الأربعاء، 9 يوليو 2008

الإنتقام ..قصة قصيرة


قالت له ببساطة شديدة
- لم أعد أريدك بعد اليوم
- ماذا حبيبتى ؟!! ماذا تعنين ؟!!
- أعنى أنى لا أريدك فى حياتى بعد الآن ، أريد الطلاق
- ماذا؟!! لم ؟! ماذا فعلت لك ِ
- لم تفعل شيئا ، لكننى سئمت حياة الفقر والتقشف التى أعيشها منذ تزوجتك ، لقد سئمت رؤية رفيقاتى وجيرانى وهن يتمتعن بالحياة الرغدة وانا هنا معك كالحبيسة فى سجن الفقر الأبدى ، أريد أن أعيش حياتى وأستمتع بها ، أريد أن أنعم بقصر فاره وسيارة ثمينة مثلهن ، أريد النعيم الذى لا أستطيح حتى ان أحلم به وأنا معك
- لكنك تعلمين كم أكد وأتعب حتى أوفر لك الحياة الكريمة ، تعلمين كم أحرم نفسى من لقمة الخبز حتى أستطيع أن أوفرها لك ، تعلمين كم أسهر الليالى ، وكم أتحمل الإهانات والصعوبات فقط لأرضيك
- وماذا يفيدنى كدك وتعبك إن لم يحقق لى ما أحلم به ، ماذا يفيدنى سهرك ومعاناتك ان لم تكن بلا نتيجة .
- أكاد لا أصدق ما أسمع ، ألست أنت التى أسمعتينى كلمات العشق والغرام؟! ، ألست أنت من قلت من قبل أنك مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل أن تكونى معى ؟!، ألست أنت من عاهدتينى على الوقوف بجانبى فى السراء والضراء ، ألست انت من قلت أنك لاتبالى ان كنت تعيشين فى قصر او فى كوخ طالما أنك تعيشين معى ؟! ، بالله ردى على ، بالله أغيثينى بجواب يثنى عقلى عن الجنون .
- نعم قلت كل هذا ، لكنها كانت مجرد أحلام مراهقة ليس إلا ، أما إذا أرت رأيى الان ، فالمرأة التى تقول كل هذا ليست إلا إمرأة خرقاء تعيش فى ظلام الأحلام والأوهام وسيأتى اليوم الذى تدرك فيها كم كانت مخطئة ، وبشدة .
- خرقاء ؟!! المرأة التى تضحى من أجل زوجها فى نظرك خرقاء ؟! يا الله أفى حلم أنا أم فى علم ؟! ما هذا الكابوس القبيح ؟! شريكة عمرى هى من تقول هذا الكلام ؟! المرأة التى إخترتها لتكون شق روحى وروح قلبى ونور عينى هى من تخرج من فمها هذى الكلمات ؟!
سالت من عينه دمعة فشلت كل محاولاته لمنعها ، فالصدمة كانت أكبر من أن يتحملها.
- كف عن ندب حظك كالأرامل ، ولتستفق من خيالاتك ، مابيننا قد انتهى ، سأكون فى بيت والدى وأنتظر أوراق الطلاق فى أقرب وقت .
تركته وانصرفت ، نظر إليها وهى تغادر وهو يحلم بأن يكون كل هذا ليس إلا مجرد تمثيلية أو دعابة ، لكن أحلامه تبخرت عندما مر الوقت عليه كالأدهر من دون أن ترجع.

رمى بنفسه على الأريكة ككيس من القطن ، واستلقى كالميت من دون حراك ، مر على حاله هذا أيام عدة ، لا طعام ولا شراب ، فقط كل ما يربطه بالحياة كمية من الهواء التى تدخل وتخرج ، وكأنها وفود أتت لتؤدى واجب العزاء فى موته .
ضعف جسده ونحل حتى أصبح هيكلا عظميا يكسوه بعض اللحم كعلامة تميزه عن أموات القبور ، كل ماكان يفعله هو التفكير ، فعقله أبى أن يتركه وشانه ، فكر فى أشياء كثيرة إلا ان معظم تفكيره كان عن الانتقام .
فغضبه وحزنه إجتمعا معا فكانا كالوقود الذى يشعل الفكرة فى عقله .
فكر أن يقتلها ويتخلص منها لان جزاء الخيانة القتل ، أو هكذا كان يصور له عقله
فكر أن يدمر حياتها ويجعلها تعيش فى تعاسة أبد الدهر
فكر وفكر حتى أوشك جسده على الإختفاء وجحظت عيناه كالمشنوق ، فقد مر على تفكيره أشهر عدة ، أو هكذا كان يشعر ، لانه فقد الإحساس بالوقت حتى أصبح لا يفرق بين النهار والليل ، فكلاهما بالنسبة له مجرد وقت يمر عليه يقرب نهاية أجله .
حتى جاءت لحظة استنار فيها جزء من عقله المظلم ، فأضاءت له بعضا من المنطق السليم
سأل نفسه " وماذا بعد ؟! صحيح انها جرحتك جرحا صعب أن يلتئم ، لكن ما تفعله أنت انما هو إكمال للمهمة التى بدأتها هى ، ان تقضى على نفسك ، فإذا كانت هى قد هجرتك فلتقم ولتثبت لها و لنفسك أنك لست أهلا للهجران ، هيا انفض عن نفسك غبار الخذلان ، وإكسر قيد اليأس الذى أطبق على رقبتك .
أشعلت هذه الكلمات فى جسده نار الحماسة والنشاط ، فانتفض من على أريكته ، وانطلق نحو الحمام فاغتسل وهذب لحيته وشاربه حتى عاد إنسانا من جديد ، فالصورة التى رآها فى المرآة قبل أن يغير من هيئته كانت صورة لمخلوق شبيه بالإنسان .
ثم أحضر ورقة وقلم وبدأ فى كتابة الأهداف التى يريد تحقيقها ، وقام بإحصاء الخيارات المتاحة أمامه ، ثم وضع خطة كامله لما سيفعله فى الفترة القادمة ، إستغرقت هذه الجلسة منه حوالى خمس ساعات ، قام على إثرها ممتلئ بالنشاط والحيوية ، نزل الى الشارع وكانه يراه لأول مرة فقد مر على وحدته الخانقة مايزيد على الشهر ، ذهب الى مقر عمله السابق وقدم إستقالته ، لأنه قرر التغيير الجذرى .
مرت الايام والأشهر ، وهو يدرس اللغات والبرمجة ، حتى أصبح يجيد 3 لغات ، كما أنه برع فى مجال البرمجة الالكترونية بعد مايزيد على العامين فى دراسة أسسها وأصولها . أسس شركة صغيرة جدا بما إدخره على مر السنين ، وبدأت الشركة فى الإتساع رويدا رويدا ، وبدأ من بعدها فى التعامل مع الشركات الأجنبية ساعده فى ذلك شخصيته الجذابة وصدقه إخلاصة بالاضافة لإتقانه ثلاثة لغات أجنبية أهلته للتعامل مع المستثمرين الأجانب ، وفتح الله عليه ورزقه من واسع رزقه ، حتى أصبحت ثروته من ذوات الاصفار الستة .
********
فى شقة ضيقة بحى من الأحياء المتوسطة ، دق جرس الباب ، فصاح رجل مسن من داخل الشقة فى غضب
- إفتحى الباب يا إبنتى ، لعله جارنا أتى ليعطينا الايجار . هيا فنحن فى امس الحاجة إليه الآن

توجهت نحو الباب وفتحته فإذا بساعى البريد يسلمها مظروفا مغلقا بإسمها ، فتحته فإذا به مبلغ كبير من المال ورسالة مكتوب فيها
"عزيزتى نهلة
لا أعلم كيف أشكرك فقد كان مافعلتيه معى هو أفضل شيء حدث لى فى حياتى حتى الآن ، أرسلت لك مبلغا من المال كتعبير عن شكرى ، وفى نفس الوقت لانه حقك الشرعى الذى لم أستطع رده لك حينها .
فكرت فى أشياء كثيرة لأنتقم مما فعلتيه معى لكننى وبفضل الله إخترت الطريق الصعب ، لأنه الطريق الصحيح
وبعد كل هذه السنين اللهم لاشماتة ، اتمنى لك حظا سعيدا فى إيجاد زوج جديد ، تقبلى تحياتى "
ومكتوب على ظهر المظروف بخط كبير

" إذا أردت الإنتقام فاسلك طريق النجاح "

تمت

ملحوظة : عبارة" إذا أردت الانتقام فاسلك طريق النجاح" سمعتها من د.إبراهيم الفقى فى ندوة حضرتها له .

هناك 21 تعليقًا:

غير معرف يقول...

Thanks. Im Inspired again.

غير معرف يقول...

Yutarets! kasagad bah!

غير معرف يقول...

جميلة كالعادة

بس هيا ايه حكاية د . ابراهيم الفقي معانا


تحياتي علي الأسلوب

جهاد خالد يقول...

رااائع رااائعة

ولا يوصف حرف كهذا الا بالروعة

كفاني اني شعرت الحماس الذي اتقد في كلماتك متقدا بداخلي
من قبله كانت الدمعات تكاد تنفر


بوركت الانامل

غير معرف يقول...

ايوة كدة يا معلم _برده السلام عليك الاول_في تطور واضح جدا يا حاج قصصك بقت مركزة جدا وانا شايف ان دة تطور جامد دي الحاجة الاولى
الحاجة التانية اني انت لحقتني قبل ما كنت هاعمل زي الواد دة كنت هاقتل صاحب الجامعة بتاعتي بس انت خلتني اعقل انا هاقطع كتب المواد بس.
شفيتم وجزيتم ورقيتم وحييتم والهمتم من رب الالهام وحيا فكريا ربانيا ينير دربكم ويهذب افعالكم وعقبال ما اشوفك زي الشيخ الغزالي كدة
نقطة رخمة معلش استحملني بعد كدة لما تييجي تكتب قصص عن خلق مش كويس عشان خاطري ما تكتبهاش عن الحياة الزوجية الله يخليك اكيد عارف ليه.

*الف مبروك عالنجاح يا باشاوربنا يتقبل دة ويجعله في ميزان الحسنات ويكثر لك من الخيرات.
وعلى رأي النجمة الصامدة بوركت الصوابع محمد خالد الديب

semsem يقول...

مش ممكن
القصه دي اكثر من رائعه
والحكمة الاخيره دي بجد جمييييييله جدا
جزاك الله كل خير يا عيد الرحمن

Ghada , Rofayda يقول...

القصة اكثر من رائعة وتحمل العديد من الرسائل الهادفة.....

كالعاده موضوعات متميزه ...وطرح متميز...


ومعذرة على غيابنا عن مدونتك بس بسبب ضغط العمل وبسبب د.ابراهيم الفقي

تحياااااااااتي

دمت متميزااااااااااا

Mero.. يقول...

ههههههههههههههههههه
بعد ما تفاجأت ان القصة من قولك وليس من منقولك..
احب اشيد واثني على الكتابة الادبية ..وزي ما قلتلك خدتني في جو تاني واندمجت..
اما المضمون فمليش تعليق عليه ..
دمت مبدعا ..دمت صديقي

آخر العنقود يقول...

السلام عليكم اخى الكريم
ماشاء الله
جميلة هي بكل مافيها
من اسلوب وترتيب
وفكرة وهدف

وحكمة ومقولة غاية فى الروعة والواقعية والانتقام

بوركت اخى
دمت بخير وتميز

Abd Al-Rahman يقول...

lotto 649 results
مع انى مش فاهم هو ده تبع ايه ، بس ع العموم شكرا للاضافة أيا كانت هويتك

Abd Al-Rahman يقول...

نبيل
تسلم ياجميل على التعليق
وبالنسبة لحوار د.إبراهيم الفقى فده لأنى حضرتله ندوة من أسبوعين كده فى طنطا .
شكرا يابلبل وإن شاء الله تكون حليت كويس فى ال E.N.T
فى أمان الله

Abd Al-Rahman يقول...

النجمة الصامدة
دائما كلماتك تحمل لى الكثير من التشجيع .فجزاكم الله عنى خيرا
دمتى دوما مبدعة
تقبلى تحياتى
فى أمان الله

Abd Al-Rahman يقول...

محمد خالد
جزاكم الله خيرا لمرورك ،ولتعليقك الأكثر من رائع .
إيه ياعم المواهب المدفونة دى ، طب ماتجرب واكتب لنا حاجة ، بجد والله كتابتك الادبية فى العليق ده كويس
جرب وانا أوعدك انى هاكون من قراءك أيا كانت النتيجة .
وشكرا على تهنئتك بلانتيجة ، ربنا يكرمك
فى أمان الله

Abd Al-Rahman يقول...

سمسم
ربنا يكرمك على مرورك الجميل وعلى تعليقك
جزاكم الله خيرا على الاطراء
تحياتى
فى أمان الله

Abd Al-Rahman يقول...

غادة و رفيدة
شكراجزيلا للمرور والتعليق
ومافيش تقصير ولا حاجة ، عذركم معاكو ، وربنا يعينكم وييسرلكم الامور
اللهم آمين
تحياتى
فى حفظ الله

Abd Al-Rahman يقول...

ميرو
الحمد لله انى وضحت سوء التفاهم ، وعلى فكرة أنا أتفق معاك ان المنقول بيبقى أضعف بكتير من الفكر الشخصى .
شكرا لتعليقك يابيه
ربنا يكرمك
فى رعاية الله

Abd Al-Rahman يقول...

آخر العنقود
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على تعليقك وإطرائك
تحياتى
فى أمان الله

دعاء مواجهات يقول...

الجملة الاخيرة

ملخصة كتير ووراها كتيير

واحترمتك بشدة لما ذكرت انها مش لييك

بس ع فكرة الفقى بيفتكر نفسة نجم مجتمع اكتر من كونة عالم او معلم

تحيااتى لييك

سلااام

انتظرك

دكتور حر يقول...

رائعة يا عبد الرحمن

وبورك قلمك

يبدوا ان طب الاسنان أمتع أفواهكم بكل جميل


تحياتي

Abd Al-Rahman يقول...

دعاء مواجهات
أولا منورة المدونة ، وشكرا لتعليقك .
بالنسبة لموضوع د.إبراهيم الفقى فحضرتك ممكن تكونى محقة أو مخطئة ، لكن أنا والدى ربنا يكرمه علمنى دايما انى آخد من كل واحد الحاجة اللى هتفيدنى وأسيب الحاجة الوحشة اللى فيه ، يعنى د.الفقى شايف نفسه نجم المجتمع ، مفيش مشاكل أنا هاخد منه الكلام اللى بيقوله ، وماليش دعوة بشخصيته .
تقبلى تحياتى
فى أمان الله

Abd Al-Rahman يقول...

دكتور حر
ربنا يبارك فى حضرتك يادكترة ، ونورت المدونة على الآخر ، جزاكم الله خيرا على إطرائك .
سعيد جدا بمرورك
فى أمان الله