله فرعون وأتى على ما بنى وشيد . ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه ، وأن أهل الأرض قد غروه "
ظلت الكلمات تخرج من فمه النورانى تباعا ، والناس مدهوشون بأن هناك رجل على وجه البسيطة يستطيع أن يتكلم عن الحجاج هكذا ، أشفق عليه أحد السامعين ، نصحه بأن لا يتحدث فى السياسة ، نصحه بان يمشى بجوار الحائط ، نصحه بأن يسكت ليستطيع أن يربى أولاده ، قال له " حسبك يا أبا سعيد ... حسبك " ... فكان رد أبى سعيد عليه واضحا بلا غموض ، صارما بلا تنازلات " لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس و لا يكتمونه " ...
وصل الأمر الى رئيس الجمهورية - الحجاج بن يوسف الثقفى – فدخل فى اليوم التالى الى مجلسه ، الحاشية مرتعبين ، وأهل النفاق توشك قلوبهم أن تتوقف خوفا ، نظر اليهم و وجهه يكاد يتفجر غيظا ، صاح فيهم " تبا لكم وسحقا ... يقوم عبد ٌ من عبيد أهل "البصرة " ويقول فينا ما شاء الله أن يقول ، ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه !! والله لأسقينكم من دمه يا معشر الجبناء " ثم أمر بالسيف والنطع - وهو قطعة من الجلد توضع تحت المحكوم عليه بقطع الرأس حتى لا يتناثر دمه على الأرض – ثم أمر بالسياف فحضر ...
وكالعادة أرسل الى أبى سعيد بعضا من زوار الليل لينتزعوه من بين أهله ، واتجهت جيوش الأمن المركزى الحجاجى الى بيت أبى سعيد ، وأحضروه الى الحجاج ...
تخيل أنت صورة هذا الموقف ، الحجاج يجلس على عرشه ، حاشيته يحاوطونه ، والسياف واقف متأهب لتنفيذ حكم الإعدام ، الدولة بكل قوتها تقف ضد رجل واحد ، مكبل بالأغلال ، مجرد من كل وسائل القوة ، بالحسابات المادية البحتة ، الحجاج فى موقف القوى العزيز ، وأبو سعيد فى موقف الضعيف الذليل ، وبالحسابات المادية أيضا ، هناك احتمالان لا ثالث له ، إما أن يعتذر أبا سعيد من الحجاج ، ويكتب له وثيقة تأييد يبايعه فيها ويعاهده على ألا يعود لمثلها أبدا ، وإما أن تطير رقبته فى ثوان معدودات ...
لكن الرجل الذى لا يخشى فى الله لومة لائم ، لا يعترف بهذه الحسابات العقيمة ، فهو فى واد آخر ، حيث معية الله عز وجل ، وحيث السكينة التى لا تعطى للخوف فرصة ليتسلل بها لقلبه ..
دخل على الحجاج ، فإذا الأبصار تتجه كلها صوبه ، والقلوب فجأة تصيبها رهبة بمجرد رؤية هذا الرجل الربانى ..
وقع بصر أبى سعيد على السيف والنطع والجلاد ، فحرك شفتيه متمتما ببعض الكلمات ، ثم اقبل على الحجاج وعليه جلال المؤمن وعزة المسلم ، ووقار الداعية الى الله ، فلما رآه الحجاج على حاله هذه هابه أشد الهيبة ، وقال له :" هاهنا يا أبا سعيد .. هاهنا .. ثم ما زال يوسع له ويقول هاهنا .. والناس ينظرون إليه فى دهشة واستغراب حتى أجلسه علي فراشه " **

ثم التفت الحجاج اليه ، وجعل يسأله عن بعض أمور الدين والحجاج يرد عليه بمنتهى الثبات والثقة ، كان يرد عليه بعلم فياض ، وبيان يضاهي به فحول اللغة ..
فقال له الحجاج : " أنت سيد العلماء يا أبا سعيد " ثم دعا بغالية وهى نوع من الطيب ، وطيب بها لحيته وودعه .
ولما خرج أبو سعيد من عنده تبعه حاجب الحجاج وسأله : " يا أبا سعيد لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك ، وإنى رأيتك عندما أقبلت ورأيت السيف والنطع ، قد حركت شفتيك ، فماذا قلت ؟!"
قال : " لقد قلت : ياولى نعمتى وملاذى عند كربتى إجعل نقمته بردا وسلاما على ّ كما جعلتها بردا وسلاما على إبراهيم " ...
التاريخ يعيد نفسه مرات عديدة ، تختلف كل مرة عن سابقتها ولاحقتها فى الأشخاص و المكان فقط ، وأنا ما كتبت هذه القصة الا لأقرأها أنا قبل أن تقرؤها أنتم ، فإنما نتعلم من هؤلاء النجوم الساطعة ، كيف تكون نفسية كل من يصطفيه ربه ليجعله من أوليائه ، كتبت هذه القصة فى هذا الوقت بالذات لأنى فى أمس الحاجة اليها الآن قبل أى وقت مضى ...
أبو سعيد هو "سيدنا الحسن البصرى " رضى الله عنه وأرضاه ..
صدق مسلمة بن عبد الملك عندما قال : "كيف يضل قوم فيهم مثل الحسن البصرى ؟!"
سيدنا الحسن البصرى أسدٌ فى قافلة الأسود التى صنعت التاريخ ..
أسال الله عز وجل أن يوفقنا لأن نسير على دربه وأن نحذو حذوه ... اللهم آمين
***************************
** مقطع مقتبس من كتاب فى رحاب الاسلام



الجمعة، 5 ديسمبر 2008

حـَّلـَّـة الضغط ... قصة قصيرة



وقـَفـَتْ فى المطبخ تـُعدّ طعام الغذاء ، وضعت حلـّة الضغط على النار تاركة ًالطعام ينضج ، وقفت تقطع بعضا من الخضروات ، سالت من عينيها دمعة حاولت كثيرا أن تمنعها من الخروج ، شعور بالوحدة يسيطر عليها ، وإحساسٌ بالقهر يتملكها ، استرجعت شريط أحداث اليوم الذى هو تكرارٌ لكل يوم ،تستيقظ مبكرا ، تقوم بإعداد الفطور لزوجها وأولادها ، يذهب أولادها إلى مدارسهم ، فتجلس هى مع زوجها ، تعاتبه على تقصيره فى حقها عليه وفى إنشغاله الدائم عنها ، ثم تنفعل عليه شاكية ًهمَّها ، وأنها ملت الحياة معه بهذه الطريقة ، يحاول هو أن يهدئها ، ويخبرها أن انشغاله هذا إنما ليوفر لها ولأولادهما حياة كريمة ، يعتب عليها كثرة تذمرها وشكواها ، ترد عليه ردا قاسيا يكون سببا فى اندلاع ثورة غضبه وخروجه من البيت منفعلا .
أبدلت شريط أحداث اليوم بشريط أحداث بداية زواجها به ، كانت تعشقه بجنون ، وكان يبادلها عشقا مضاعفا ، كل من يشاهدهما معا ، يقسم أنهما خلقا لبعضهما ، تذكرت قصائد الشعر التى كان يكتبها فيها ، تذكرت لمسة الحنان فى كفه عندما كان يمسك بكفها ، ونظرة العشق التى كانت تذيبها كلما التقت عيناهما ، تذكرت نظرات القلق على وجهه عندما كانت تمرض ، وسهره بجانبها يُمَرِّضُها ويعد لها الطعام بل ويطعمها بيديه حتى تقوم من على فراش المرض .
كانت تتمنى ألا تستفيق من هذه الذكريات ، لكن صوت البخار الصاعد من حلة الضغط كان كفيلا بأن يعيدها مرة أخرى الى زمن الحاضر ، انتبهت الى أن الدمعة التى كانت تحاول منعها من الخروج أصبحت سيلا من الدموع .
أخذت تسائل نفسها باحثة عن الجواب ، ما الذى وصل بهما الى هذه النقطة ، كيف لقلبين عاشا قصة الحب هذه أن يحدث بينهما جفاء؟! ، من المسئول عن تدهور العلاقة ؟، هو أم هى ؟ ، أخذت تلقى بكامل اللوم عليه ، وأقنعت نفسها بأن انشغاله بعمله وسفره الدائم هو السبب الأول فيما حدث ، جزء من قلبها يريد أن يلقى ببعض اللوم عليها ، فانشغالها هى أيضا فى تربية أولادهما ، وكثرة متطلباتها ، وازدياد شكوتها ، قد يكون سببا فى ما حدث ، لكن عقلها يبرر لها ما تفعل بأن من الطبيعى أن تكثر شكوتها وتزداد متطلباتها ، فتربية أبنائهما تستنزف منها كل طاقتها ، كما أن يومها يكون دوما حافلا بالصراخ والمشاكل التى تحدث بين أبنائهما ، فلا تجد بعد هذه المعاناة أحدا تخرج فيه همها سواه ، ويجب عليه هو أن يتحمل صراخها فيه كما تتحمل هى صراخ أبنائها طوال اليوم ، ليس تفضلا منه وإنما واجب عليه .
استمر حديثها مع نفسها فترة كبيرة ما بين لائم وملوم ، وصوت البخار الصاعد من الحلة فى ازدياد مع خروج كمية كبيرة من فوهة الغطاء، كانت تريد أن تنتهى من إعداد الطعام فى أسرع وقت حتى تذهب الى النوم ، فهى لا تريد أن تفكر أكثر من ذلك ، قامت بزيادة النار حتى ينضج الطعام أسرع ، كمية البخار تزداد ... تزداد ... تزداد ، وصوت البخار يعلو ... يعلو ... يعلو ، وفجأة
بوووووووووووووووووووووووم
صوت انفجار رهيب ، تلاه صوت ارتطام شيئ معدني بالأرض، سحابة من البخار ملأت المطبخ ، صرخة مدوية خرجت من حلقها ، دون أن تدرى ما الذى قد حدث ، دقيقة أو دقيقتان من السكوت الرهيب ، ومحاولة منها لتستجمع قواها ، بدأ البخار يختفى شيئا فشيئا ، اتضحت الرؤيا ، غطاء الحلة على الأرض ، أشلاء طعام متبعثرة على الجدران والسقف والأرضية ،أصبح المطبخ كساحة معركة قضى فيها الجيشان على بعضهما البعض ، بدأت تهدأ شيئا فشيئا ، تناولت كوبا من الماء ، أغلقت النار ، ذهبت إلى غرفة نومها ، استلقت على السرير تهدئ من روعها ، أخذت تفكر فيما حدث ، التقطت سماعة الهاتف ، اتصلت به
- حبيبى ، أنا آسفة
- صوتك متعب ، هل حدث شيء ؟ هل بك شيئ ؟
- اطمأن ، أنا بخير
- إذا فعلام تتأسفى ؟
- على أنى كنت أظن أن على حلة الضغط أن تتحمل النار مهما زادت حدتها .
تمت بحمد الله

الجمعة، 21 نوفمبر 2008

غربة ...



أجبرتنى الظروف على أن أذهب بعيدا ...
لم يترك لى حق الإختيار ...
كنت أعلم انه سيأتى اليوم الذى فيه سأبتعد ...
لكنى لم أتوقع أن يأتى بهذه السرعة ...
ذهبت اليهم وأخبرتهم ...
لا بد من الغربة هذا العام ...
لم أجد منهم اعتراضا ...
فهم واثقون بأنى فكرت ألف مرة قبل أن أتخذ هذا القرار ...
ذهبت بعيدا ، وبدأت فى التأقلم على العيش وحيدا ...
لم أكن أعلم أن الأمر سيكون بهذه الصعوبة ...
أصبحت الدقائق فى غربتى ساعات ...
أشعر أن أيام الأسبوع صارت ألف يوم ...
أفتقد هناك أشياءا لم أكن أشعر بوجودها حتى ...
أصبحت أشتاق الى صوت ابى وهو يوقظنى عند الفجر ...
أستيقظ كل يوم ، أنظر فى الساعة التى تعدت السابعة صباحا ، فتتملكنى رغبة فى البكاء ...
منذ أن ذهبت الى غربتى وحتى هذه اللحظة لم أصلى الفجر فى المسجد ...
لم أكن أدرك أن إيقاظ أبى لى نعمة تستوجب أن أشكر الله ألف مرة عليها ...
أصبحت أشتاق الى إبتسامة أمى عندما أعود ، وسؤالها الذى كان دوما يدفعنى للضحك من صميم قلبى" انت جيت ؟! "...
عندما أرجع من كليتى الآن ، أفتح الباب فلا أجد أمى وهى تبتسم ... أدخل سريعا الى غرفتى ... أحاول أن أشغل نفسى بأى شيئ حتى لا أفكر فيها ...
أصبحت أشتاق الى رفقة أصدقائى فى رحلة الرجوع من الكلية كل يوم ...
أصبحت اشتاق الى الحديث معهم ...
أصبحت أشتاق الى حديث صديقى محمد الساخر عن الكلية وما يحدث فيها ... كان كلامه ينسينى كل همومى ، ويخرجنى من الضيق والحزن الذى كان يسيطر على فى بعض الأحيان ...
الان أصبحت همومى تتراكم بداخلى بلا مخفف عنى ...
أصبحت أشتاق الى إخوتى ...
لم أعد أراهم الا ساعات قليلة فى يوم واحد من ايام الأسبوع ...
لم أكن أعلم أنى أحبهم إلى هذه الدرجة ...
لا أتوقف عن التفكير فيهم وفى أمى وأبى ...
الآن دخلت أشياء جديدة فى قاموس حياتى ، لم يكن لها وجود من قبل ...
الطعام ، النظافة ، كانت أشياء منتهية بالنسبة لى من قبل ...
أصبحت الآن من مسئولياتى ...
ليست المشكلة فى التنظيف أو الطهو أو أيا كان ...
فقد تربينا على أن نتأقلم على أى وضع ...
لكن المشكلة فى اننى حرمت من الشعور بأن هناك من يهتم لأمرى ..
وأن هناك من يتعب من أجل راحتى ...
انها طبيعة الإنسان ... أن يفرح عندما يجد من يحمل عنه أعبائه ، ويفرح أيضا عندما يحمل هو عبء من يحب ...
طوال غربتى و أنا أتذكر كلمات صديقى عماد فى موضوعه الملهم
" أنفاسهم " ...
حقا من المستحيل أن نحصى عُشر أنعم الله علينا ...
غربتى حتى الآن علمتنى الكثير ...
يكفى أنها جعلتنى أكتشف بعضا من أنعم الله التى كنت غافلا عنها ...
غدا سيبدأ أسبوع جديد من هذه الغربة اللعينة ...
عزائى فيها أنها فى سبيل الله ...
أننى أصبحت أكثر التزاما فى كليتى ...
أصبحت أكثر انضباطا فى مواعيدى ...
أصبحت أجد الوقت الكافى لأذاكر ...
عزائى فيها أننى أفعل ذلك برا بأبى وأمى ...
عزائى فيها عبارة أبى التى دوما يرددها
" ستزول كل الآلام ويبقى الأجر "

لكنى مازلت مؤمن أنها غربة لعينة ...

الجمعة، 7 نوفمبر 2008

كله خير



بمجرد دخولى عامى الدراسى الرابع فى الكلية ، أنتقل من مرحلة التدريب والتعلم فى المعامل الفنية والتى كل تعاملاتى بها تكون مع الجمادات ، الى مرحلة التدريب والتعلم فى العيادات والتى يصبح كل تعاملى فيها مع المرضى من بنى البشر ، وفى بداية العام تبدأ رحلة البحث عن المرضى ، والتى من وجهة نظرى أنها رحلة شاقة ومعقدة ومهينة الى أبعد الحدود ، لكن كما يقولون أن المضطر يركب الصعب ، بدأت فى البحث عن مريض بلا أسنان ، لأن المطلوب منى هو عمل طقم لمريض خلال الفصل الدراسى الأول ، أصبح إيجاد مريض بلا أسنان هو شغلى الشاغل ، وعلى غرار أفلام جيمس بوند أو قصص أدهم صبرى ، بدأت المرحلة الأولى من خطة البحث وهى أن أسير فى الكلية وعينى تتفحص أفواه من فيها تبحث عن المشتبه به ، لكن مر الأسبوع الأول بلا نتيجة ، حضرت السكشن فوجدت أن بعضا من زملائى حصلوا على مبتغاهم وبدأوا فى العمل ، لم أكترث كثيرا لهذا الأمر ، فمازال أمامى الكثير من الوقت ، بدأت المرحلة الثانية وهى أن قمت بالاتصال ببعض معارفى فى طنطا أسالهم عن مريض بالمواصفات التى ذكرتها ، حتى رد على أحدهم بأنه يعلم إمرأة تريد أن تركب طقم ، وأنه سيرد على فى أقرب وقت ، مر يوم ويومان وثلاثة أيام ، لكن بلا رد ، أوشك الأسبوع الثانى على الانتهاء ، لم يتبق الا يوم واحد على موعد السكشن ، فاتصلت بهذا الرجل لأعلم منه ان كان سيحضر لى أحدا أم لا ، فلم يرد على ، اتصلت به فى وقت آخر فلم يرد على أيضا ، ففقدت الأمل فى أن أبدأ بالعمل هذا الاسبوع ، ذهبت الى السكشن ، فوجدت أن عددا أكبر من الزملاء بدأ فى العمل أيضا ، أما أنا فوقفت بلا هدف يذكر ، وشعور بالحنق يسيطر على ، فخطة البحث التى اتبعتها أثبتت فشلها الذريع ، وإحساسى بأن الوقت يمر بلا نتيجة كان سيئا لأبعد الحدود ، وبما أنى لم أستطع الحصول على مريض ، فقد أصبح أمامى حلان ، إما أن أنزل أتجول فى أنحاء الكلية واتناول افطارى وأشرب كوبا من الشاى الى أن ينتهى موعد السكشن ، وإما أن أقف مع أصدقائى فى العيادة وأقوم بمساعدتهم ، بالطبع اخترت الحل الثانى عملا بالمثل "نص العمى ولا العمى كله " ، حقيقة استمتعت بالعمل معاهم ، ومساعدتهم أزاحت عنى كثيرا من شعور الضيق الذى انتابنى ، انتهى السكشن ، ومنه قررت أن أنتقل الى المرحلة الثالثة والأخيرة من الخطة ، وهى أن أذهب الى فني معمل الكلية ، وأطلب منه بعض المساعدة ، فجيمس بوند وأدهم صبرى فشلا حتى هذه اللحظة فى رحلة بحثهما ، مر يومان ووجدت فنى المعمل يتصل بى ، لم أستطع أن أرد عليه لأنى كنت فى سكشن مادة التقويم ، عاود الاتصال أكثر من مرة ، فاستأذنت المعيد وذهبت اليه ..
- "ايه يادكتور مابتردش عليا ليه ؟"
- "معلش يا أستاذ/.... كنت فى سكشن "
- " انا عملت اللى عليا وجبتلك مريض واتصلت بيك كتير ، بس انت ماردتش عليا ، فاديته لواحدة زميلتك بتدور على مريض هى كمان "
كم تمنيت فى هذه اللحظة بالذات لو أن القتل حلال فى الاسلام ، و أحسست ببراكين من الغضب توشك على الانفجار ، وعبرت عن هذا الغضب بابتسامة صفراء وتمتمة بكلمة "خير خير"
- " ده أنا كنت جايبلك حالة حلوة أوى"
- " مفيش مشاكل تتعوض ان شاء الله متشكرين يا أ. .... تعبتك معايا "
تركته وانصرفت ، وأنا أدعو الله عز وجل أن ييسر لى أمرى ، أوشك الأسبوع الثالث على الانتهاء ، ولم يتبق الا يوم واحد على السكشن ، لكن فرج الله أتى بعد أن ضاقت على الأرض بما رحبت ، وجدت صديقى محمد يقبل على و :
- " انت فين ياعم أنا بقالى ساعة بدور عليك "
- " انا كان عندى سكشن ، خير "
- "خير ان شاء الله ، لقينالك مريض ، ومحمد .. ماسكهولك فوق "
تهللت أساريرى بشدة ، فأنا كنت على ايمان بأن الفرج سياتى وها قد أتى بعد طول انتظار ، انطلقت أنا وصديقى وتوجهنا الى المريض ، أشار محمد الى رجل يجلس فى قاعة الانتظار وأخبرنى أن ذاك هو ، توجهت ناحيته .
- " سلامو عليكو ياحاج "
- " عليكم السلام "
أردت أ، أسلم عليه لكنى انتبهت أن يده بها حرق شديد أتى على أصابعه فأصبحت يده بلا أصابع
- " أنا د. عبد الرحمن ، وان شاء الله أنا اللى هشتغلك "
- " أجيلك امتى ؟"
- "بكرة الساعة 9 ان شاء الله "
تركته وانصرفت وعقلى منشغل بالحرق الذى فى يديه ، فأنا أعلم أن أصحاب الإعاقات عافاكم الله يحتاجون لمعاملة خاصة ، لكنى طمأنت نفسى بأن هذه الاعاقة ستوجد فى قلبى رحمة تجاهه ، فيصبح عملى طاعة لله .
ذهبت الى الكلية يوم السكشن و كلى طاقة وحيوية ، ذهبت فى موعدى ، ومعى كل أدواتى ، وجهزت المكان الذى سأعمل فيه ، وجلست أنتظر ، لكن الرجل لم يأتى ، قلت فى نفسى عساه وجد صعوبة فى المواصلات ، ولا داعى للقلق ، طال الانتظار ولم يأتى ، خرجت واتصلت به فى بيته ، ردت عليه ابنته
- " السلام عليكم ، الحاج .... فين ؟ "
- " مين حضرتك ؟ "
- " أنا دكتور عبد الرحمن اللى هعمله الطقم "
- " ده هو راح الغيط والله "
- " الغيط ؟؟؟ المفروض ان فى معاد بينى وبينه النهاردة "
- " لا ده هو مش هاييجى عندكم النهاردة "
يا الله ، لم أقصر فى شيئ ، اجتهدت فى البحث ، أتيت فى موعدى بعد سفر طويل ، أدواتى كاملة ، جهزت مكان عملى .... فهل أتساوى بمن ينام فى بيته ؟!
مرت على ذهنى بعض من آيات القرآن ، التى كانت لى خير معين على ان أجتاز هذه الأزمة ، لكن الآية التى أخذت تترد فى ذهنى هى " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " أنا أعلم أنه خير لكن لا أعلم كيف هو خير ؟
عملت هذا السكشن أيضا فى مساعدة أصدقائى ، لكنى هذه المرة كنت مشغولا بإيجاد إجابة للسؤال " كيف ما يحدث هذا خير ؟ "
أتانى صديقى محمد الذى احضر لى هذا المريض من البداية ليطمأن على ، ولما علم انه لم يأتى ، حمد الله وأخبرنى بأنه يشتبه أن الحرق الذى فى يده ليس حرقا انما مرض ، اتانى جواب سؤالى فى اليوم التالى من محادثة طريفة مع صديق لى يكبرنى سنا
- " مش المريض اللى جه لمعاذ طلع عنده leprosy "
- " ياراجل ، وعرفت منين "
- " عليه كل العلامات ، والدكتورة قالت لمعاذ طلع المريض بره وماتشتغلوش خالص "
- " أيوة شكله عامل ازاى يعنى ؟ "
- " ماعندوش صوابع ، وماعندوش شعر كتير ، ووشه متشوه "
أقسم بالله أنى أردت فى هذه اللحظة أن أسجد لله شكرا ، فهذا المريض هو نفس المريض الذى اتفقت معه ولم ياتى ... الآن أنا أنا أكثر ايمانا بأن أمر المؤمن كله خير .
سأعطيك نبذة قصيرة عن مرض ال leprosy وهو مايسمى بالعربية بمرض " الجذام " :
هو مرض عندما يصيب المريض فإنه يؤدى الى تآكل أصبعه ، وتشوه وجهه حتى يصبح كوجه الأسد ، وهو مرض عافانا الله واياكم ينتقل عن طريق اللمس ، ويتم عزل أى مريض بهذا المرض فى مستعمرة بعيدة عن المناطق المأهولة بالبشر ، وفى مصر يوجد هنا مستعمرة شهيرة وهى مستعمرة الطور ، وقد حذرنا صلى الله عليه وسلم من هذا المرض
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا عَدوى ، و لا طِيَرة ، و لا هامَّة ، و لا صَفَر . وفِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد " . صحيح البخاري في الطب 5707

ولولا أنى أخاف أن أزعجكم ، لكنت أحضرت لكم بعضا من الصور لهذا المرض

بعد ماحدث أصبحت الآن أكثر طمأنينة وسكينة من ذى قبل ، أنا الآن أكثر تسليما لأمر الله . أنا الآن أؤمن حقا بأن أمر المؤمن كله خير
.
تحديث :
الحمد لله ، منَّ الله على بمريض وبدأت فى العمل معه ... أعتقد أن الفترة الماضية كانت اختبار من الله عز وجل ... أتمنى أن أكون قد نجحت فيه ...

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

لا أريد



رأيته لأول مرة منذ عام ٍتقريبا ، لم يلفت انتباهى على الإطلاق ، شابٌ فى بداية الثلاثينيات من عمره ، يحمل دوما فى يده حقيبةً جلدية ، ومظهره يوحى لى أنه يعمل فى مهنة علمية ، كنت أراه يوميا عندما أستعد لدخول معركة الحصول على مقعدٍ فى المواصلات ، كان هو أيضاً من المشاركين فى هذه المعركة اليومية المتجددة ، فمابين ركض وراء السيارات و إستخدام جميع أنواع الفنون القتالية إبتداء من الكاراتيه وانتهاء عند المصارعة الحرة كنت ألمحه بين الضحايا ، لم أكترث كثيرا له ، لكنى فى يوم ٍمن الأيام وأنا سائرٌ فى أروقة الكلية إذا بى أراه أمامى ، لفت انتباهى على الفور ، وسألت نفسى ماذا يفعل هذا الرجل هنا؟! ، هل يُعقل أن يكون من أعضاء هيئة التدريس فى الكلية ، ضحكت من سخافة الفكرة ، فمظهره وهو يحارب فى الصباح كان كفيلا بأن يجعلها سخيفة ، مرت الأيام وأنا أراه دوما ، ولاحظت عليه أنه لا يتكلم إطلاقا ، وملامحه توحى بأنه شخص وديع هادئ طيب القلب ، فلم أره فى مرة من المرات يغضب أو يصيح أو يتشاجر ، فهو يجلس فى مقعده ينظر أمامه دونما التفات حتى نصل ، وددتُ كثيرا أن أتعرف إليه وأن أساله عن مهنته وأساله عما يفعله فى الكلية ، لكن شعور الإحراج طغى فوقف حائلا بينى وبين ذلك .
انتهى العام الماضى على خير بفضل الله ، ودخلت فى عام دراسى جديد ، وبدأت أتعرف على الأقسام الجديدة ، وعلمت من أصدقائى أن أسوأ قسم عندنا هذا العام هو قسم الجراحة ، فالمعيدين فيه يفتقدون أساليب اللياقة فى التعامل ، ويتعاملون مع الجميع بنظرة تعالى ، بل ومن السهل عليهم إيذاء أى أحد طالما أنه بذلك سيشعر بشخصيته ، بإختصار إنها عقدة النقص ، وكانت نصيحة كل أصدقائى الكبار أن أتحاشى اى إحتكاك من أى نوع مع أى معيد فى هذا القسم ، دخلت القسم فى بداية العام وقد قررت أن أعمل بنصيحتهم ، وعلى مضض تعرفنا على المعيدين وفعلا كانت كل كلمة قالها أصدقائى فى محلها تماما ، بدأنا أسبوع تلو الآخر نذهب الى سكشن الجراحة هذا وكأننا ذاهبون الى السجن ، تمر علينا ساعتا السكشن كانهما عامان ، ونشعر عندما ننتهى منهما بان هناك هم كبير قد إنزاح من فوقنا ، وفى يوم من الأيام وأنا فى عيادة الجراحة ، إذا بى ألمحه ، يا الله انه هو ، انه الرجل الوديع الطيب ، زميل الحرب اليومية ، ورفيق درب الضرب ، ماذا يفعل هنا ، سألت أحد زملائى ، فقال لى انه معيد فى قسم الجراحة ، شعرت بسعادة غامرة عندما علمت ذلك ، فلم أكن أتخيل أننى سأجد شخصا على خلق فى هذا القسم ، وتعجبت عندما استرجعت كلمات من يكبرنى ، وأيقنت أنهم لم يذكروا اى معيد بخير ، لم أشغل بالى كثيرا ، فقد قررت أن أتعرف عليه ، لكنى آثرت أن أتمهل قليلا ، حتى أتعرف عليه بطبيعية ويكون التعرف وليد موقف ، وليس تعرف مصطنع حتى لا يشعر بأنى أريد منه شيئا ، لأنى فعلا لا أريد منه أى شيئ ، انتظرت الى الاسبوع الذى يليه ، وذهبت الى السكشن فى موعده ، لكن قدر الله أن يحدث عندى تضارب فى المواعيد فاخطأت فى موعد السكشن ، وذهبت قبل الموعد بساعة ، فوجدت أنه موعد سكشن الفرقة الرابعة ، دخلت قبل أن يبدأ السكشن ووقفت أتحدث مع بعض أصدقائى حتى دخل المعيد العيادة ، إنه زميل الحرب ، سعدت لرؤيته ثانية وهممت أن أسال صديقى عنه لكنه قال عبارة نزلت على أذنى كأنها صاعقة " يييييييييييه , فلان الفلانى – إسم المعيد- خلى بالك ياعبد الرحمن الراجل ده أرخم واحد فى القسم ، وأكتر واحد مؤذى ، وأكتر واحد مكروه ، حتى العاملات بيكروه جدا ، ده أنا فى يوم بكلم معاهم فجت سيرته ، قالو لى أعوذ بالله فلان الفلانى – إسم المعيد – ده عمل حادثة قبل كده وكان هيموت فيها بس مابيتعظش "
أخذت أستمع إلى كلماته وأنا فى حالة ذهول أو بمصطلح أدق "إسبهلال" ، حاولت ان أقنع نفسى أنه يتكلم عن شخص آخر ، فأشرت إلي هذا المعيد وسالت صديقى إن كان هو من يقصده ،فأجابنى بالايجاب ، أخذت عدة دقائق حتى أستفيق من هذه الصدمة ، الا أن صديقى الآخر فى الفرقة الرابعة أيضا لكنه فى سكشن آخر ، أتى فقط ليسلم علينا فوجدته يقول " ياساتر ، فلان الفلانى هنا طب خلاص عايزين منى حاجة بقى أنا ماشى قبل ما يخنق عليا "
سلمت عليهم ومشيت وأنا فى حالة من الكآبة الشديدة ، كيف لهذا أن يحدث ؟! كيف لهذا الوجه الطيب الوديع أن يكون هكذا ؟! كيف خُدعت فيه بهذه الصورة ؟! كيف لهذا الرجل الذى لم ألتفت حتى اليه عندما رأيته فى المواصلات أول مرة أن يكون بهذا الجبروت ؟! كيف يستطيع هو أن يعيش هكذا ؟! كيف يستطيع أن يتنقل بمنتهى السهولة بين شخصيتين متناقضيتين ، شخصية الرجل المهمش الذى يحارب من أجل الحصول على مقعد فى سيارة أجرة وشخصية الديكتاتور الذى يتخيل أنه الآمر الناهى فى مكانه ؟!
لا أعرف إجابات لتلك الأسئلة لكن كل ما أعرفه الآن أننى لا أريد التعرف عليه أبدا .

الخميس، 16 أكتوبر 2008

فى ليلة ممطرة ... قصة قصيرة


حاولت كثيرا أن اكتب شيئا جديدا ، تجمعت أفكار شتى فى عقلى ، لكنى لا أجد الوقت لأكتب مواضيع كاملة عنها ، كليتنا الموقرة حفظها الله ورعاها تعيش أسوأ فترة فى تاريخها ، فهى تعيش حالة من التخبط الإدارى الغير مسبوق ، فالكلية حتى لحظتنا هذه بلا مسئولين ، وكالعادة نصبح نحن الضحايا ، ونصبح نحن المسئولين عن دفع ثمن أخطاء الكبار ، منذ أن رجعنا الى الدراسة بعد أجازة العيد وأنا أذهب 6 أيام فى الأسبوع ، وأغادر فى الصبح الباكر يوميا ولا أرجع الا فى الظلام الدامس .... لذا فإنى أسالكم الدعوات ... وحتى لا أقصر فى حقكم أكثر من هذا فإنى أترككم مع قصة من قصصى التى أحبها جدا ، قصة كتبتها عندما كنت أملك بعضا من الوقت ....

*******************

فى ليلةٍ مُمْطِرَة



" إذا شهدت لصالحي في هذه القضية، سأزيد راتبك إلى الضعف بالإضافة إلى مكافأة قدرها عشرون ألف جنيه ، وان لم تفعل فاعتبر نفسك مفصولا , القرار قرارك ، وأعتقد يا بنى أنك ذكى بما فيه الكفاية لتعرف مصلحتك"
ظلت هذه الكلمات تتردد في ذهني وأنا ممسك بعجلة القيادة في طريق عودتي إلى البيت , كانت الساعة قد قاربت الواحدة بعد منتصف الليل من ليلة ممطرة شديدة البرودة، كان صوت قطرات المطر التي تنهال على السيارة أشبه بصوت الرصاصات، أغلقت الزجاج في محاولة يائسة لحماية نفسي من هذا البرد الشديد، أخذ عقلي يفكر في كلمات صاحب الشركة ، وكلمة "يفكر" ليست الكلمة الدقيقة لوصف ما كان يحدث ، فلقد كان عقلي عبارة عن معركة مبارزة بين عدوين يحمل كل واحد منهما قدرا من الكراهية للآخر لو مزج بماء البحر لمزجه ، أحدهما يريدني أن أرفض هذا العرض الشيطاني رفضا قاطعا ،وكأنه يصرخ في وجهي قائلا:"كيف تقبل بان تشهد زورا ؟! كيف تبيع أخراك بدنيا غيرك ؟! هل ستنجيك هذه الأموال من نار جهنم ؟!ماذا ستقول لربك عندما يسألك لم قبلت على نفسك الحرام ؟!أم انك يوم القيامة ستستغيث بهذا الذي ستعصى الله من أجله فينقذك من عذاب الله ؟!"،والآخر يريدني أن انتهز تلك الفرصة التي لا تأتى إلا مرة في العمر , وخصوصا اننى شاب في مقتبل حياتي ومقبل على زواج وفى أشد الحاجة لهذه النقود ، واننى بإمكانى أن استغفر الله بعدها ، والله غفور رحيم ، وطالما انه ليس شركا بالله فالله سيقبل استغفارى وتوبتى ، كانت المبارزة سجالا بين الطرفين , واحتدم القتال بينهما حتى شعرت بحرارة تغمر جسدى وبقطرات من العرق تنسال على وجنتى ، حاولت التركيز في القيادة حتى لا أصطدم بشيء في طريقى ، ملت بجسدى قليلا إلى الأمام حتى أستطيع رؤية الطريق بوضوح , كان الشارع خاليا من جميع أوجه الحياة ، حتى الفئران آثرت عدم الخروج في هذه الليلة ، كان الهدوء القاتل سيد الموقف ، في ذلك الوقت ،لمحت من بعيد خيالا أشبه بخيال البشر،بالتأكيد هو بشر ،ولكن قسوة البرد جعلتنى أشك فى ان يكون هناك أحد من البشر قادر على الوقوف في الشارع في مثل هذه الساعة ،اقتربت أكثر من الخيال حتى بدأت أستوضح معالمه، وحينها اتفق العدوان على هدنة قصيرة من القتال على أن يعودا إليه مرة أخرى بعد أن استيقظ من دهشتى ، فقد كان الخيال لامرأة شابة تقارب الثلاثين من عمرها ، مرسوم على وجهها علامات الهلع الشديد، تحمل طفلا على ذراعها الأيمن وتلوح لى بيدها اليسرى لكى أقف ، أوقفت السيارة وأنزلت الزجاج حتى أستطيع سماع ما تقوله
" أرجوك ياسيدى ، ابني مريض للغاية ، وأنا أقف منذ ما يقرب من نصف الساعة ولم تمر سيارة واحدة حتى الآن ، كما أننى لا أستطيع الاتصال بأحد لمساعدتى لان كل خطوط الهواتف مقطوعة وشبكة الهواتف النقالة معطلة بسبب المطر ، فهل من الممكن أن توصلنى إلى المستشفى العام " قالتها المرأة بلهجة أقرب إلى البكاء
"بالطبع ،تفضلى بالركوب " كان ردى فوريا، فالموضوع لا يحتمل التفكير كما أننى لم أكن أريد أن أعطى لهما الفرصة لينهيا هدنتهما ويعاودا القتال ، بالطبع أتحدث عن العدوين , انطلقت بالسيارة في اتجاه المستشفى والمرأة تجلس في الكرسى الخلفى ، وعلى الرغم من ان جسدها كان يرتعش إلا انها كانت تحتضن طفلها لتعطيه بعضا من الدفء الذي هى في أمس الحاجة اليه ،لكن ارتعاشها كان في ازدياد حتى خشيت بأن يحدث لها مكروه ، فقمت بخلع معطفى وأعطيته لها لتضعه على جسدها عسى أن يخفف من وطأة البرد على هذا الجسد الهزيل، أخذته بلا تردد مما أكد ظنونى حول انها كانت على وشك الاعياء، وصلنا إلى المستشفى ، فنزلت مسرعا وفتحت لها الباب ، أخذت منها الطفل حتى تستطيع النزول ، نزلت مسرعة وأخذته وانطلقت إلى داخل المستشفى ، دخلت ورائها ورأيت موظفة الاستقبال ترشدها إلى غرفة الفحص ، ذهبت المرأة إلى الغرفة بينما جلست أنا على أحد الكراسى الموضعة في مدخل المستشفى ،وقد قررت أن أبقى لبعض الوقت، لم أكن أعلم السبب لهذا القرار , هل لأنى لا أريد أن أعود إلى التفكير في موضوعى الكئيب مرة أخرى ؟ أم لأنى أريد الاطمئتان عليها وعلى ابنها ؟، المهم انى انتظرت حوالى نصف الساعة ، ثم ذهبت إلى موظفة الاستقبال وسالتها عن رقم الغرفة التي دخل فيها الطفل الذي قدم مع أمه منذ قليل ، فأعطتنى اياه ،صعدت مسرعا إلى الطابق الثانى واتجهت إلى الغرفة ،فوجدت الباب مفتوحا ،ووجدت الطفل ممددا على السرير وقد قام الاطباء بتوصيل محاليل له ، بينما تجلس أمه على كرسى بجواره ممسكة يده في رقة بالغة ، وعلى وجهها بدت علامات الارتياح .
"احمممم " أصدرت هذا الصوت لاجعلها تتنبه لوجودى
" ياإلهى ، أما زلت هنا ؟! لقد كنت مشغولة الآن بايجاد طريقة لاصل اليك لكى أشكرك، مالذى ابقاك حتى الآن في المستشفى؟" نطقت هذه العبارة في دهشة بالغة ممزوجة بأدب جم مع عينين يملأهما الامتنان
"فكرت في أنك قد تحتاجين شيئا ، فآثرت البقاء حتى أطمئن عليكما "
"انا لا أعرف كيف أشكرك ياسيدى , فأنا لا أجد الكلمات التي استطيع أن أعبر بها عن امتنانى لك"
"بل انا الذي اريد أن أشكرك شكرا عميقا " , كان ردى مباغتا لها فارتسمت الدهشة على وجهها قائلة
" أنت الذي تريد أن تشكرنى ؟! علام ؟!"
" لقد كنت في حالة اكتئاب شديدة ، وكان عقلي مشغولا بالتفكير حتى كدت أن أجن ,وحاولت ان أوقف هذا الصراع الدائر مرارا ، ولكنى فشلت ، ولم أخرج من هذه الحالة إلا عندما قابلتك وحدث ماحدث "
"هل لى بأن أسالك عن سبب هذا الصراع ، لعلى أستطيع ان أساعدك في التخلص منه ، فأكون بذلك قد رددت جزءا من الجميل الذي قدمته لى " قالتها وفى نبراتها جدية شديدة دفعتنى إلى ان أحكى لها كل تفاصيل القصة , من الألف إلى الياء ، كانت تسمعنى بإنصات شديد طوال حديثى وكانت بين الحين والآخر تبتسم ابتسامة خفيفة تحمل الكثير من المعانى التي لم أفهم معناها في ذلك الوقت ، انتهيت من حديثى وطلبت منها أن تتفضل وتدلى برأيها، قالت :
" سأحكى لك قصتى الشخصية التي فيها جزء كبير من التشابه مع قصتك هذه ،فاسمع منى عسى ان ينفعك الله بها وتكون سببا في حل مشكلتك.
كنت أعمل سكرتيرة في احدى شركات الاستثمارات الكبرى هنا في العاصمة , كنت أعيش حياة سعيدة أحمد الله عليها ، فقد أنعم الله على بزوج كان مثالا للمسلم الحقيقى ، فقد كان متدينا ،رقيقا ،بشوشا ، يحبه كل من يعرفه ، ورزقنى الله منه طفلا أضاف الكثير من الفرح والسعادة إلى حياتنا ، كانت رفيقاتى في العمل يحسدننى على حالى وعلى ما أنا فيه ، ولأن دوام الحال من المحال ، فقد ابتلانى الله عز وجل بابتلاء شديد قلب حياتي كلها رأسا على عقب ، فقد اختار الله زوجى لينتقل إلى الرفيق الاعلى اثر حادث أليم ، تمزق قلبى لفراقه حتى كدت أن أموت كمدا من الحزن عليه , ولكن ألهمنى الله الصبر ، فجعلت سلواى الوحيدة في اننى سالقاه في الجنة مرة ثانية ، وأخذت على عاتقى أن أربى طفلنا هذا تربية اسلامية حتى يصبح مثل أبيه، أخذت على نفسي عهدا بأن أكون له أما و أبا ، مرت الأيام وأنا على هذا العهد ، ولكن زاد ابتلاء الله لى ، فقد مررت بضائقة مالية شديدة ، فقد كان راتبى وراتب زوجى رحمه الله يكاد يكفينا ، وبعد وفاته أصبح راتبى وحده لا يكفى ، وفى يوم من الايام وجدت صاحب الشركة التي أعمل فيها يستدعينى ، دخلت عليه ، فطلب منى الجلوس ، وقال لى بأنه سيزيد راتبى ليصل إلى ثلاثة أضعاف راتبى حينها، وانه سيعطينى مكافأة قدرها عشرة آلاف جنيه ، تعجبت كثيرا وبدأت أرتاب من أسلوب كلامه معى ، فسالته عن المقابل لكل هذا ، فقال لى أنه معجب بى جدا منذ فترة طويلة وأنه يرانى أجمل امرأة رآها في حياته ، وكل مايريده منى ان أمضى معه ليلة واحدة مقابل هذه الثروة ، فرددت عليه بجملة واحدة ، قلت له : " ستجد ورقة استقالتى على مكتبى بالخارج " وتركته وانصرفت وأنا في حالة من الانهيار النفسى لما وصل اليه حال بنى البشر من الانحطاط , جلست في البيت بضعة أيام كل ماكنت أفعله هو البكاء والدعاء ، و كنت واثقة بان الله معى وانه لن يضيعنى ، تقدمت إلى العديد من الشركات التي تعمل في نفس مجال شركتى السابقة، لكنى قوبلت بالرفض من جميعها ، وضاقت على الارض بما رحبت ، حتى أتى فرج الله , فلقد قبلت شركة من كبرى الشركات الاجنبية بتوظيفى ، وهذه هى الشركة التي أعمل فيها الآن ، وراتبى الحالى أربعة أضعاف الراتب الذي كنت اتقاضاه في الشركة القديمة، وضعف مجموع راتبى القديم وراتب زوجى رحمه الله , وتوالت نعم الله على الواحدة تلو الاخرى , فلقد قرأت بعد بضعة أشهر من بداية عملى الجديد في إحدى الجرائد الحكومية ان صاحب الشركة الذي حاول إغوائى من قبل قد اتهم في قضية رشوة ، وتم الحكم عليه بسبع سنوات من السجن المشدد ، وقبل ان أختم قصتى ، أريد أن أعلمك بأنك كنت آخر ما أنعم الله به على ، فعندما كنت أقف الليلة أحمل طفلى بين يدى تحت المطر وفى هذا البرد الشديد ، رفعت نظرى للسماء ودعوت الله بان يغيثنى من هذا المأزق ، فإذا بى أراك قادما من بعيد ، وأنت تعلم بقية الحكاية ."
كنت أستمع إلى كلامها ومشاعرى بين مزيج من الدهشة والفرح والغضب و احتقار للنفس و امتنان للمرأة التي اعتبرتها حينها منقذتى التي ارسلها الله لى لترشدنى إلى الاختيار الصحيح ، ولتنقذنى من على حافة السقوط في قاع الذنب الذي قد لا أستطيع الخروج منه مرة ثانية ، شكرتها شكرا عميقا وأوضحت لها مدى امتنانى لكلامها ، وعرضت عليها أن أوصلها إلى أى مكان تريده ، فشكرتنى وأخبرتنى انها ستبيت الليلة هى وطفلها في المستشفى بناء على رغبة الطبيب ، القيت عليها السلام وشكرتها ثانية وودعتها ثم انصرفت إلى البيت.
في طريقى للعودة ،أخرج الطرف الذي كان يريدني أن أرفض العرض لسانه إلى عدوه معلنا انتصاره الساحق عليه ، بينما جلس الآخر محسورا على هزيمته المدوية، أمسكت بالهاتف واتصلت بصاحب الشركة ، جائنى صوت المجيب الآلى طالبا منى ترك الرسالة بعد سماع صوت الصافرة
"السلام عليكم ، انا عماد ياسيدى ، معذرة للاتصال في هذه الساعة المتاخرة ، أردت فقط إعلامك بانى مستقيل من العمل ، والله أسال أن يلهمك الصواب كما ألهمنى إياه الليلة ، السلام عليكم ".

تمت بحمد الله تعالى

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

هيا لنفرح



صحيح أننا فقدنا ضيفا عزيزا جدا على أنفسنا

وصحيح أن من الطبيعى أن نحزن لفراقه ، ونتألم لفقدانه

لكن حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نفرح

كان يعلم أننا سنشتاق

كان يعلم أننا سنحزن

كان يعلم أننا سنتضايق

كان يعلم أننا سنكتئب

لكنه أمرنا بالفرح ...

هو لا ينطق عن الهوى

هو أعلم بأنفسنا منا

هو أعلم بمصلحتنا

لذا فلنقل سمعا وطاعة

ولنفرح بضيفنا الجديد

ولنرسم إبتسامة على وجوهنا

إحياء لسنة حبيبنا

كل عام وأنتم بخير

جعله الله عيد خير وبشر وبركات

وتقبل الله منا ومنكم الطاعات

وتنزل علينا بالرحمات

وعفا عنا كل الذنوب والسيئات

وجعل لقائنا مع نبينا فى الجنات

اللهم آمين

الخميس، 25 سبتمبر 2008

إستراحة مسافر



أيامى التى مضت حملت لى كل أنواع المشاعر التى خلقها ربى ووضعها فى عباده ...

ضحكت و بكيت ...

فرحت و حزنت ...

صمدت و هويت ...

حلمت و غضبت ...

نجحت وفشلت ...

أحببت و كرهت ...

رضيت و امتعضت ...

تعبت و ارتحت ...

إستمتعت و مللت ...

شعرت أحيانا بأنى ملك ، وأحيانا أخرى بأنى عبد ...

شعرت أحيانى بأنى قائد حكيم أمسك بزمام الأمور بمنتهى الثقة ، وأحيانا أخرى شعرت بأنى طفل كل مايجيده فى الحياة هو الصراخ ...

شعرت أحيانا بأنى قادر على تحمل أى مصيبة برباطة جأش وصمود الأبطال ، وأحيانا أخرى كل ما كنت أحتاجه هو حضن أرتمى فيه وأبكى بكاء الأطفال ...

مررت بأيام كان صمتى فيها طويل ، وأيام أخرى كنت أمل من ثرثرتى التى لا تتوقف ...

شعرت ...

شعرت ...

شعرت ...

حسنا كفانى مشاعر...

فاالآن فقط أريد أن أضع رأسى على وسادتى وأنام بلا إضطراب أو قلق ...

أريد التوقف عن التفكير قليلا ...

فالآن فقط تأكدت أنى إنسان ...

الخميس، 11 سبتمبر 2008

من مِنـَّا على حق ؟!... قصة قصيرة



هائم ٌعلى وجهى أسيرُ فى الطرقات بلا هدف ، أتلفت من حولى أتفحص وجوه المارة فأجد الجميع يمشون بلا هدف مثلى، لم يعد يعنى الوقت لى شيئا ، النهار أصبح كالليل ، الفرق بينهما هو لون السماء التى لم أنظر لها منذ وقت بعيد ، فعيناى لم تعد تجرأ على النظر لأعلى ، أخذت كلمات أمى تترد فى أذناى " يابنى الدنيا ليست بهذا السوء ، صدقنى إنها لا تزال بخير " أخذت الكلمات تكرر نفسها على مسمعى ، حتى كدت أن أقتنع ، لكن سيارة مسرعة مرت من جانبى فأغرقتنى ببحر من المياه كانت سببا كفيلا بعزوفى عن الاقتناع بكلامها ، فكرت كثيرا فى كل شيء حتى أصبح التفكير مهنتى ، بالطبع هو كذلك لأنى عاطل عن العمل ، عشرون عاما من الدراسة ذهبوا هباءا ، عشرون عاما من المذاكرة والامتحانات والسهر والحرمان من متع الحياة ضاعوا بلا ثمن . كانت أمى دائما تبشرنى بأنى سأصبح ذا شأن كبير فى يوم من الأيام ، مسكينة هى أمى ، دائما ترى الحياة وردية .
أخذت أسير بلا عقلى ، فقدمى تعرف طريقها دون أن أفكر فيه ، وصلت الى المكان المنشود ، انها الحديقة التى شهدت مراحل تطورى أو إذا تحرينا الدقة فلنقل مراحل تخلفى ، جلست على مقعدى المفضل ، وبدأت فى العمل ، أقصد بدأت فى التفكير ، أخذت أندب حظى العاثر تارة ، وأسترجع كلام أمى تارة ، قلت فى نفسى لعلها محقة ، هى دوما ًمُحقة فى كل شيء ، وأنا دوما ًمخطئ فى كل شئ ، فلم أرفض الاقتناع بكلامها فى تلك النقطة بالذات؟ ربما لأنى كنت الأول على دفعتى لكن التعيين ذهب لأبناء الأساتذة ، ربما لأنى طردت من عملى بلا سبب ، ربما لأنى حتى الآن لا أستطيع مجرد التفكير فى أن أكمل نصف دينى ، ومن هى المجنونة التى تقبل بى زوجا ، ربما ... ، ربما ... ، ربما ... ، أخذت الذكريات السيئة تتوارد تباعا إلى أن إستطاعت دمعة أن تفك الحصار الذى كنت أحاول فرضه عليهم ، فانهمر سيل الدموع يُلطف بعضا من نيران قلبى المتأججة ، فقدت حينها الاحساس بالزمان والمكان ، واستمرت نوبة البكاء مايزيد عن الدقائق العشر ، وفجأة أحسست بيد تربت على كتفى ، استدرت فإذا رجل فى العقد الخامس من عمره يبتسم لى ابتسامة رقيقة و
- مابك يابنى ؟
- لا شيئ عمى
- كل هذه الدموع ولا شيء ، أنا أتابعك من بداية قدومك ، ومن خبرتى فى الحياة أؤكد لك أن هناك أشياء تثقل كاهلك ، فلا تتدعى انك بخير
لم أجد مفرا من أن أحكى له بعضا من همومى ، لعلى بذلك أستريح بعض الشيء ، أخذت أسرد له قصص فشلى فى الحياة ، ومواقف الظلم التى تعرضت لها ، حكيت له عن نظرتى السوداوية للحياة ، ونصيحة أمى التى لا أستطيع الإقتناع بها ، حكيت له كل شيء والرجل ينصت لكلامى وكأنه تحول الى تمثال شمع بلا حياة ، لكنه بين كل حين وحين يضع يده على كتفى ، لا أعلم ، ليواسينى أم ليعلمنى أنه مازال على قيد الحياة .
- كل ماقلته يابنى كفيل بأن يدمر أى أحد ، لكنى أرى أمك محقة فى كلامها ، فالظلم مهما تفشى فى الارض ،يظل الخير موجودا ولو قليل ، دع عنك هذا اليأس و حاول ان تثبت لنفسك أنها أخطأت بشدة فى حقك حينما أقنعتك أن الدنيا سوداء بلا أبيض ، ولتعلم أن وراء كل قصة نجاح مئات التجارب الفاشلة ، أتركك يابنى الان ، ولتعلم أنى واثق أنك ستشق طريق النجاح بنفسك .
- شكرا جزيلا عمى على اهتمامك ونصيحتك ، سأعمل بها بإذن الله .
انصرف كل منا إلى حاله ، وأنا فى طريقى الى البيت استرجعت شريط ما حدث ، فتنهدت تنهيدة المستسلم ، فأمى أيضا على حق هذه المرة ، فهذا الرجل دليل على أن الدنيا لا تزال بخير وليست كما أراها ، فاهتمامه وإنصاته ونصيحته تؤكد أن الخير مازال موجو...........
توقفت عن التفكير فجأة ، وتسمرت يدى فى جيبى ، وجحظت عيناى من هول المفاجأة ، لقد سُرق الهاتف ، وبرد فعل طبيعى وضعت يدى على جيبى الخلفي ، تبا ُ ، المحفظة أيضا سرقت .
الآن فقط عرفت سر اهتمام الرجل ، والآن فقط ولأول مرة أنا على حق وأمى مخطئة .
تمت بحمد الله تعالى

الأحد، 31 أغسطس 2008

جنون ٌ وجنون ... فما الفرق ؟!


الموضوع كله يحكى عن تصورات ، فاطلق لعقلك العنان واجعله يتصور ماسأقصه عليك ، ثم أطلب منه فى النهاية أن ياتيك برأيه فيما تصوره .
***********
تصور لو أنك ذهبت الى حفل ضخم يحتفل فيه الناس بانتشار التدين وخصوصا الحجاب بين المسلمين ، ثم وجدت أن كل من بالحفل متبرجات ، كما وأن الحفل يضم فى برنامجه فقرة رقص شرقى ، كما يوزع على الحضورخمرة كتحية لهم ، والمناسبة كما ذكرت هى احتفال بانتشار التدين والحجاب .
**********
تصور لو أن هناك بلد تحتفل بعلمائها وأبطالها وأصحاب الانجازات فيها حتى أنها تحتفل بمغنيها وفنانيها ، بأن تكافئ كل من يحقق إنجازا بعشرة أعوام من السجن ، يرى فيه اصناف التعذيب والاهانة ، وهم مؤمنون بأن هذه الطريقة هى أنسب شيئ لإستقبال هذا البطل وللتعبير عن مدى فخر بلده به .
**********
تصور لو أن هناك بعضا من الأبناء يحتفلون بأمهم فى عيد الأم بأن يوسعوها ضربا وشتما وسخرية ، وعندما تسالهم عما يصنعون ، يجيبونك بأنهم يحبون أمهم جدا الى درجة العشق ومايفعلونه بها ماهو الا تعبيرا عن عشقهم وحبهم لها .
**********
تصور لو أن هناك بعضا من الأخوة ذهبوا لإستقبال أخ لهم فى المطار ، بعد غيبة دامت أعواما وأعوام ، وهم فى أشد الشوق له ، ثم عندما رأوه انهالوا عليه صفعا وضربا ، وهم مؤمنون بأنهم بذلك يظهرون له شوقهم وحبهم له .
**********
أعتقد أن عقلك وبلا ترددك يجيبك ماهذا الجنون ؟ حتى أن الجنون لا يكفى لأن يوصف به هؤلاء . ماهذا التناقض العجيب . وهل يوجد فى العالم من يملك هذا الفكر المتخلف . مستحيل أن يوجد مثل هؤلاء فى تاريخ البشرية كلها ..
أجيبك أنا بألا تتسرع فى كلامك وإقرأ ماسيأتى فى كلامى عسى أن تغير من رأيك .
*********
تصور أن هناك مسلمين يحتفلون بقدوم شهر رمضان ، الشهر الذى أنزله الله ليكون شهرا للعبادة ، أى ان مناسبة الاحتفال به هى العبادة ، بان يقوموا بعمل عدد من المسلسلات لا يساوي نصفه حتى عدد المسلسلات فى العام كله ، وبالطبع المسلسلات كلها تبرج وأفكار تافهة ، ومواضيع تشعرك بالغثيان .... كل هذا احتفال بشهر العبادة
*********
تصور أن هناك مسلمين يحتفلون برمضان ، بشيئ اسمه "الخيم الرمضانية" ، وأقسم بالله أنها نسبت الى رمضان ظلما وبهتانا ، إنما هى "الخيم الشيطانية ". الخيمة يتم فيها تقديم الشيشة والمشروبات وبالطبع كل من فيها يدخنون ، كما وأن بها مغنيين يقدمون فقراتهم ، بالطبع كل هذا احتفالا بقدوم رمضان شهر العبادة والقرآن .
*********
تصور أن هناك قنوات فضائية تطلق شعارات مثل "رمضان يجمعنا" ، و " رمضان يقربنا " . كإعلان عن المسلسلات التى ستأتى ، بالطبع رمضان يجمعنا ، لكنه أنزل ليجمعنا على الطاعات لا على المسلسلات
*********
تصور أن هناك مسلمين لا يمثل لهم شهر رمضان الا أصنافا من المأكولات والمشروبات ، لا يمثل لهم الا الكنافة والقطايف ، فقط هذا هو رمضان بالنسبة لهم ، هذا هو الفارق الوحيد بينه وبين شهور السنة .
*********
إذا كان عقلك قد استنكر ما وصفته لك فى بداية الموضوع ، فما الفرق بينه وبين ماذكرته بعدها ، ما الفرق بين من يضرب أمه ليحتفل بها ، وبين من يتابع المسلسلات احتفالا برمضان ؟! ، مالفرق بين من يضرب أخيه ليعبر له عن شوقه له وبين من يذهب الى الخيم الشيطانية احتفالا بشهر القرآن ؟! ، مالفرق بين من يكافئ عالما بأن يسجنه تعبيرا له عن فخره به ، وبين من يمثل له رمضان شهر الطعام ؟ !
لاأرى أى فارق يذكر ، سوى أننا لم نرى الصنف الأول بينما ألفنا وتعودنا على الصنف الثانى ...
*********
هاقد اتى رمضان ، فهل سنتركه يضيع منا ككل عام ، هل سنخرج منه صفر اليدين ككل عام ، هل سنظل نضيع رمضاناتنا عاما بعد عام حتى ننزل الى قبورنا فنلعن كل من كان سببا فى ضياعه منا . إذا كان رمضان يضيع منا كل عام ، فهلا غيرنا من أنفسنا هذا العام عسى الله أن يعتقنا من النار فيه . أكثر شيئ يضيع منا رمضان هو التلفاز ، اعتقد أنه لا خلاف على ذلك . حسنا ، سأطبق هذا العام المثل الذى يقول " يانحلة لا تقرصينى ولا عايز منك عسل " . سأقاطع التلفاز نهائيا فى رمضان ، سأقاطعه بحلوه ومره ، سأقاطعه بمسلسلاته وبرامجه الدينية . كل عام أعاهد نفسى انى لن أشاهد الا عمرو خالد ومعز ومصطفى ، الا ان الموضوع لم يتوقف مرة واحدة عند هؤلاء الثلاثة ، الموضوع يمتد فيشمل بعضا من المسلسلات حتى يضيع الشهر كله . أنا أعلم أهل الارض بنفسى ، وأعلم أن بعض التفاهات تستهويها ، حسنا سأقطع عليها كل السبل لذلك ، لن أتركها تسيطر على هذا العام ، سأكون أنا صاحب الكلمة الآن .

بالطبع سأفتقد كل هذا ، لكن لكى تصل الى هناك لابد من بعض التضحيات . عسى الله أن يجعل صدق نيتى فى هذا سببا فى عتقى من النار فى رمضان هذا العام .
سيمر رمضان سريعا ويتحول كما تحول غيره الى ذكريات ، لكن عند الله لا يكون هكذا ، انما يكون رمضان عتق أو رمضان خسران .
أسأل الله لى ولكم القبول ، وأن يعتقنا من النار
اللهم آمين
دمتم بالف خير ، ورمضان كريم .

الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

السؤال المحيـِّر؟!



تقريبا انتهت الأجازة الصيفية ، انتهت بحلوها ومرها ، بنجاحاتها وإخفاقاتها ، بإيجابياتها وسلبياتها ، إلا أنها كانت بالنسبة لى أغرب اجازة مرت على حتى الآن ، شعور بالكآبة كان هو المسيطر على معظم أيامها ، صحيح أنه كانت هناك لحظات سعيدة لكن الغلبة كانت للكآبة ، طوال حياتى معروف أنى أعشق الخروج مع أصدقائى ، وأكره وبشدة الجلوس فى البيت ، لكن هذا الحال تغير تماما هذه الاجازة ، لم أخرج مع أصدقائى سوى خمس مرات كحد أقصى ، سؤال محير فرض نفسه وبقوة فأمضيت الأجازة أبحث عن الجواب ، السؤال هو ماسبب تلك الكآبة ؟ ، جمعت بعضا من الاسباب والتى من ضمنها هو انى كلما خرجت أجد وجوه الناس قد تغيرت عن سابق عهدى بها ، أكاد أقسم أن الجميع يحدثون أنفسهم وهم يمشون ، أشعر أن كل واحد منهم لديه من الهموم مايكفى أن تحملها أمة بأكملها لا فرد واحد ، نظرة واحدة منى لهم تزيد الشعور بالضيق داخلى ، الكل أيضا أصبح يمشى يتلفت حوله باحثا عن سبب للشجار ، صعود رجل مسن ببطأ الى الميكروباص أصبح سببا كافيا جدا للسائق لكى يسب ويلعن ، إصطدامك بكتف شخص أصبح سببا مقنعا جدا له لكى يسمعك وابلا من الصياح والصراخ والشتائم التى لن تفلح معها ولا ألف كلمة آسف كى يتوقف ، الكل أصبح قنابل موقوتة تمشى على رجلين .
وبعيدا عن الأشخاص ، البلدة نفسها أصبحت غريبة ، الشوراع فجأة وبلا مقدمات تحولت من طرق ممهدة الى طرق جبلية أو صخرية ، الصرف الصحى يغرق الشوارع وكانه نهر آخر وجد لينافس نهر النيل فى طوله وكمية مائه .... أسباب كلها تجعلك وبلا تردد تؤمن أن أفضل حل هو أن تجلس فى البيت .
قضيت الأجازة كلها أبحث عن الإجابات ، حتى أتى يوم الخميس الماضى ، حينها رأيت بعينى سر الكآبة متجسدا ، كنت فى طنطا ، أنهيت الكورس وذهبت الى الموقف ، لم أكن صليت العصر بعد ، فدخلت الى مسجد الموقف لأصلى قبل أن أسافر ، خرجت من المسجد فإذا بالناس مجتمعين ، وصوت جلبة شديدة لم أتبين فى البداية مصدرها إلى أن اقتربت من التجمع ، عسكرى ممسك بشاب بطريقة لا تجعله يتحرك إطلاقا ، وأمين شرطة يفتشه الى أن وجد فى بنطاله سكين ، الشاب واضح عليه أنه من بيئة شعبية حاله كحال معظم الشباب الذين يعملون فى الورش ، أعتقد أن جميع من يطلق عليهم "الصنايعية " يحملون معهم سلاح ما سواء كان مطواة أو موس أو سكين ، المهم أن أمين الشرطة قام بوضع القيود فى يده ، ثم إنهال على وجهه بصفعة يسمع صوتها من هو على بعد خمسين مترا وبلا مبالغة ، واطلق الشاب صرخة وأخذ فى التوسل لأمين الشرطة مخبرا إياه بأن يده مكسورة ، الا أن أمين الشرطة رد عليه " مش انت بتقولى موتنى أنا بقى هموتك " ، ثم إنهال عليه بصفعة أخرى أقوى من سابقتها ، واستمر فى ضربه حتى وصل عدد الصفعات الى أكثر من عشرين صفعة ، ثم ضربه بقدمه فى بطنه ، طبعا كل هذا والشاب يصرخ صراخا عنيفا ، والعسكرى الممسك به مبتسم إبتسامة متخلف عقلى فى مستشفى المجانين ، طبعا كل هذا يحدث وجموع من البشر تقف تشاهد ، ولا يوجد أى شخص من المشاهدين يعرف حتى الذنب الذى إقترفه هذا الشاب ، المهم بعد هذا الفصل الحيوانى من الضرب ، امسكوه من قفاه وأخذوه وانصرفوا ، ظننت انهم إصطحبوه الى المركز ، فانصرفت وركبت الميكروباص ، يشاء الله أن أجلس فى المقعد الخلفى ، نظرت من النافذة ، فإذا بأمين الشرطة هذا أخذ الشاب الى مكان خلف السيارات ، وكانت الرؤية واضحة جدا من المكان الذى كنت جالسا فيه ، واليك الصورة التى رأيتها ، الشاب جالس على رجليه ويده أمامه مكبلة بالقيود فى مظهر شديد الشبه بإخواننا فى فلسطين عندما يعتقلون ، وأمين الشرطة واقف وممسك بيده عصا سوداء و التى نراها دوما مع جنود الآمن المركزى ، ثم نزل بالعصا على عظام الشاب يشبعه ضربا اكاد أقسم أن كل ضربة منها تكسر معها عظمة أو ضلعا ، والشاب يتلوى ويصرخ كمن يسرى فى جسده تيار كهربائى ، كل هذا يحدث على مرأى ومسمع من الناس ، وكانها رسالة الى الجميع ، مفادها أنهم لا يهمهم أحد ، أنظروا إلينا نوشك أن نقتل مواطنا أمامكم ، أخرجت الموبايل فى محاولة منى لتصوير مايحدث الا ان الله لم يقدر هذا فقد انطلقت بنا السيارة ، فلم أفلح فى التصوير.
قضيت الأجازة كلها أبحث عن إجابة لسؤالى المحير ماسبب كآبتى هذه ؟ الا أننى بعد هذا الموقف إكتشفت أننى طوال الوقت كنت أبحث عن إجابات للسؤال الخاطئ ، السؤال المحير الحقيقى هو
كيف لأى مواطن مصرى ألا يكون مكتئبا ؟!
ألا لعنة الله على الظالمين

السبت، 9 أغسطس 2008

نظامٌ ربانىٌ متفرد



كإنسان مسلم أفتخر دوما بإسلامى ، وأؤمن بأنه دين الحق الذى انزله الله عز وجل ليكون ختام الرسالات ، وأن غيره من الأديان ولى زمنه وانتهت صلاحيته بمجرد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، لذا فإنى أجد ذهنى يشرد أحيانا فى هذه الأديان ، أفكر فى أشياء كثيرة فيها ، اتخيل نفسى أننى لست مسلما ، الا أننى عادة بعد قليل من الشرود أجد نفسى أحمد الله عز وجل على نعمته على أن يسر لى أن أولد فى بيت مسلم فى مجتمع مسلم فى دولة مسلمة ، بالطبع أنا لست بصدد الحديث عن الأديان او المقارنة بينهم ، إلا أن هناك شيئا واحدا هو الذى يسيطر على عقلى كلما فكرت بهذه الطريقة .
فأنا لا أستطيع تخيل أن يكون اليوم فى حياة الانسان عبارة عن جزء واحد ، لا شيء يقسمه الى أجزاء ، لا أستطيع أن أتخيل ألا يبدأ يومى بصلاة الفجر ثم يمر عدد من الساعات حتى تأتى صلاة الظهر ، ثم من بعدها صلاة العصر تعقبها صلاة المغرب ثم ينتهى اليوم بصلاة العشاء .
حقيقة لا أدرى كيف سأعيش فى يومى ان كان عبارة عن عدد من الساعات المتواصلة بلا شيء يفصل بعضها عن بعض ، لا أستطيع حتى تقبل فكرة أن لا فرق بين شروق الشمس وغروبها ، لا فرق بين أول اليوم وآخره ، كيف يصبح الفرق بين كل هذه الاوقات هو رقم نطلقه عليه ، فشروق الشمس نطلق عليه السادسة صباحا مثلا وغروبها نسميه السادسة مساءا ، كيف يصبح الفرق بين النهار عندما تكون فيه الشمس عمودية على الأرض وبين الليل الحالك الظلمة مجرد أن الأول اسمه الساعة الواحدة مساءا والآخر إسمه الواحدة صباحا .
ألا ترى معى أننا فى نعمة تستوجب الشكر ، مع أننا غافلون عنها تماما، ألا ترى أن الله عز وجل أنزل لك نظاما رائعا تستطيع أن تنظم به وقتك وحياتك ، فالله عز وجل قسم لك اليوم الى خمسة أجزاء كل جزء يبدأ بصلاة وينتهى بصلاة ، فأصبح بإمكانك توزيع المهام التى تود إنجازها على هذه الأجزاء ، وأصبح بمقدورك أن تفصل بين عمل وعمل بصلاتك فتصبح حياتك كلها موصولة بالله فلا تغفل عنه لحظة . إنه نظام ربانى متفرد يربط الدنيا بالدين ، فتجد نفسك فى سكينة وراحة نفسية فى كل لحظات حياتك ، تعود عليك بمزيد من السعادة مع مزيد من التميز والتفوق .
تستطيع بذاك النظام أن تبدأ حتى استمتاعك فى الدنيا بطاعة الله عز وجل ، فأنا عندما أخرج مع أصدقائى ، لا أتفق معهم على موعد بالساعة ، وانما نتفق على ان نتقابل فى صلاة العشاء فى أحد المساجد ، وبعد االصلاة ننطلق الى خروجتنا ، عندما نكون فى المصيف نرتب برنامجنا على حسب الصلوات ، فنحدد مثلا نزول البحر بعد صلاة الفجر أو العصر ، وتناول الطعام قبل العصر ، والخروج يكون بعد صلاة العشاء وهكذا .
فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه ، ملأ السماوات والرض ومابينهما
اللهم أعنا دوما على تطبيق شريعتك ، وإهدى ياربنا غير المسلمين الى الإسلام إنك ولى ذلك والقادر عليه .
اللهم آمين

الأحد، 3 أغسطس 2008

ماشربتش من نيلها؟!

بعد عودتى اليوم الى المنزل أخبرنى والدى أن عمال صيانة فلتر المياه سيأتوا بعد قليل وأن على الوقوف معهم ، وصل العمال فأدخلتهم الى المطبخ وبدأوا فى الصيانة وانا أقف أشاهدهم .
سأعطيك فكرة ملخصة عن فلتر المياه ان لم تكن لديك خلفية عنه ، فهو يتكون من خمس مراحل حيث تأتى المياه اليه من صنبور المياه العادى الذى يشرب منه معظم المصريين ، ثم تدخل هذه المياه المرحلة الاولى وهى عبارة عن وعاء يشبه فلتر الوحدة الواحدة وفيه يتم التنقية الاولية للمياه ، وأرجو ان تضع مائة خط تحت كلمة التنقية الأولية ، أى ان المياه التى تخرج من هذه المرحلة لم يتم تنقيتها بعد ، تدخل هذه المياه عبوة ثانية ، ويتم معالجتها بتقنية معينة ثم تدخل عبوة ثالثة ، ثم تنتقل بعد ذلك الى المرحلة الرابعة التى تكون فيها تنقية المياه أوشكت على الانتهاء ، ثم تأتى المرحلة الخامسة والأخيرة وهى عبارة عن مرور المياه على لمبة آشعة فوق بنفسجية ، تعمل هذه الاشعة على قتل القيروسات المتبقية ، وحينها تكون هذه المياه صالحة للاستخدام الآدمى .
كل تلك المراحل التى ذكرتها ، الهدف من ورائها هو جعل مياهنا صالحة للاستخدام الأدمى ، أخذت أتابع عامل الصيانة وهو يقوم بتغيير محتويات الفلتر واستبدالها بأخرى جديدة ، لكنى صعقت من هول مارأيت ، فعندما أخرج الرجل قلب العبوة الاولى التى يتم فيها التنقية الأولية التى حتى بعد خروج المياه منها تكون ليست صالحة للاستخدام الادمى بعد .
قررت أن أكتب عما رأيت الا أننى وضعت الجديدة بجوار القديمة وفضلت أن أجعل الصورة هى التى تتحدث ، واترك كلا منكم يعبر عما يشعر به عندما يرى هذه الصورة



حسنا ، أعتقد أن علي الآن أن ارد على الأغنية الشهيرة " ما شربتش من نيلها " ، فأقول " شربت ، وحسبى الله ونعم الوكيل "
عافانا الله وإياكم ، وكان الله للفقراء ، ولعن الله الظالمين .
اللهم آمين

الثلاثاء، 29 يوليو 2008

عم جابر


منذ أسبوع مضى ، ذهبت مع بعض أصدقائى الى حفل زفاف أخت صديقنا عماد ، بارك الله لها ولزوجها وبارك عليهما وجمع بينهما فى خير ، كان الحفل فى مدينة طنطا ، واستمر حتى ساعة متأخرة من الليل ، مما اضطرنا الى ان نستأذن عماد فى السماح لنا بالمغادرة قبل انتهاء الحفل ، غادرنا متجهين الى الموقف ، وفوجئنا بأن الموقف خالى تماما من السيارت سوى من سيارة واحدة ، سألنا السائق عن وجهته فأخبرنا انه متجه الى زفتى . وكما يقول المثل " نص العمى ولا العمى كله " ، ركبنا السيارة وجلسنا فى المقعد الخلفى والذى يسبقه وجلسنا ننتظر الركاب، بعد مرور حوالى ربع الساعة ، امتلأت السيارة عن آخرها ، وانطلقنا ، كان معظم ركاب السيارة متجهين الى قرى قبل زفتى بكثير ، ماعدا رجل واحد كانت وجهته الى زفتى مثلنا ، وعرفنا بعدها أنه من بلدنا ، هذا الرجل إسمه عم جابر .
عم جابر رجل متوسط القامة ، ذو صوت أجش ، مظهره ليس بالجيد إطلاقا ، فقد عرفنا منه أنه صاحب ورشة ، باختصار رجل إذا شاهدته فى الشارع لن يلفت انتباهك إطلاقا ، وأعتقد أن انطباعى الاول عنه أنه رجل جاهل لا يستخدم عقله الا نادرا ، فعادة أصحاب الورش يحكمون مبدأ الذراع فى كل شيئ فى الحياة ، وأكد انطباعى هذا نبرة صوته التى يشوبها بعض الحشرجة ، وطريقة كلامه التى تشبه بعض الشيئ طريقة اللمبى ، لدرجة اننى كنت أكتم ضحكات كانت ترجونى ان أطلق لها العنان لتخرج ، واستمريت انا واصدقائى فى النظر لبعضنا البعض متحدثين بلغة العيون حتى لا نسبب لانفسنا المشاكل ، المهم ان ركاب السيارة بدأوا فى النزول فى الطريق الواحد تلو الآخر ، حتى أصبحنا نحن وعم جابر فقط فى السيارة ، وهنا بدأ الحوار بيننا وبينه ، وبدأ الانطباع الاولى يتغير شيئا فشيئا ، كانت بداية الحوار سؤاله لنا أين كنا؟ فأخبرناه عن قصتنا ، فأخبرنا أنه لديه أولاد فى مثل عمرنا وهم متعلمون ويذهبون الى الافراح أيضا ، أطلقت ضحكة قصيرة ، فأنا لا أفهم ماعلاقة التعليم بالذهاب الى الافراح ، المهم أننا تحدثنا فى حوارات كثيرة ، وفوجئت شخصيا بهذا الرجل وطريقة تفكيره ورؤيته لكل ما يحدث حولنا ، وفكره المنظم الراقى ، كلما طرحنا موضوعا وجدناه يحدثنا فيه ، أيا كانت نوعية هذا الموضوع ، صحيح ان طريقة كلامه كانت تفسد علينا بعضا من الاستمتاع بالحديث ، الا اننا مع الوقت تعودنا عليها ، استمرينا فى الحديث حتى وصلنا الى زفتى ونزلنا من السيارة ومشينا وعم جابر يرافقنا ، وهو لايكف عن الحديث ، وأخذ يحكى لنا بعضا من القصص التى حدثت معه أو مع أبنائه ، واستمر الحديث المشوق الى ان وصلنا الى بلدنا ، حينها اكتشفت ان طريق الرجل الى بيته هو نفس طريقى ، بينما طريق أصدقائى مختلف عنا ، فسلمت عليهم وودعتهم ، ومشيت أنا وعم جابر وحدنا ، وهنا بدأ يحدثنى عن الطريقة التى ربى بها أبنائه
يقول لى أنه عندما كان أبناؤه صغار كان يأخذهم فى الأجازة معه الورشة ، يعلمهم الصنعة ، ويقسو عليهم قسوة شديدة ، حتى يجعل الورشة أشبه بالجحيم بالنسبة اليهم ، سألته لكن لماذا ؟ قال لى لسببين ، السبب الاول هو انه عندما تبدأ الدراسة أقول لهم أيهما أفضل الدراسة أما ما ترونه فى الورشة ، فنجحت بذلك أن أحببهم فى الورقة والقلم لانهم كانوا يرونه أهون بكثير مما يواجهونه فى جحيم الأجازة ، السبب الثانى هو ان أعلمهم الصنعة حتى إذا تخرجوا من كلياتهم ولم يقدر الله لهم فرصة عمل فى مجالهم ، يكونوا أصحاب صنعة تغنيهم عن البطالة والسؤال ، الى ان ييسر الله لهم الحال ويجدوا عمل يناسب مجالهم
سألته إن كان قد نجح فى مخططه هذا ، فأخبرنى أنه لديه ابن مهندس وبنت محامية وابن تخرج من كلية الحاسبات والمعلومات ، وان ابنه المهندس لم يجد حتى الان فرصة عمل الا انه يعمل معه فى الورشة الى ان ييسر الله له .
ثم أخبرنى عن شيئ آخر فى تربيته لابنائه ، وهى أنه أخذ ابنائه الى النادى الرياضى ، وجعلهم يشاهدون كل الالعاب التى تلعب ويختاروا اللعبة التى يحبونها ، ثم يشترك لهم فى النادى ويجعلهم يمارسونها لانها هى الطريقة الوحيدة التى ستحميهم من التدخين والادمان والانحراف عموما ، وهو الان لديه ابن حاصل على بطولة الجمهورية فى الكونغ فو ، وأخذ جائزة أحسن لاعب فى مصر فى هذه اللعبة .
أما الشيء الثالث الذى أخبرنى إياه ، هوأنه كان حريصا على ان يصاحب ابنائه منذ صغرهم ، حتى أصبح صديقا لهم قبل أن يكون أبا لهم ، وهو يعرف كل أصدقائهم ، وعندما يقع أى من أبنائه فى مشكلة ، فإن أول من يخبرونه بها هو والدهم .
وحينها ، وصلت الى منزلى ، فاضطررت الى انهاء هذا الحديث الشيق ، وسلمت عليه مخبرا إياه بكم سعادتى بتعرفى عليه ،وصعدت الى البيت وانا أردد فى ذهنى

" إياك أن تحكم على أحد من مظهره ثانية "

الجمعة، 25 يوليو 2008

تاج 2 & 3


وصلنى تاجين من أختى الفاضلة سمسم ... مدونة بحبك يامصر فشكرا جزيلا لها ، أترككم مع الإجابات

التاج الاول


اول سؤال:من انت؟
مسلم عربى مصرى وأفتخر


تانى سؤال:بطاقتى الشخصية
الاسم : عبدالرحمن
المهنة :رايح تالتة طب أسنان جامعة طنطا
تاريخ الميلاد : 5-1-1989
محل الاقامة : ميت غمر ، محافظة الدقهلية
الديانة : مسلم
الحالة الاجتماعية : أعزب


تالت سؤال :ماهى احلامك؟
أحلامى كتيرة جدا ، ومش هقدر أكتبها كلها ، لان فى شوية منها أسرار خاصة جدا ، لكن بعض أحلامى هى
1- انى أكون طبيب أسنان مسلم ناجح جدا ومتميز جدا ومشهور جدا ، مش عشان الشهرة بس عشان أكون صورة كويسة للاسلام
2- انى انجح كأديب سواء كشاعر أو ككاتب قصص قصيرة ، وان كنت أنا شايف ان انا بكتب قصص أحسن من الشعر، وإنى أقدر من خلال كتاباتى انى أوصل رسالة هادفة للناس
3- انى أسافر معظم الدول الاوروبية وعلى رأسها فرنسا ، إيطاليا ، إنجلترا ، النمسا ، أسبانيا .. وبالذات أسبانيا دى عشان أشوف آثار أجدادنا العظماء فى الاندلس ، وكمان تركيا
4- انى أتجوز بدرى ، وربنا يرزقنى بالزوجة الصالحة اللى تعيننى على رسالتى ويكون عندها إستعداد كبير جدا جدا للتضحية ، لأنى ماعتقدش ان الطريق اللى انا اخترته هيكون سهل خالص ، وإن ربنا يرزقنى أنا وهى أولاد نربيهم تربية إسلامية ، ويكونوا شخصيات عظيمة لما يكبروا
5- بحلم انى أكون سبب من أسباب تقدم مصر ، لانى بجد زعلان عليها جدا ، ونفسى أعمل أى حاجة عشان أخرجها من الحفرة اللى هى واقعة فيه دى ومافيش حد عارف يخرجها


رابع سؤال:من اقرب شخص ليك؟
كلمة أقرب شخص ليا دى كلمة واسعة جدا ، يعنى أنا معرفش معناها ايه بالظبط ، بس لو معناها اللى بحكيله أسرارى وهمومى ، فمافيش حد بحكيله أسرارى خالص ، لانى كتوم جدا ، أما لو معناها اللى بحب أقعد معاه وأكلم معاه وببقى مستمتع جدا وانا بدردش معاه ، فالاجابة هتبقى والدى ربنا يكرمه ، مع إنى مابشوفهوش كتير عشان مسئولياته الكتيرة جدا ، لكن ببقى فى منتهى السعادة لما بقعد معاه ويقعد يحكيله على ذكرياته وهو صغير أوهو فى الجامعة أو ذكرياته فى شغله ، بجد بحس ان انا فى نعمة كبيرة جدا ، ربنا يباركلنا فيه يارب ويعينه على مسئولياته ، اللهم آمين

*************
التاج الثانى


اول سؤال:اية معنى السعادة من وجهة نظرك؟ حاسس انك سعيد ؟
معنى السعادة فى وجهة نظرى هى الحاجة اللى احنا هنحسها واحنا فى الجنة ، بس ربنا بيدوقنا حاجات بسيطة منها فى الدنيا عشان نبقى مشتاقين أوى للجنة
أما سؤال حاسس ان انا سعيد ، فأنا دقت من السعادة اللى ربنا بيدوقهالنا ، لكن بالتأكيد مش سعيد طول الوقت ولا حتى وقت كبير ، لان زى ماقلت ده مش هيحصل غير فى الجنة

تانى سؤال:امتى حسيت انك ظلمت انسان ولية ؟ محتاج للحظة غفران منة ؟
معتقدش ان انا ظلمت حد ، مش عشان أنا حلو وماحصلتش ، أبدا والله ، بس الفكرة ان احنا لسة صغيرين يعنى لسة مادخلناش الدنيا بجد ، ففرص ان احنا نظلم حد دلوقتى بتبقى قليلة شوية

تالت سؤال:بتعمل اية لما تكون مضايق بعد ما تصلى ؟
السؤال ده مش فاهمه ، يعنى ايه أبقى مضايق بعد ما أصلى
هو أنا ممكن أفسر السؤال على انه بعمل ايه لما بكون مضايق غير انى اصلى ، والاجابة انى بقفل على نفسى الأوضة وأقعد لوحدى شوية حلوين وعادة ببقى قاعد فى الضلمة ، لحد ماحس ان انا فكيت ، وأنا بعمل كده لانى زمان كنت لما بضايق بطلع غلى فى البيت كله وبعدين لما عقلت شوية قلت لنفسى انهم مالهمش ذنب فى ضيقى أو زعلى ، فبقيت بقعد لوحدى عشان ماخنقش على حد ، بس أحيانا هم مابيتفهموش انا ليه بقعد لوحدى ، برضه أحيانا لما ببقى مضايق بمسك ورقة وقلم وبقعد أكتب أى حاجة ، أى كلام بييجى على دماغى بكتبه ، ده بيطلع من جوايا حاجات كتيرة أوى


رابع سؤال:امتى حسيت انك اتظلمت ؟ولية ؟
أنا شفت الظلم بعينيا كتير جدا جدا لكن أبرز 3 حاجات هم :
1- وانا فى تانية ثانوى نقصت 4 درجات ونصف فى المواد كلها ، ونقصت 9 درجات فى الأحياء لوحدها ، فمجموعى كان وحش جدا ، فرحت أنا ووالدى كشفنا على الأحياء ، لقيت إن أنا ليا 6 درجات ، ورفعنا قضية ،وأنا دلوقتى رايح رابعة كلية أهو ،والقضية لسة شغالة
2- لما والدى أعتقل فى انتخابات مجلس الشعب ، وخصوصا ان انا الوحيد فى اخواتى اللى شهدت عملية الاعتقال ، بجد منتهى الظلم ، انك تلاقى شوية عساكر بيخبطوا على الباب الساعة 3 بالليل ومش قادرين حتى يبصوا فى وشنا من احراجهم ، لدرجة ان فى عسكرى منهم لما شاف والدى فى المركز انفجر فى العياط ، لانه مش متخيل ان راجل زى ده ممكن ييجى يوم ويعتقل فيه ن بس عادى دى ضريبة الطريق اللى احنا اخترناه ، واحنا مستعدين ندفعها وفى أى وقت
3- لما والدى كان مرشح فى انتخابات مجلس الشورى اللى فاتت ، بجد بجد منتهى الظلم انا شفته فى الاسام دى ، لدرجة ان والدى كان أول مرشح يعتقل فى تاريخ الانتخابات ، لان أصلا المرشح معاه حصانة ، ده غير بقى المطاردات اللى اكنت بتحصل ، وكان أى حد يعلق أى دعاية لوالدى كان يعتقل ، وكان ممنوع عمل مسيرات أو مؤتمرات انتخابية ، ويوم الانتخابات اتقفت كل اللجان ، واى حد يتعرف انه راح يرشح والدى كان يعتقل ، واتعمل محاضر ضبط وإحضار لأخويا محمد ، عشان يضغطوا على والدى ، كل ده عشان والدى كان هيكتسح مرشح الحزب الوطنى لو العملية كانت مشيت سليمة ، لكن زى ماقلت فوق دى ضريبة الطريق اللى اخترناه واحنا راضيين بإن ده يحصلنا ، ومستعدين نسدد التمن فى أى وقت


خامس سؤال:اية اكتر احساس بيراودك هذة الايام تجاة نفسك والاخرين ؟
أكتر إحساس بيراودنى اليومين دول ، انى بشوف الناس ماشييت تايهين فى الشارع ، الكل ماشى بيكلم نفسه ، مش عارف هو ده بيحصل فعلا ، ولا ده مجرد احساس ، بحس ان الناس مكسورة وحزينة

سادس سؤال:امتى ممكن تتنازل عن حق من حقوقك ؟ والسبب ؟
ممكن أتنازل عن حق من حقوقى لما يكون عشان أحافظ على علاقتى بحد بحبه ، يعنى أنا مثلا لو حصل مشكلة بينى وبين زوجتى فى المستقبل ، وانا ممكن أبقى محق وهى مخطئة ، ممكن أتنازل لأنى ممكن أخسر حق من حقوقى مقابل انى ماخسرهاش هى ، مش معنى كده انى هبقى ماعنديش شخصية وكلام من كده ، لا هو المقصود ان فى بعض الشخصيات فى حياة كل واحد فينا ممكن الواحد يتنازل عن حقوق معاهم ماينفعش يتنازل عنها مع الناس العادية
زى مثلا : أسرتى ، عائلتى ، إصحابى القريبين أوى
لان والدى دايما بيقول
"ان أى معركة بين القرايب ، الطرفين فيها خسرانين "

أمرر التاج الفظيع ده ل


النجمة الصامدة
ميرو
غادة & رفيدة

الأربعاء، 23 يوليو 2008

لست حفيدهم


كلما حققنا أى إنجاز فى أى من مجالات الحياة ، كلما حققنا أى إكتشاف علمى أو طبى وان كان حدوث ذلك يقع فى قائمة النوادر ، كلما نجح مصرى فى الخارج فى تحقيق إنجاز تاريخى ، كزويل أو البرادعى أو الباز ، كلما حققنا بطولة فى كرة القدم ، كلما احرز أبو تريكة او زيدان أو زكى هدفا مع منتخب مصر


تجد الجميع يطلقون على أصحاب هذه الإنجازات لقبا واحدا " أحفاد الفراعنة" ، تجد الجميع يقولونها وبفخر شديد وبإعتزاز أشد .


لا أعلم إن كنت ستوافقنى أو لا فى وجهة نظرى ، لكن تعال نستعرض معا بعضا من الحقائق المسلم بها والتى لن نختلف فيها ، ونصل فى النهاية الى الحقيقة .


******


1-أليس فرعون موسى واحد من هؤلاء الفراعنة ، أليس هذا الجبروت الظالم هو من نصب عليه اللعنات كلما سمعنا إسمه ، أليس هذا الملعون هو من نتخذه مثالا للظلم والاستبداد حتى أضحى لنا مثلا شعبيا يقول


"قالوا لفرعون ايه اللى فرعنك ، قال مالقيتش اللى يوقفنى "


أليس هو نفسه من نقرأ آيات القرآن الكريم التى تتحدث عنه وعما فعله بموسى وبنى إسرائيل من قتل وتعذيب وتشريد وإستعباد


قال تعالى: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين} (القصص (



2- ألم ندرس كلنا فى المرحلة الإبتدائية أن الفراعنة استغرقوا فى بناء الأهرامات سنوات عديدة مات فيها الآلاف من العمال المصريين تحت وطأة العمل و التعذيب ، فالحقيقة التاريخية ، وانا هنا لست بصدد التأريخ فأنا لست أهلا لذلك، لكن ماقرأته هو أن هؤلاء العمال كانوا يعملون بنظام السخرة ، اى كالعبيد ، يعملون تحت سياط التعذيب التى لاترحم من يقصر فى عمله .


أى أن هؤلاء الفراعنة قتلوا الآلاف من اجدادنا فقط لكى يبنوا قبرا يدفنون فيه



3- أليس من طبيعة النفس البشرية أنها تحب أن تفتخر بنسبها وأصلها ، أى أننا بطبيعتنا نحب أن نفتخر بالعظماء من أجدادنا ، وعلى الصعيد الآخر ، فاننا نكره أن نذكر جدا لنا كان من الظالمين أو الفاسدين .


******


حسنا بعد ماذكرته ، كيف لنا أن نفتخر بهؤلاء الظالمين ، كيف لنا أن نتفاخر بأننا أحفادهم ، لقد قرأت فى كتاب " الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط " ل على محمد الصلابى ، أن من المخططات التى نجح فى فيها أعدائنا من الغرب هو جعل كل دولة من الدول المسلمة تـُرجع أصلها الى الحضارات القديمة ، مثل الفراعنة والإغريق والآشوريين ، حتى لا يكون لنا صلة بأجدانا المسلمين العظماء ، وعلى الجانب الآخر فهم نجحوا فى تشويه التاريخ الاسلامى حتى أنهم صوروا لنا الدول الاسلامية العظيمة وعلى رأسها الدولة العثمانية على أنها إحتلال لم يجلب لنا إلا الذل والتخلف .


******


لكنى أحمد الله عز وجل أن يسر لى معرفة هذه المؤامرات حتى لا انجرف مع من انجرفوا ، وحتى لا أردد بلا فهم مايردده الآخرون


فأنا مصرى مسلم أفتخر بإسلامى ، أفتخر بمصريتى ، أفتخر بأجدادى المسلمين العظماء ، وسأظل أرددها بكل ثقة



"أنا لست حفيد الفراعنة "


الأربعاء، 16 يوليو 2008

بلا رجوع

الحمد لله بعد معاناة طويلة إنتهيت من قصيدتى الجديدة ، أتمنى أن تنال إعجابكم ، وأرجو ألا تبخلوا على بنقدكم .


بلا رجوع

********

طال الزمان ُ
وليل الظلم شاغلـُه
فلا مكان لنور الحق يهدينا
ضل الطريقُ طريقـَه متعجبا
كيف يضل الطريقُ طريقا ً؟!
أجيبينا
ياشمس الهدى
هذا السؤال
فأين الجواب له؟!
أصار الذل لأمة الإسلام دينا؟!
*****
أجابتنى بصمت ٍ
يزيد الجرح فى قهـر ٍ
وردت على السؤال ِ
بأن أبت الطلوع
حدثت نفسى حينها
كيلا يحدثـُها الخنوع
يانفس إياك التخاذل
والتنازل والخضوع
ولتمض ِفى الدرب الطويل
بلا رجعةٍ
فالذل من شيم الرجوع

*****
فإذا باغتك الظلام مقاتلا
لا تجزعى
كونى له أنت ِالشموع
ولتصبرى
فالنور مهما طال غيابُه
لابد من بعد الغياب سطوع

*****
وإذا شعرت بوحدةٍ
ترجوك ِ أن تتوقفى
وتـُسيل من أجل الوقوف دموع
لاتصغى لها
ولا تطيعى دمعها
هل كل دمع المرء مقصده الخشوع؟!
كم صامد ِقهر المهالك وحده
حتى غدت عبدا ًلسيده يُطيع
*****
فلتمض يانفس
وعين الله حارسة ٌ
أنعم بعين ٍمالناظرها تـُضيع

الأربعاء، 9 يوليو 2008

الإنتقام ..قصة قصيرة


قالت له ببساطة شديدة
- لم أعد أريدك بعد اليوم
- ماذا حبيبتى ؟!! ماذا تعنين ؟!!
- أعنى أنى لا أريدك فى حياتى بعد الآن ، أريد الطلاق
- ماذا؟!! لم ؟! ماذا فعلت لك ِ
- لم تفعل شيئا ، لكننى سئمت حياة الفقر والتقشف التى أعيشها منذ تزوجتك ، لقد سئمت رؤية رفيقاتى وجيرانى وهن يتمتعن بالحياة الرغدة وانا هنا معك كالحبيسة فى سجن الفقر الأبدى ، أريد أن أعيش حياتى وأستمتع بها ، أريد أن أنعم بقصر فاره وسيارة ثمينة مثلهن ، أريد النعيم الذى لا أستطيح حتى ان أحلم به وأنا معك
- لكنك تعلمين كم أكد وأتعب حتى أوفر لك الحياة الكريمة ، تعلمين كم أحرم نفسى من لقمة الخبز حتى أستطيع أن أوفرها لك ، تعلمين كم أسهر الليالى ، وكم أتحمل الإهانات والصعوبات فقط لأرضيك
- وماذا يفيدنى كدك وتعبك إن لم يحقق لى ما أحلم به ، ماذا يفيدنى سهرك ومعاناتك ان لم تكن بلا نتيجة .
- أكاد لا أصدق ما أسمع ، ألست أنت التى أسمعتينى كلمات العشق والغرام؟! ، ألست أنت من قلت من قبل أنك مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل أن تكونى معى ؟!، ألست أنت من عاهدتينى على الوقوف بجانبى فى السراء والضراء ، ألست انت من قلت أنك لاتبالى ان كنت تعيشين فى قصر او فى كوخ طالما أنك تعيشين معى ؟! ، بالله ردى على ، بالله أغيثينى بجواب يثنى عقلى عن الجنون .
- نعم قلت كل هذا ، لكنها كانت مجرد أحلام مراهقة ليس إلا ، أما إذا أرت رأيى الان ، فالمرأة التى تقول كل هذا ليست إلا إمرأة خرقاء تعيش فى ظلام الأحلام والأوهام وسيأتى اليوم الذى تدرك فيها كم كانت مخطئة ، وبشدة .
- خرقاء ؟!! المرأة التى تضحى من أجل زوجها فى نظرك خرقاء ؟! يا الله أفى حلم أنا أم فى علم ؟! ما هذا الكابوس القبيح ؟! شريكة عمرى هى من تقول هذا الكلام ؟! المرأة التى إخترتها لتكون شق روحى وروح قلبى ونور عينى هى من تخرج من فمها هذى الكلمات ؟!
سالت من عينه دمعة فشلت كل محاولاته لمنعها ، فالصدمة كانت أكبر من أن يتحملها.
- كف عن ندب حظك كالأرامل ، ولتستفق من خيالاتك ، مابيننا قد انتهى ، سأكون فى بيت والدى وأنتظر أوراق الطلاق فى أقرب وقت .
تركته وانصرفت ، نظر إليها وهى تغادر وهو يحلم بأن يكون كل هذا ليس إلا مجرد تمثيلية أو دعابة ، لكن أحلامه تبخرت عندما مر الوقت عليه كالأدهر من دون أن ترجع.

رمى بنفسه على الأريكة ككيس من القطن ، واستلقى كالميت من دون حراك ، مر على حاله هذا أيام عدة ، لا طعام ولا شراب ، فقط كل ما يربطه بالحياة كمية من الهواء التى تدخل وتخرج ، وكأنها وفود أتت لتؤدى واجب العزاء فى موته .
ضعف جسده ونحل حتى أصبح هيكلا عظميا يكسوه بعض اللحم كعلامة تميزه عن أموات القبور ، كل ماكان يفعله هو التفكير ، فعقله أبى أن يتركه وشانه ، فكر فى أشياء كثيرة إلا ان معظم تفكيره كان عن الانتقام .
فغضبه وحزنه إجتمعا معا فكانا كالوقود الذى يشعل الفكرة فى عقله .
فكر أن يقتلها ويتخلص منها لان جزاء الخيانة القتل ، أو هكذا كان يصور له عقله
فكر أن يدمر حياتها ويجعلها تعيش فى تعاسة أبد الدهر
فكر وفكر حتى أوشك جسده على الإختفاء وجحظت عيناه كالمشنوق ، فقد مر على تفكيره أشهر عدة ، أو هكذا كان يشعر ، لانه فقد الإحساس بالوقت حتى أصبح لا يفرق بين النهار والليل ، فكلاهما بالنسبة له مجرد وقت يمر عليه يقرب نهاية أجله .
حتى جاءت لحظة استنار فيها جزء من عقله المظلم ، فأضاءت له بعضا من المنطق السليم
سأل نفسه " وماذا بعد ؟! صحيح انها جرحتك جرحا صعب أن يلتئم ، لكن ما تفعله أنت انما هو إكمال للمهمة التى بدأتها هى ، ان تقضى على نفسك ، فإذا كانت هى قد هجرتك فلتقم ولتثبت لها و لنفسك أنك لست أهلا للهجران ، هيا انفض عن نفسك غبار الخذلان ، وإكسر قيد اليأس الذى أطبق على رقبتك .
أشعلت هذه الكلمات فى جسده نار الحماسة والنشاط ، فانتفض من على أريكته ، وانطلق نحو الحمام فاغتسل وهذب لحيته وشاربه حتى عاد إنسانا من جديد ، فالصورة التى رآها فى المرآة قبل أن يغير من هيئته كانت صورة لمخلوق شبيه بالإنسان .
ثم أحضر ورقة وقلم وبدأ فى كتابة الأهداف التى يريد تحقيقها ، وقام بإحصاء الخيارات المتاحة أمامه ، ثم وضع خطة كامله لما سيفعله فى الفترة القادمة ، إستغرقت هذه الجلسة منه حوالى خمس ساعات ، قام على إثرها ممتلئ بالنشاط والحيوية ، نزل الى الشارع وكانه يراه لأول مرة فقد مر على وحدته الخانقة مايزيد على الشهر ، ذهب الى مقر عمله السابق وقدم إستقالته ، لأنه قرر التغيير الجذرى .
مرت الايام والأشهر ، وهو يدرس اللغات والبرمجة ، حتى أصبح يجيد 3 لغات ، كما أنه برع فى مجال البرمجة الالكترونية بعد مايزيد على العامين فى دراسة أسسها وأصولها . أسس شركة صغيرة جدا بما إدخره على مر السنين ، وبدأت الشركة فى الإتساع رويدا رويدا ، وبدأ من بعدها فى التعامل مع الشركات الأجنبية ساعده فى ذلك شخصيته الجذابة وصدقه إخلاصة بالاضافة لإتقانه ثلاثة لغات أجنبية أهلته للتعامل مع المستثمرين الأجانب ، وفتح الله عليه ورزقه من واسع رزقه ، حتى أصبحت ثروته من ذوات الاصفار الستة .
********
فى شقة ضيقة بحى من الأحياء المتوسطة ، دق جرس الباب ، فصاح رجل مسن من داخل الشقة فى غضب
- إفتحى الباب يا إبنتى ، لعله جارنا أتى ليعطينا الايجار . هيا فنحن فى امس الحاجة إليه الآن

توجهت نحو الباب وفتحته فإذا بساعى البريد يسلمها مظروفا مغلقا بإسمها ، فتحته فإذا به مبلغ كبير من المال ورسالة مكتوب فيها
"عزيزتى نهلة
لا أعلم كيف أشكرك فقد كان مافعلتيه معى هو أفضل شيء حدث لى فى حياتى حتى الآن ، أرسلت لك مبلغا من المال كتعبير عن شكرى ، وفى نفس الوقت لانه حقك الشرعى الذى لم أستطع رده لك حينها .
فكرت فى أشياء كثيرة لأنتقم مما فعلتيه معى لكننى وبفضل الله إخترت الطريق الصعب ، لأنه الطريق الصحيح
وبعد كل هذه السنين اللهم لاشماتة ، اتمنى لك حظا سعيدا فى إيجاد زوج جديد ، تقبلى تحياتى "
ومكتوب على ظهر المظروف بخط كبير

" إذا أردت الإنتقام فاسلك طريق النجاح "

تمت

ملحوظة : عبارة" إذا أردت الانتقام فاسلك طريق النجاح" سمعتها من د.إبراهيم الفقى فى ندوة حضرتها له .

الجمعة، 4 يوليو 2008

إسماعيل هنية .... رجل من زمن الصحابة


كلما شاهدته على التلفاز أو رأيت صورته التى عادة ما تتصدر صفحات الجرائد أو سمعت خطبة من خطبه الرنانة ، أشعر دائما أننى أمام رجل من زمن الصحابة ، رجل يجسد معنى كلمة العزة حتى أصبح صورته فى مخيلتى مرادفا للعزة والإباء
تراه دوما يتحدث وكأنه يرى النصر بعينيه ، وكلما زادت عليه الضغوط والأزمات كلما إزداد قوة و صمودا
فمع أنه تولى قيادة حماس فى أصعب وقت مر عليها فى تاريخها ، فقد تولى القايدة بعد إستشهاد شيخنا أحمد ياسين مؤسس الحركة ، وإستشهاد د.عبدالعزيز الرنتيسى ، القائد الثانى للحركة ، والأصعب أن الفترة بين إستشهادهما لم تتجاوز الشهر ، حتى أضحت مهمة من سيأتى بعدهما شبه مستحيلة ، بل ومتوقع له أن يفشل قبل حتى أن يمسك بزمام القيادة ، إلا أنه أدهش الصديق قبل العدو ببراعته فى القيادة وحسن تدبيره .
أصبح رئيسا لوزراء فلسطين بإختيار من الشعب له ، وتخيل أنت معى رئيسا لوزراء دولة ينزل وسط الناس ويكنس الشارع ، ويداعب الاطفال ويتعامل مع الجميع على أنه واحد منهم ، لا فرق بينه وبينهم .

ومع أنه قاد الحركة الى تقلد أرفع المناصب السياسية فى البلاد إلا أنه يردد دوما أن الجهاد هو أولويته ، وأن كل هذه المناصب ماهى الا وسائل معينة لتحقيق الهدف الاسمى وهو إخراج المحتل من فلسطين ، وقال عبارته الشهيرة
"إلتحقنا بحماس لنكون شهداء لا لنكون وزراء "

وبرغم الضربات القاصمة التى تعرض لها هو والحركة والتى تكفى ضربة واحدة منها أن تقضى على حكومة من حكوماتنا العربية ، إلا أنه مازال على العهد صامد ومازال يعلمنا كل يوم كيف التوكل على الله وكيف الايمان بأن الله لا يضيع عباده ، مما اضطر الصهاينة فى النهاية أن يوافقوا على التهدئة بينه وبينهم ، بعد أن وجدوا أنفسهم عاجزين أمام هذا الجبل الشامخ ، وبعد أن تعدى صموده أقصى تخيلاتهم بمراحل عدة ، فهم كانوا يتوقعون أن ينهار هنية وحركته بعد أيام أو شهور من الحصار ، الا انهم صعقوا مما شاهدوه على أرض الواقع ، وأدركوا أنهم أمام نوعية غريبة من البشر ، وأدركوا أنهم يتعاملون مع أناس مؤمنين بأنهم هم المنصورون طال الزمان أو قصر .
سندير أمر شعبنا حتى ولو على ضوء الشموع
أول رئيس وزراء يجلس على الرصيف لمنعه من دخول بلده
الله لن يضيعنا

لن أستطيع أن أجد الكلمات التى أستطيع أن أعبر بها عن هذا القائد التاريخى ، ولا يسعنى إلا ان أقف مدهوشا أمام هذا العملاق الذى يشعرنى كل يوم أننى قزم بالغ التقزم .
وأتعجب بشدة من إنبهار شبابنا بشخصيات من أمثال جيفارا ، فيدل كاستروا أو نيلسون مانديلا مع أننا نقف الآن أمام قائد يفوقهم عظمة وإعجازا ، قائد يقهر المستحيل ، حتى أصبح المستحيل يخاف منه .
حقا نحن أمام رجل من زمن الصحابة .

أستاذى وقائدى ومعلمى إسماعيل هنية
حفظك الله ورعاك ، وجعلك دوما رمز عزتنا وكرامتنا ، ولتمض فى الدرب وروح القدس تؤيدك .