الخميس، 24 ديسمبر 2009

حَلـِّقْ بنفسك




فى يوم ٍمن الأيام وبينما أنا خارج من العيادة استوقفنى رجل ٌمسن ليسألنى عن دكتور "شريف " حيث أنه على موعد معه لكنه منتظره منذ فترة ولم يحضر حتى الآن ، بطبيعية شديدة أخرجت هاتفى واتصلت بصديقى ، فأخبرنى بأنه مريض ولن يستطيع الحضور وأن أعتذر لمريضه ، فأعطيت الهاتف للرجل ليأخذ منه موعدا آخر ، أنهيا المكالمة ، أعطانى الرجل هاتفى وشكرنى بشدة ، وانصرف ...


حتى الآن موقف طبيعى لاشيء فيه ، لكن ماحدث بعد ذلك هو ما جعلنى أكتب هذا الموضوع ، فالرجل بعدما ما مشى بعض خطوات التفت فجأة ثم عاد و اقترب منى وقال لى بصوت خفيض :


" أنا شغال فى الجوازات ، لو حضرتك عايز أى خدمة أنا تحت أمرك " ...


جملة الرجل أحزنتنى بشكل مبالغ فيه ، وكأنها القشة التى قصمت ظهر البعير ، فهى تجسيد واضح لما تحولنا له كمجتمع ، نحسب الأمور بميزان المنفعة وفقط ، طالما أنى ساعدت الرجل فلا بد وأن يرد لى المساعدة ، كثير من المواقف فى حياتنا ستوصلك إلى تلك الحقيقة المرة ، فى السنوات القليلة الماضية تحولنا من "مجتمع تراحمى" إلى " مجتمع تعاقدى " وهى مصطلحات استفاض فى تفسيرها د.عبدالوهاب المسيرى رحمه الله فى كتابه "رحلتى الفكرية"


يقول أن المجتمع التراحمى هو المجتمع الذى تُبنى فيه العلاقات على مبدأ التراحم فيصبح المجتمع وحدة واحدة ، كل الرجال فيه آباء إبنك وكل النساء أمهاته ، فالكل يحرص على بعضه ، الكل يقف بجانبك بلا انتظار ٍ لجزاء أو ثواب ، هذا ماكانت عليه مصر منذ عقود قليلة .


المجتمع التعاقدى على النقيض تماما ، فهو مجتمع يتسم بالفردية البحتة تصل الى الدرجة التى لا تعرف فيها اسم جارك ، وهناك أصدقاء لى بالفعل لا يعرفون شيئا عن جيرانهم ، فى هذا المجتمع كل شيء يحسب بالورقة والقلم ، مساعدتى لك لابد أن تسجلها لأنى سأحتاج أن تردها لى فى يوم من الأيام .


قد يرى كثيرون أنه طالما ارتضى الناس ذلك فما الضير ؟!


الضير هو أن هناك جزء فى نفس الانسان السوي يحتاج إلى غذاء شأنه شأن الجسد ، وغذاء هذا الجزء هو أن تعطى بلا مقابل ، فقط تبذل العطاء ، بدون هذا الغذاء تفقد جزءا من إنسانيتك .


أعتقد أن هذا هو مادفع بيل جيتس أغنى رجل فى العالم سابقا أن يستقيل من منصبه فى شركة مايكروسوفت ليتفرغ لإدارة منظمته الخيرية والتى تعد من أكبر المنظمات الخيرية فى العالم .


ضربت المثال ب"بيل جيتس " لأبرهن على ان العطاء صفة من صفات الانسان السوي ، فما بالك عندما يكون مسلما ؟! أى أنه ملتزم بدين أحد أركانه " الزكاة " ، والزكاة برؤيتى نقود تعطيها بلا مقابل وبدون أن تنتظر شيئا بثمنها ، فحكمة الزكاة أنها تشبع نفسك بصفة العطاء .، لذلك فهى فريضة لا بد وأن تفعلها ، وهى الحد الأدنى لأى مسلم ، ثم بعد ذلك تأتى " الصدقة " ، وهى نفس معنى الزكاة لكنها ليست فريضة ، فهى تركت للناس خيارا ، كل على حسب طاقته ، فالزكاة هى الوجبة الأساسية التى ستذبل و تموت لو لم تتناولها ، بينما الصدقة هى الحلويات والمقبلات و أنواع شتى من المأكولات التى كلما زدت فيها كلما زادت نفسك رقيا و علوا ..


فى حياتى أحاول أن أتعامل مع كل البشر بتلك النفسية ، لا يهمنى ما يعتقده غيرى ، لا أكترث لظن الآخر بى وتريبه من هدية أهديها إياه ، لا أهتم حقا ، فأنا أشبع نفسى ، وأرضى ربى ، أصبحت أمارس و أتعلم فنا من أروع الفنون اسمه " فن العطاء " ...


إقرأ موقف لأعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وتأمل معناه :


تروي السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنهم ذبحوا شاة، ثم وزعوها على الفقراء؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة: (ما بقي منها؟) فقالت: ما بقي إلا كتفها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بقي كلها غير كتفها) (الترمذي)



الجمعة، 11 ديسمبر 2009

ظهورٌ أول

اللقاء المرئى الأول لى و لأسرتى مع موقع " إخوان تيوب " ، الموقع الإخوانى المختص بالإعلام المرئى ، نتحدث فى اللقاء عن الإعتقال وأثره فى حياتنا وأحياة من حولنا ، نوجه فيه رسائل للمعتقلين ، أسرهم ، الشعب المصرى ، النظام ...
تجربة جديدة أفادتنى بشكل كبير ، صحيح أن هيبة الكاميرا تقف أحيانا حائلا أمام طبيعية التعبير عن الفكرة ، لكن هذا بالطبع يرجع إلى نقص الخبرة و صدمة الظهور الأول ...
أسأل الله أن نكون وفقنا فى التعبير عما نؤمن به ونعتقد فيه ، كما أسأله أن يجعل هذا اللقاء خالصا لوجهه منزها عن أى شبهة رياء تفسد صلاحه ...
آمين


رابط مباشر للفيديو :

http://www.ikhwantube.org/video/10723/

الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

لا حول ولا قوة إلا بالله



على قناة الجزيرة اليوم وبينما أشاهد نشرة الأخبار صعقت برؤية فيديو عرضته القناة ضمن أخبارها ،حتى أن مذيعة النشرة بعد انتهاء الفيديو أخذت تقول " لا حول ولا قوة إلا بالله " ... بحثت كثيرا عنه فى شبكة الانترنت حتى إستطعت أن أجده فى نهاية الأمر ...
لا أستطيع التعليق ولا أرغب حتى فيه ... بل أترك كل واحد منكم لنفسه ليسمع منها وتسمع منه ... فما نحن فيه لن يصلحه كلام .. أقسم بالله لن يصلحه كلام ...
يارب لطفك بنا ...
يارب لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ...

يارب لا تؤاخذ إخواننا بغبائنا ...

يارب لا تؤاخذهم بتفاهتنا ...

يارب لا تؤاخذهم بحماقاتنا ...
حسبى الله ونعم الوكيل ...
حسبى الله ونعم الوكيل ...
حسبى الله ونعم الوكيل ...


*************
رابط للفيديو من يويتيوب ... فى حالة لم يعمل الفيديو بالأعلى :

الجمعة، 27 نوفمبر 2009

همسة ٌ... فى زحام الفرح

مع الأحبة فى الخلاء بعد صلاة العيد
صورة نادرة لى بـ " الجلابية البيضاء " ، ههههههه

عيدنا فرحة ...
وما أروع أن نفرح مع من نحب ...
وما أعظم أن تكن متعتنا فى طاعتنا ...
وفرحتنا فى ديننا ...
وبين زيارات الأهل و متعة الأضحية و كسر روتين الحياة لنستعيد كثيرا من حيويتنا و إيجاد الجزء الأكبر من أنفسنا التى قد تذوب أحيانا فى ساقية الحياة ...
توقفت قليلا لأقول لكم ولكل من أحب ...

((( كل عيد وأنتم بألف خير )))

الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

مصرى يدخل موسوعة "جينيس " ... مبروك لمصر

في إحدى العجائب العلمية والأكاديمية منحت كلية الحقوق بجامعة القاهرة للباحث محمد فريد عبد الخالق أحد الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين (94 عامًا) درجة الدكتوراه بتقدير امتياز عن رسالته "الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان" وطبعها على نفقة الجامعة وتبادلها في النشرات العلمية مع الجامعات الأخرى، محققًا رقمًا قياسيًّا جديدًا في موسوعة "جينيس" لأكبر باحث يحصل على الدكتوراه في العالم.

وقال الدكتور فريد عبد الخالق في عرضه لرسالته إن رسالته حول الاحتساب ناقشت العلاقة المتأزمة بين قيمتي العدل للحاكم والطاعة للمحكومين، وطبيعة العلاقة بينهما، وإن غياب العدل والعمل بالشورى والمساءلة والفساد؛ من دعاوى الاحتساب والمساءلة التي تقرها الشريعة للمحكومين ضد الحكام.

وأكد أن مساءلة الحاكم وأي مسئول في موضع سلطة فرضٌ شرعيٌّ، وأن تغيير المنكرات وإقرار الحرية وإعلاء قيمة المواطن والمساواة ضرورةٌ إسلاميةٌ، وأن الدور السياسي الذي تلعبه الحسبة كنظام رقابي شعبي لتنظيم علاقة الحاكم بالمحكوم ومواجهة الحاكم ومساءلته؛ يتطلب صحوةً جماهيريةً واعيةً بحقوقها وواجباتها.

وقال إن إقرار ذلك النظام الاحتسابي يتضمن إبراز الدور الرقابي الشعبي على السلطان، وطرح نظام احتسابي شعبي لمواجهة فساد الحكام، والتعريف بالضوابط الشرعية للحسبة، والتعامل مع الحسبة كمبدأ جماهيري، وضرورة تفعيل الأنظمة التي تضبط الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحاكم من الأجهزة الرقابية، كالمجالس البرلمانية والنقابات والإعلام والقضاء العالي والإداري، التي تمثل نزاهتها ضمانةً شريفةً للحريات والحقوق الإنسانية.

وأكد أن غياب نظام الحسبة أعطى حجةً للأنظمة الفاسدة لكبت الحريات وقمعها، وأن غياب الدور الرقابي- سواء على المستوى الشعبي أو الأجهزة الرقابية الرسمية وتغوُّل العصا الأمنية- أفسد الحياة السياسية المصرية؛ الأمر الذي أحدث نقلةً نوعيةً للأمة في الخنوع والاستكانة.


وقال المفكر الإسلامي الكبير الدكتور محمد سليم العوّا أستاذ القانون الجنائي بجامعة الزقازيق والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو لجنة المناقشة إن الدكتور فريد عبد الخالق استطاع بلورة نظرية إسلامية عالمية، تؤكد أن كل من له الصفة والمصلحة له القدرة والاستطاعة في رفع دعاوى حسبة على الحاكم والمسئولين؛ إعمالاً للآية الكريمة: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)﴾ (الإسراء).


وشارك بالحضور في أول ظهور له عقب خروجه من الاحتجاز على ذمة ما يسمى بقضية "التنظيم الدولي" الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد وأمين عام اتحاد الأطباء العرب، الذي أصرَّ على الحضور رغم ظروفه الصحية الذي تتطلَّب الراحة حسب التعليمات الطبية.

كما حضر الدكتور محمود عزت أمين عام جماعة الإخوان المسلمين، والدكتور أحمد العسال رئيس الجامعة الإسلامية بباكستان سابقًا، وسيف الإسلام حسن البنا عضو مجلس نقابة المحامين، والدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي، والمستشارة نهى الزيني، والدكتور هشام الحمامي رئيس المركز الثقافي باتحاد الأطباء العرب، وعدد من السياسيين والباحثين البارزين. "
المقالة والصور نقلا عن موقع إخوان أونلاين


تعقيبى :
أعجز عن إيجاد كلمات تصف إعجابى بهذا الشخص العملاق حفظه الله ، فكيف لرجل بلغ أربعا و تسعين عاما أن يقف موقف طالب العلم ، إنه يقيم على الجميع الحجة ، و يهدم كل أعذار المعتذرين و أسباب المقصرين ، إن شخصية بذلك التعملق لا بد وأن يرفع جميعنا له القبعة ، و أن نقف إحتراما وإجلالا لعزيمته الصلبة و إرادته الشامخة و نفسه المتوا ضعة ، وها هو يسجل إسم مصر بحروف بنور فى كتاب الأرقام القياسية ، إذا فلنرى هل سيحظى بواحد على المليون من الإهتمام الذى حظى به منتخب مصر ، لكم أتمنى أن يأتى اليوم الذى يخرج فيه المصريون ليحتفلوا بعالم أو مخترع أو مبدع ... أتمنى
اسأل الله لى ولكم إرادة كإرادته ..

لنحلق إخوتى نجوما فى سماء الإبداع والتألق

السبت، 14 نوفمبر 2009

حمدا لله على سلامة الروح و الجسد

أبى لحظة وصوله البيت ... بالترنج الأبيض ، هههههههه
***********************
بسلامة الله عاد الوالد إلى البيت
مسدلا هو و إخوانه الستار على فصل من فصول العزة والكرامة فى معركة الحق والباطل الأبدية ..
لينتقل بعون الله وفضله إلى صفحة جديدة فى كتاب التاريخ الذى يسطره هو و كل من على الحق ...
ولأننا تعودنا أن نتريث قليلا بين الخطوات ، لنستخلص مما مضى العبر و نستعد لما بقى خير إستعداد ، و لنقف قليلا نبتهل إلى الله عز وجل أن يتقبل منا ، وأن يثبتنا على طريقه إلى أن نلقاه راضين مرضيين ، فى جنات عليين ...
فإننا نسأل الله أن يرزقنا صلاح القلوب و إخلاصها ، و نسأله أن يجعلنا من أوليائه وجنده ...
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا ، وإهدنا وإهدى بنا ... اللهم ثبتنا على طريق الحق ... وانعم علينا الرضا بقضائك ...
اللهم اجعلنا على طريق الأنبياء سائرين ... ولوجهك ياربنا عاملين
اللهم آمين
لن أطيل الحديث فليس هذا بمقام كلام، انما ألخص شعورى فى جملة واحدة أقولها لرب العالمين
" كله فى حبك يهون "

أبى أمام مقر أمن الدولة .. الساهر دائما على راحة شعبنا ، ههههههه

د.علاء سويلم لحظة خروجه من مقر أمن الدولة

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

همسة حب و إمتنان


ذكرى ميلادك دائما ما يكون يومها مميزا عن باقى أيام العام ، فهناك احساس بأن هذا اليوم هو يومك أنت ، خلق خصيصا لك ...
كل انسان له طريقة فى الاحتفال بهذا اليوم منها ما هو بدعة ومنها ما هو مباح وليس هذا مجال الفتوى ، إنما الشاهد هو أنك دوما ما تشعر بأن عليك أن تفعل شيئا مميزا فى ذلك اليوم ...
هناك من يخرجون مع أصدقائهم احتفالا ، هناك من يصومون طاعة لله فى ذلك اليوم ، هناك من يتصفحون أليوم صورهم ليسترجعوا شريط ذكرياتهم ، وهناك من يفعل أشياءا أخرى ...
لكن ، هل تخيلت يوما أن تحتفل بيوم ميلادك وأنت معتقل فى سبيل الله ؟!! وأنت خلف القضبان من أجل رغبتك وعزمك على إصلاح أمتك ؟!!
*****************
أبى العزيز حفظك الله
اليوم 10/11/2009 و
فى ذكرى ميلادك الخمسين ، و فى ذكرى مرور نصف قرن على مشيئة الله فى أن تأتى إلى تلك الدنيا ، نصف قرن مفعمة بالأحداث و المواقف و الأفعال ، كلها محفوظة فى كتاب عند من لا يضل ولا ينسى ، يكفى أنك تحتفل بهذا اليوم و أنت على درب الأنبياء والصديقين ، وأنت على طريق الصالحين الصابرين ، يكفى أن الله عز وجل إطلع عليك فى ذكرى ميلادك فوجدك مسجونا من أجله وفى سبيله

أي أبى العزيز

أرفع قبعتى و أحنى هامتى إحتراما وإجلالا لك ، عسى الله أن يجمعنا فى الفردوس الأعلى مع حبينا محمد صلى الله عليه وسلم ...
غفر الله لك ما مضى ، وأصلح لك ما بقى ، وجعلك من أوليائه و جنده ، ورفع بالإسلام قدرك ، وبالقرآن مقامك ، وثبتك على طريق الحق ، وثبت من خلفك بك ... اللهم آمين
لو بحثت أبى عن مكان تحتفل فيه بيوم ميلادك فلن تجد أعظم من مكان تؤذى فيه فى سبيل الله ...
أى أبى العزيز
كل عام وأنت بخير ومن أهل الخير و على خير ...

أطال الله عمرك ، وبارك لنا فيك ، ومتعك بالصحة والعافية ، وأعانك على مزيد من البذل والعطاء

والله أكبر ولله الحمد

الخميس، 5 نوفمبر 2009

عرض النيابة .. تاريخٌ نشهده


عرض النيابة
الأمس الأربعاء 4-11-2009 كان موعد عرض النيابة الأول لأبى وإخوانه بعد مرور أسبوعين على إعتقالهم ، ذهبنا إلى مجمع المحاكم بالمنصورة فى حوالى الحادية عشرة ظهرا ، علمنا أن العرض سيكون فى الدور السابع فتوجهنا إلى هناك لنفاجئ بوجود عدد كبير جدا من أسر المعتقلين و المتضامنين معهم ، جلسنا فى انتظار قدوم سيارة الترحيلات والتى من المفترض أن تصل الى المنصورة فى الحادية عشرة أيضا ، لكن الساعة جاوزت الثانية عشرة والنصف والسيارة لم تصل بعد مما أثار قلق الحضور ، وبعد اتصالات و استفسارات علمنا أن السيارة أخطأت المكان وأنزلت المعتقلين فى محكمة ميت غمر وليس المنصورة – ياربى على الغباء – المهم مرت نصف ساعة أخرى حتى علمنا أن هناك سيارة ترحيلات قد وصلت ، لكنها لم تكن السيارة الخاصة بأبى وإخوانه بل السيارة التى تقل أخين معتقلين من أبناء طلخا-المنصورة ، صعد الأخان بصحبة العساكر ووسط تجمهر الناس من حولهما ، وابتسامتهما الربانية التى لا ترتسم إلا على وجه رجل يعرف أنه فى سبيل الله ، وانطلقت الهتافات " حسبنا الله ونعم الوكيل " ، "الله اكبر ولله الحمد " ترج أرجاء المكان ، تزلزل قلوب الضعفاء وتغرس فى قلوبنا كل معانى التضحية و الفداء .



وصول أبى وإخوانه
بعد حوالى ربع الساعة علمنا أن سيارة الترحيلات التى تقل أبى وإخوانه السبعة قد وصلت ، تجمهر الناس عند المصعد الذى سيصعد فيه المعتقلون ، وما هى إلا لحظات حتى فتح الباب وخرج لواء ورتبة أخرى و بعض العساكر ، ثم خرج الإخوة تباعا ، وسط الهتافات التى حملت كثيرا من الغضب والسخط على الظلم والظالمين ، و كثير من الدموع التى تساقطت من أعين الأمهات والزوجات والبنات رغم محاولة بعضهن التماسك لكن هيهات فهكذا خلقهن الله ..
أدخل الأمن المعتقلين فى ممر طويل لا يتعدى عرضه المتر ومن المفترض أن يدخل أكثر من مائتي شخص ليسلموا على المعتقلين ، وهنا بدأت الفوضى والمعاناة ، وحاول العساكر ان ينظموا عملية الدخول والخروج لكن بلا جدوى ، حتى تولى الإخوة المسئولون هذه العملية شديدة الصعوبة والتعقيد ، وهناك فى نهاية الممر كانت روعة اللقاء وسط دموع المتحابين ، وتعانق رفقاء الفكرة والرسالة ، وبرغم ضيق المكان و حرارة الجو و قطرات العرق التى تتساقط من الجميع عاش الجميع مشاعر الود بين بعضهم ، فشعور الحب بين أصحاب الرسالات السامية لا يعكر صفوه ضيق ولا حرارة و لا عرق ، والتقيت أنا بأبى ، فتعانقنا وقبلت يديه ، وطمأنته على أحوالنا ، وسألته عن الكتب الأخرى التى يريدها لنحضرها له فى الزيارة ، وكان حوارا جميلا بيننا وأمى واقفة بجواره ممسكة بذراعه طول الوقت ، وأخى الأصغر عمرو واقف معنا فى اجتماع أسرى دافئ وكأننا نجلس فى البيت


ثورة غضب
بدأ عرض النيابة ، والاخوة يدخلون متتابعين ، والذين لم يدخلوا بعد ما زالوا يسلمون على أحبتهم وأسرهم ، وأنا واقف أتابع كل ذلك ، حتى أتى الأمر بأن يخرج جميع الأهالى من الممر ، فبدأ العساكر فى اخراج الناس وهم يصيحون فى وجوههم لكن لم يخرج أحد حتى أتى اللواء وأقسم لهم أنهم إذا خرجوا فسيسمح لهم بأن يجلسوا مع المعتقلين أمام سيارة الترحيلات الفترة التى يريدونها ، فاقتنع الناس وبدأوا فى النزول ، كان معظم العساكر يتحدث مع الأهالى بطريقة مهذبة تحمل كثيرا من الرجاء بأن يتساهلوا معهم حتى يتموا مهمتهم ، لكن واحدا فقط هو الذى كان يتحدث للناس بطريقة مهينة وبالمناسبة كان أكبرهم حجما ،ظللت أتابعه وأنا صامت ، حتى وجدته يصيح فى الناس " ما ترجعوا بقى يا جدعان عشان ما أتعصبش عليكم " ، وياليته ما قالها ، فما بدر منى بعد أن انتهى من كلمته كان من الصعب علي المكسين احتماله ، باختصار شديد " مسحت بكرامته الأرض " ، حاول الجميع تهدئتى لكن بلا فائدة تذكر ، فقد وجب على أن أؤدب هذا الصعلوك ، أنا فى ثورتى وهو ساكت لا يتكلم وكانه تحول لتمثال صخرى ، لم أهدأ إلا بعد أن أخذ زملائه فى الاعتذار " معلش يا دكتور " ، " معلش يابيه ، ده ما يقصدش " ، حتى أتى الظابط المسئول و أخذ يهدئنى ، فتركت المكان وانصرفت .

الحق والباطل صراع أبدى
انتهى عرض النيابة ، ونزل الاخوة فى المصعد ، وقد سبقهم الناس على السلالم ، حتى خرجنا من ساحة المحكمة ، وبدأت الهتافات من جديد ، لكن هذه المرة كان العدد كبيرا جدا ، والهتافات تزلزل الشارع ، وقد خرج الناس من شرفات منازلهم ليشهدوا تلك المظاهرة ، وحدث ما لم يتوقعه الجميع ، فوجئنا بالظباط يأمرون العساكر بأن يصعدوا بالمعتقلين الى سيارة الترحيلات مباشرة فى نقض خسيس لوعد اللواء ، صعد أول أخان بلا مجادلة ، والناس سلمت بالأمر ، حتى كان دور أبى فى الصعود ، فإذا به يمسك بحديد السيارة ويأبى الصعود ، وأمر الإخوة ألا يصعد أحد ، وأمر الأخين الذين صعدا أن ينزلا ، فقد كانت هناك كلمة من اللواء أن يجلس الأهالى مع المعتقلين قبل الترحيل ، وستنفذ تلك الكلمة رغما عن أنف الجميع ، حاول الظباط أن يتكلموا مع والدى ، لكنه أخذ قراره ، لن يرحلوا حتى يصلوا الظهر والعصر ثم يجلسوا مع أهلهم ثم بعد ذلك يرحلون ، كان يتحدث معهم بحزم شديد وكان يصيح فى وجوههم وكأنه يتحدث إلى مجموعة من " العيال " ، والصور بالأسفل تحكى كل شيئ ، حتى أتى اللواء فلم يجد بدا إلا أن ينفذ ما أراد الوالد – حفظه الله – وإخوانه ، فنزلوا من سيارة الترحيلات ، ودخلوا الى ساحة كبيرة ، وأغلق الأمن الباب ، ثم بعد فترة أدخلوا النساء كلهن ..







لقاء من جديد
اللقاء هذه المرة كان مختلفا ، فالمكان واسع كما أنه يعتبر فى الشارع لذلك فالتهوية جيدة ، جلس النساء مع الإخوة حوالى ثلث الساعة ، ثم خرجن جميعا ، لكن الأمن منع الرجال من الدخول ، حسنا لا ضير ، فالبوابات بها الكثير من الفراغات التى تتيح الحديث و التصوير بل واعطاء التليفونات للمعتقلين ليتحدثوا مع من لم يستطع الحضور ..
بعد ذلك صلوا الظهر والعصر ، ثم جلسوا قليلا ، ثم فتحت البوابة وخرجوا جميعا الى السيارة ، ووسط الهتافات والدعوات انطلقت سيارة الترحيلات ، حاملة بين جوانبها طائفة من أطهر الرجال على أرض وطننا ، ولتتجلى أمام أعيننا الآية الكريمة " أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون "










مواقف على الهامش
- على هامش ماحدث ، بينما نحن فى الشارع ننتظر خروج أبى ليترحلوا ، دارت بينى وبين أحد الظباط محادثة قصيرة ، وهو بالمناسبة الظابط الذى كان مسئولا عن مرافقة م.خيرت الشاطر – فك الله أسره – عندما خرج ليحضر جنازة والدته ، وهو- للحق- مهذب جدا ، لكنه كان يتحدث عن أن الناس عندما يحدثوا هذه الفوضى لن يستطيعوا فى النهاية أن يدخلوا ويروا المعتقلين ، لكنهم لو التزموا الهدوء فسيسمحون للأمن بأن ينظم الحركة ويدخلون جميعهم ، فقلت له " حط نفسك مكانهم وشوف هتعرف تهدى ولا لا " ، فقال هو لى " طب حط انت نفسك مكانى " ، فإذا بى أقول له على الفور بتلقائية شديدة ودون تعمد لما أقول " ما أقدرش أحط نفسى مكانك ، لأنى هتعب نفسيا " وانتهى الحوار

- أمى أخذت تحسبن و تدعو على الظالمين ، فإذا بأحد العساكر يقول لها بتأثر شديد " يا حاجة انتى كده خدتى سيئات ، لأنك ظلمتينا " ، ياعين أمك ياخويا ...
عندما أرى أى عسكرى وأتابع أفعاله ، أتذكر على الفور فيلم البرئ عندما كان أحمد زكى يقتل المفكر والكاتب الذى حاول الهرب ، وبينما يطبق على رقبته ، قال له هذا المفكر " مانت حمار مش فاهم حاجة "



فيديو قبل الترحيل

ألا إن نصر الله قريب ...

الخميس، 29 أكتوبر 2009

رسالة أبى من خلف القضبان


بسم الله الرحمن الرحيم

زوجتى الحبيبة ونور قلبى
أبنائى وقرة عينى / محمد و عبدالرحمن و عمر و عمرو
سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه كلمات فى عجالة أعبر فيها عن مدى شوقى إليكم وسعادتى بكلماتكم الرقيقة ومشاعركم الراقية .
ولتعلموا جميعا أن من أكبر أسباب الثبات فى المحن أن يستشعر الإنسان هذه النعمة الكبرى ، وهى أن يختار الله له زوجة و أولادا ً فى مثل أشخاصكم و أخلاقكم .
وكل ما أتمناه ألا يقف الأمرعند الثبات والصبر بل يجب أن يتخذ المؤمن من هذه المواقف وقفة ً كبرى إلى الأعلى و الأرقى و أحسبكم جميعا ً من أصحاب الهمم العالية .
أما عن أحوالنا فالجميع بخير والحمد لله ، والكل يتعايش مع الموقف بثبات ورقى عجيب .
أما عن نفسى ، فبفضل الله أحلق فى عوالم المذاكرة والحفظ والمراجعة و الرياضة وباقى البرامج ، غير أننى أعانى من نفس المشكلة السابقة ، وهى أن إخوانى يُعفوننى من الخدمات حتى أتفرغ للمذاكرة .
أتمنى أن أستطيع تسجيل ما أعايشه من خواطر و مواقف و دروس أسأل الله أن يجعلها حجة لنا لا علينا .
ورغم هذا البرنامج المكثف فأنتم و الحمد لله تعيشون معى وفى خاطرى و فى دعواتى دائما . أسأل الله القبول .
معذرة ً فالمشاعر متدفقة و الكلمات كثيرة ولكن ضيق الوقت المسموح يجعلنى أرجئ ذلك إلى لقاء قريب ، و حتى يحين ذلك لكم قبلاتى و دعواتى . ولعلكم تركزون فى دعائكم أن يتقبل الله منا هذه الأوقات و أن يجعلها من أسباب النصر و التمكين ، وأن يجمعنا فى الفردوس مع الحبيب ( ص )

خالد الديب

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

الشجاااااااااااااااااااااااااااع



بعد أن تمكنت اليوم من الفوز بمقعد فى المواصلات فى طريق العودة إلى البيت ، ألقيت بجسدى وأغمضت عينى وتركت لعقلى العنان فى خيالاته ، إلا أن السائق شغل الراديو على موجة إذاعة القرآن الكريم ، فكان حوارا بين أحد مذيعى الإذاعة و قاضى قضاة فلسطين ، توقفت قليلا عن التفكير وركزت فى سماع الحوار ، فأنا لم أسمع شيئا عن تطورات الاعتداءات القذرة لأحفاد القردة على أقصانا الحبيب ، كان حوارا رائعا يتحدث فيه القاضى بمنتهى الوضوح والصراحة عن المخطط الصهيونى للاستيلاء على المسجد فى الأيام القادمة و تحويله للهيكل ، وان مخططهم يقضى بأن تتحرك الجماعات اليهودية المتطرفة وتقتحم الأقصى على أن تتطور الاعتداءات على مر الأيام حتى يتم الاستيلاء الكامل . ما قاله الضيف كان خطيرا شديد الخطورة لدرجة مفزعة ، إلا أن تعليق المذيع المتميز - والذى يعمل فى إذاعة القرآن الكريم - كان سؤالا رائعا ختم به الحوار حيث سأل الضيف :
- سمعنا أن سيادة الرئيس حسنى مبارك حذر اليوم الحكومة الصهيونية من خطورة الاعتداءات التى تحدث على الأقصى ، فما رأيك فى موقف الرئيس الشجاع ؟!!!
*********************
نلتقى فى أى حتة
و كل سنة وإحنا أى حاجة

الجمعة، 23 أكتوبر 2009

صور سأتذكرها فى الجنة مبتسما .. بإذن الله



أبى العزيز قبل العرض على النيابة




صورة أخرى لأبى


أبى يسلم على إخوانه عند وصوله للنيابة





تجمهر الإخوان بالأمس فى النيابة



الإخوان أمام القسم فى انتظار قرار الترحيل


باب الشقة


صورة أخرى لباب الشقة

دولابى بعد المعركة



شهاداتى ، وأوراقى ، ومستنداتى بعد انتهاء العملية

الخميس، 22 أكتوبر 2009

لن يضروكم إلا أذى

صورة لباب شقتنا


فى الكلية اليوم أتانى هاتف من أخى الأكبر محمد ، لم أرد لأنى كنت فى العيادة ، لكن أخى لم يتوقف عن معاودة الإتصال ، فاستئذنت و رددت فإذا به يأتينى بالخبر
"أبى أعتقل "
دخلت إلى العيادة من جديد ، واستأنفت متابعتى لشرح المعيدة ، وعقلى مشغول بما حدث وبما سيحدث ، انتهيت و ذهبت على الفور إلى شقتى وحزمت أمتعتى ، و انطلقت فى سفرى ، وصلت إلى البيت فأتانى عنوان ما حدث ، بوابة العمارة مكسورة ، صعدت إلى البيت فإذا بباب الشقة مكسور بطريقة لا توحى بأنها من فعل البشر
دخلت ، سلمت على أهلى ، وأكثر ما استوقفنى هو رباطة جأشهم وكأن شيئا لم يحدث ، بعض المزاح من عمر ، وبعض الضحك من عمرو ، ثم جلست معهم ليحكوا لى تفاصيل ما حدث
كان أبى فى العيادة بالأمس حتى ساعة متأخرة ، عمر ذهب إليه ليرجع معه ، فى طريق عودتهم مروا على دكتور طارق صديق والدى ، فقد كان أبى يشتكى من بعض التعب ، فوصف له بعض الأدوية ، ثم رجعا إلى البيت ،كان أقربائنا يزوروننا بالأمس ، فجلس أبى معهم ، وكانت جلسة مرحة ، ساد فيها جو السخرية مما يحدث فى الأيام الماضية من إعتقالات ، وبعض الإفيهات من والدى و الآخرين ، ثم انتهت الزيارة ، فدخل والدى وأمى ليناما ، وبقى عمر جالسا ، وماهى إلا لحظات وإذا به يسمع صوت خبط شديد على الباب ، ذهب لينظر من الزائر ، فوجد العين السحرية مغلقة ، لكنه عرف من صوت الجلبة الشديد بأن أحبة قلوبنا هم من حضروا ، ذهب ليوقظ أبى وأمى ، فوجد أمى مستيقظة ، أخبرها ، وإذا به يسمع كلمة " إضرب " ، بهذه الكلمة السحرية خلع الباب خلعا ، ودخلت جحافل الأمن المركزى الشقة ، وظابط أمن دولة صعلوك يعطى لهم الأوامر
أمى تحسبن ، وعمر يحدثهم بغضب ، وظابط أمن الدولة يمارس هوايته فى التحامق ، فأتى أبى وحسم الموقف بصوته العالى " ماحدش يزعق " ، فسكت الجميع وتحدث الظابط إلى أبى وطلب منه أن يغير ملابسه ليصطحبهم ، ثم أعطى أوامره بتفتيش المنازل ، لم يتركوا جزءا فى المنزل إلا وفتشوه ، غرفتى ، غرفة عمر وعمرو ، الحمامات ، غرفة نوم والدى ، الصالونات ، المكتبتين ، ومكاتبنا كلها ، حتى المطبخ أخذ يفتش فى الملاعق والسكاكين ، فسألته أمى متهكمة
" انت جعان ولا إيه ؟!"
من الطرائف أن أحد المخبرين سأل والدى بمسكنة شديدة " هو فى هنا شاحن صغير يا دكتور " ، فأعطاه الشاحن ، فشحن هاتفه ، وهو مغادر قال لأبى بطيبته التى تفيض " شكرا على الشاحن يا دكتور "
المهم بعد أن انتهت عملية التفتيش ، وبعد أن أخذوا كمية لا بأس بها من الكتب ، طلب الظابط من أبى " بعد إذنك يا دكتور ، البشمهندس عمر يجيب مفتاح العربية وينزل معانا عشان نفتشها " ، لم يمانع والدى ونزلوا وفتشوا السيارة ..
ما لفت انتباه عمر هو أنه عندما نزل وجد " عم ثروت " بواب العمارة يبكى ، وقد وضعوا أمامه أحد العساكر - بالطبع ليسهر على راحته - ، ووجهه واضح عليه علامات الضرب .
أ.محمود جارنا الذى يسكن فى الطابق الأول ، خرج من البيت ، فإذا بهم يصيحون فى وجهه بأن يدخل ويغلق عليه الباب ، فأخبرهم أنه ذاهب فى مشوار ضرورى ، فصاحوا فيه ومنعوه من الخروج .
بعد ذلك اصطحبوا والدى إلى المركز ، حيث يقبع الآن هناك ، وبالطبع كلنا نعرف التمثيلية ، تحقيقات النيابة ، ثم القاضى يصدر قرار البراءة وإخلاء السبيل ، ليأتى بعد ذلك قرار الإعتقال ، ويرحل على أحد المعتقلات الكبرى ...
هذه هى القصة ، أما تعليقى أنا ، فهم أخذوا والدى- حفظه الله - ، و ما سأواجهه أنا فى الأيام القادمة هو الآتى :
- قد أترك سكنى وأضطر إلى المعاناة فى المواصلات اللعينة كل يوم لكى أكون بجوار والدتى
- قد نفتقد أبانا كثيرا لبعده عنا
- قد تتدهور أحوالنا المادية قليلا
- قد نعانى نحن بعض الوقت فى التحقيقات والإستدعاءات
- وقد يحدث لنا أكثر من ذلك بكثير

حسنا ليس هناك مشكلة تذكر على الإطلاق ، لقد اخترنا هذا الطريق بكامل ارادتنا ، و سنتحمل تبعات الخوض فيه بصدر رحب ونفس مطمئنة ، إننا نعمل عند الله عز وجل ، و كل بلاء ينزل بنا سنصبر عليه بإذنه تعالى ، وسنتابع المسيرة ، ولن توقفنا قوى العالم مجتمعة ، حتى ولو كانت أرواحنا هى الثمن ...
الله عز وجل قال لنا " لن يضروكم إلا أذى "
فأهلا بأذى فى سبيلك يارب ...
والله أكبر ولله الحمد
" هذا أبى فليـُر
نى أحدكم أباه "

الجمعة، 16 أكتوبر 2009

أعتقها




سألنى بإستغراب شديد عندما رأى فى يدى أوراق طلب الترشح فى انتخابات إتحاد الطلاب بالكلية
- هترشح نفسك فى اتحاد الطلبة ؟!! ، مانت عارف ان اسمك مش هيتقبل ، وان الاتحاد بيتعين كل سنة بالكوسة ولا انت غاوى توجع دماغك وخلاص ...

أكثر ما يؤلمنى هو أن نصل إلى درجة قبول الواقع ، وأن نجعل الأحداث تركب على ظهورنا فتوجهنا أينما تريد ، إذا تحدثت مع أى أحد الآن فى أي شيء يتعلق بالفساد أو بالظلم أو حتى فى تلاشى القيم ، ستجده يصدق على كلامك بل و سيزيدك من عنده براهين وأدلة على صدق كلامك وصفاء رؤيتك ، ثم تجده بكل بساطة يختم حديثه ب " ربنا يهدى " أو " يلا بقى يعنى احنا بإيدنا إيه نعمله "
- إتحاد الطلاب يتم كل عام بالكوسة ، حسنا سأذهب كل عام واتقدم للترشح ، ليس لأنى أريد المنصب وان كان هذا حقى البشرى ، إنما لكى احترم نفسى ، لكى أوجه لعقلى الباطن رسالة إيجابية تقول انى معترض قلبا وقالبا على مايحدث
**********************
- فى الأوتوبيس يكون الزحام شديدا والكل فيه يعمل بنظرية " احصل على كل ما تناله يدك " ، فتجد الشباب جالسين على المقاعد ، وكبار السن واقفون على أقدامهم ، وإذا سألت أحد الجالسين فسيجيبك بمنتهى المنطقية " ماهو شايف الاوتوبيس زحمة قبل ما يركب ، ماكان استنى اللى بعده " ، " ما الناس كلها قاعدة أهى ، يعنى هى جت عليا ؟!" ، " أنا والله كنت بقوم زمان بس بقيت بكسل "
ومبررات أخرى قد تبدو لك منطقية إلى حد كبير ، لكنها فى الحقيقة لا تخرج عن إطار قبول الواقع ، واقع أننا صرنا فى عصر التعاقد ، حيث تختفى فيه صفة التراحم ، فيصبح سلوك الناس فيه من منطلق المنفعة المادية المشتركة ، أما ان يكون التصرف على أساس الرحمة والتعاطف فهذا صار من الأثريات
- مهما كان الواقع ، ومهما كانت درجة تعبى ، ومهما كانت حالتى النفسية ، سأترك مقعدى إذا رأيت رجلا مسنا أو إمرأة تقف فى الاوتوبيس ، سأجلسها على مقعدى دون حتى أن أترك لنفسى فرصة التفكير فى القيام بذلك أو لا
**********************
- فى كليتى ستجد بعض الطلاب والمعيدين يتعاملون مع المرضى بأسلوب فيه الكثير من الإهانة لإنسانيتهم ، فهم ينظرون إلى المريض على أنه يعالج بصورة مجانية لذلك فليس من حقه الاعتراض ، ليس من حقه السؤال ، بل ليس من حقه التألم أحيانا ، وإذا سألت أحد هؤلاء سيقول لك " مانت شايف العدد الرهيب اللى بييجى كل يوم ، ماحنا برضه معذورين " أو " ياعم الناس اللى بتيجى هنا أصلا عالم مقرفة ومتعودين على الكلية ، فلو كلمته بأدب هيقرفك معاه " ، " يعنى أديك شايف الحال ، لا أدوات ولا مكان نضيف ، ولا حتى هوا نتنفسه ، عايزنى بعد كل ده أدادى فى العيانين "
أيضا قد يبدون أحيانا معذورين ، لكنى أرى عذرهم أنهم مساكين لا يقدرون على مواجهة الواقع و إيقافه
- مهما تكن سوء حالة الكلية ، فلن أتعامل مع مريضى أبدا على أنه أقل من إنسان
*********************
النماذج الثلاثة السابقة نقطة فى بحر النماذج التى تواجه كل واحد منا فى العمل ، البيت ، الشارع و المسجد ، إذا توقفت لحظة وراقبت تصرفات من حولك ، ستجدهم يفعلون أشياءا كثيرة لايحبونها ولا يقتنعون بها من الأساس ، لكنهم يفعلونها لأنهم ببساطة لم يتعودوا أن يتوقفوا ويقولوا لا ، لم يسأل أحدهم نفسه يوما ما أقصى شيء ممكن أن يصيبنى إذا رفضت أن أفعل هذا الشيء ...
قد تفقد بعض الامتيازات ، قد تخسر بعض النقود ، قد يكرهك بعض الناس ، قد تتعب بعض الوقت ، قد تشعر بأنك تحارب وحدك ، قد تشعر بالغربة فى مجتمع ألف الإنحناء
لكن ستكسب حريتك
وستكسب إحترام نفسك لك

**********************
أعتقها

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

تخاريف



- نجحت حماس فى إطلاق سراح عشرين أسيرة من مختلف الفصائل الفلسطينية مقابل شريط مصور للجندى الصهيونى جلعاد شاليط الذى أسرته كتائب عز الدين القسام
- فى نفس اليوم صدم العالم أجمع بطلب ممثل فلسطين بتأجيل مناقشة تقرير القاضى جولدستون الذى يدين إسرائيل ويكشف جرئمها فى حرب غزة
- صحيفة هارتس الاسرائيلية الشهيرة قالت أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية هو من أمر بتأجيل التقرير
- قناة الجزيرة نقلت عن وكالة شهاب الفلسطينية للأنباء السبب الحقيقى وراء القرار حيث قالت الوكالة إن اجتماعا جرى في واشنطن في الأيام الماضية بين ممثلين عن السلطة الفلسطينية ووفد إسرائيلي حول الموقف من التقرير، وأشارت المصادر إلى أن ممثلي السلطة رفضوا في البداية بشدة الطلب الإسرائيلي بعدم تمرير التقرير، وتمسكوا بموقفهم، إلى أن جاء العقيد إيلي أفراهام وعرض على جهاز الحاسوب ملف فيديو يعرض لقاء وحوارا دار بين رئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بحضور وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني.
ووفقا للمصدر نفسه ظهر عباس في التسجيل المصور وهو يحاول إقناع باراك بضرورة استمرار الحرب على غزة، فيما بدا باراك مترددا أمام حماسة عباس وتأييد ليفني لاستمرار الحرب.
وأشار المصدر إلى أن أفرهام عرض أيضا على وفد السلطة تسجيلا لمكالمة هاتفية بين مدير مكتب رئاسة الأركان الإسرائيلية دوف فايسغلاس والطيب عبد الرحيم الأمين العام للرئاسة الفلسطينية، الذي قال فيها إن الظروف مواتية ومهيأة لدخول الجيش الإسرائيلي لمخيمي جباليا والشاطئ، مؤكدا أن سقوط المخيمين سينهي حكم حركة المقاومة الإسلامية (
حماس) في قطاع غزة، وسيدفعها لرفع الراية البيضاء.
وحسب تسجيل المكالمة فإن فايسغلاس قال للطيب عبد الرحيم إن هذا سيتسبب في سقوط آلاف المدنيين، فرد عليه عبد الرحيم بأن "جميعهم انتخبوا حماس، وهم الذين اختاروا مصيرهم وليس نحن".
وعلى الفور أصدر عباس قراره حتى لا يفتضح الأمر وتنقلب الطاولة على رأسه
- خلال اليومين الماضى حدثت عدة محاولات لإقتحام المسجد الأقصى من قبل الصهاينة وسط حماية غير مسبوقة من الجيش الإسرائيلى ، وسقط العديد من الجرحى من إخواننا المرابطين فى المسجد ، كما قام الصهاينة بإعتقال الشيخ رائد صلاح ، وحتى هذه اللحظة مازالت المحاولات مستمرة لإقتحام المسجد
- وسط الصمت المهين للمؤسسات الإسلامية وعلى رأسها الأزهر على الأحداث الماضية خرج علينا شيخ الأزهر الطنطاوى كرم الله وجهه وهو يعنف فتاة لإرتدائها النقاب وأجبرها على خلعه وهو يسخر منها بشدة ، ثم أطربنا بعزمه على استصدار قانون يمنع إرتداء النقاب فى الجامعات والمعاهد الأزهرية ... الله يكسفه
- خلال الأسبوعين الماضيين قامت السلطات المصرية بحملة إعتقالات واسعة شملت قياديين فى جماعة الإخوان المسلمين
- تونس تلغى موسم الحج هذا العام بسبب إنفلونزا الخنازير
- أكثر من 81 ألف مصرى حضروا مباراة مصر و كوستاريكا والتى انتهت بتوديع منتخبنا الوطنى للمراهقين لكأس العالم ، وهذا العدد الرهيب تكدس فى الإستاد ايضا بسبب إنفلونزا الخنازير
- المدعى العام الأمريكى أعلن اليوم أن أمريكا لن تستطيع إغلاق جونتانامو فى الموعد الذى حدده أوباما
- أكثر من ألف قتيل فى الأسبوع الماضى بأندونيسيا ، أمريكا ، فيتنام و الهند بسبب زلازل و فيضانات وأمطار
*******************
قد تبدو لك الأحداث متفرقة ، لكنى أراها شديدة الإرتباط
أراها لوحة فنية متكاملة تخرج لنا لسانها بعد أن بصقت فى وجهنا لتخبرنا أننا أهل لما يحدث لنا وهم أهل لما يحدث لهم
******************
عذرا تلك تخاريفى ... فى زمن الجنون

السبت، 19 سبتمبر 2009

إفرحوا يا أهل الفرح


- فى مباراة كرة قدم سجل مهاجمو الفريق خمسة أهداف ---> أى أنهم بذلوا أقصى جهدهم و أدوا ما عليهم بأكمل وجه
- نفس الفريق دخل فيه هدفين فى هذه المباراة ---> أى أن مدافعى الفريق وحارس مرماه قصروا قليلا فى واجباتهم ، ولم يجيدوا فى آدائهم مثل المهاجمين
- أطلق الحكم الصافرة ليعلن انتهاء المباراة بفوز هذا الفريق بخمسة أهداف لهدفين ---> فإذا بالفرحة تغمر كل لاعبى الفريق بلا إستثناء ، المجيد منهم والمقصر ، من أحرز منهم الأهداف ومن دخل فى مرماه أهداف ، الكل بلا استثناء فرح ، الكل نسى ان كان قد أجاد أو قصر ، فالآن لحظة فرح ، والآن مناسبة إحتفال ، والمهم أن الفريق فاز ...


المهم أننا أعتقنا من النيران بإذن الرحمن ورحمة المنان


كل عام وأنتم بخيرات

الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

مهند أبو دية .. إختراع و إبتلاء و حلم كبير .. أسطورة

الحلقة الثانية " الأخيرة "
***************
أنا والأسطورة
إختراع الغواصة
***************

صورة الغواصة
الفكرة عرفت رؤيتى كانت هنا ماعندى شغلة أسويها ، أظل أبكى ؟! طب آخرتها هظل مريض ، جلست مع الورقة والقلم وأبدا أشوف ، خلصت هذى وانا سويت خطة رائعة وقت ماكنت بالحجر الصحى ، خطة رائعة لحياتى ، و طلعت إلى جامعة البترول والمعادن أدرس فيها وأنا معايا ورقة فيها كورة مدورة وكاتب عليها فوق " غواصة سابق سبعة " اللى هى صارت بعدين " غواصة صقر عروبة " ، هذه هى كانت المعلقة السادسة هى كانت حقة الملك فى البداية ، بس جلست ثلاث سنوات ونص أحاول انى أسوى الغواصة ، والكل يخبرنى إنه مستحيل ، ثلاث سنوات ونص أنجزتها ، عرضتها على اليابانى اللى كان واصل لأعمق نقطة قبلى ، وهو اللى وصل لأعمق نقطة فى العالم ، هو وصل لنقطة قبلى ، فأنا اعطته إياها باليابان بالاميل ، تصميم الغواصة ، وقلتله شو رأيك فيها ، فأرسل لى كلمة واحدة "impossible " ، يا الله حلوة بالانجليزى
ضحك الجمهور
أرسلت قلتله 232 ، قالى إيش هذا ؟ ، قلتله مائتين اتنين وثلاثين مرة سمعت فيها كلمة مستحيل فى هذه الغواصة ، وسويتها
تصفيق شديد من الحاضرين

**********************************************
http://www.youtube.com/watch?v=3D0cZd_9FaI
فيديو لقاء مع مهند على قناة mbc بعد إختراع الغواصة
**********************************************

إبتلاء عظيم
*************
الفكرة هنا انتهت التحديات خلاص ؟! ، لسة ، لسة ، حصلى حادث بالسيارة ، هذا جديدى فى عالم التحديات ، جيت لأهلى فى الرياض ، تعطلت سيارتى ، وقفتها على جنب فى مكان المفروض انه آمن ، وعادة إذا سيارتى تعطلت من اللى يصلحها؟! ، أنا ، فتحت كابوت السيارة ، وبدأت أصلح فى السيارة من جوة ، وبدأت أظبط الماكينة ، شاب طائش كان مسرع بسيارته ، ضرب سيارتى من ورا وانا قدام أصلحها ، اللى حصل انه كل شيء فى السيارة طلع عليا ، جلست شهر تقريبا فى غيبوبة ، وأستيقظ لأرى أهلى من حولى يبكون ، ليش إش فى ؟! يبكون كأن مهند مات ، مهند ما مات ، لكن فقط إيش اللى حصله ، فقط صحيت لقيت رجلى اليسار مكسورة و محترقة ، رجلى اليمين ماهى موجودة أصلا ، بترت ، وجهى فيه ست عمليات تجميل ، أصابعى اللى كنت أصلح بها السيارة اتكسرت ، و استيقظت لأرى أننى لم أعد أرى ، وطلع خبر فى الجريدة انه " حادث شنيع يكتب نهاية إنجازات مهند أبو دية " ، حصل هذى ، جابولى اياها ، قلتلهم أ،ا صح ماعندى رجل ، أنا صح ما عنت أشوف ، لكن لا تبكوا ، اللى إختار لى هذا الشيء فى الحادث هو رب العالمين ، وهو أرحم بى منكم ومن نفسى حتى ، وقلتلهم الكلمة

" إذا لم أكن أقف على ساقى فأنا أقف على جبل من الطموح ، وإذا لم أكن أرى فأنا لم أفقد وضوح رؤيتى ، فإن يأخذ الله من عينى نورهما ، ففى لسانى وقلبى منهما نور "
قال مهند العبارة الأخير ، وخلع نظارته الشمسية وألقاها على الأرض ، ليرتفع صوت التصفيق الذى استمر دقائق ، وليتفاعل الحاضرين مع مهند كما لم يتفاعلوا مع أحد من قبل ولا من بعد طوال المؤتمر
جاء إلىَّ أحد الأشخاص وقال لى ، " يا مهند ، إيش ترد بعد ماكنت مخترع والآن خلاص صرت معاق " ، قلت له " المعاق لغويا هو من وجدت إعاقات أمامه فأعاقته عن إنجاز ما يريد ، أنا جائتنى إعاقات أمامى لكن هل أعاقتنى ؟! ن هذا تحدده الأيام الجاية ، فاعطينى سنة وقل لى بعدها أنا معاق ولا لا "
سنة من يوم ما طلعت من المستشفى ، والحادث حصلى تقريبا من قبل 15 شهر من الآن ، سنة من المستشفى ، الحمد لله رب العالمين ، إقتنعت فيها بالمعلقة الثامنة :


" أنت كما ترى نفسك ، و ليس كما يراك الآخرون "



لماذا أسطورة ؟
***************
أنا كفيف ، أنا ماعندى رجل يمين ، لكنى أديت أكثر من - الحمد لله رب العالمين - مائة محاضرة ، وتعلمت كل شيء يستطيع يسويها الكفوفين ، وبدأت فى كتابة كتاب أحلامى اللى هو كتاب " كن مخترعا " ، المنهج 800 صفحة ، منهج لتعليم الإختراع من البداية الى النهاية ، أنجزت ثلاث إختراعات إلكترونية ، إستطعت إن أنا أؤسس الآن " المركز السعودى لثقافة الإختراع " وكنت أحد المؤسسين لجمعية " المخترعين السعوديين " ، إستطعت ولله الحمد ان أنا أعود إلى الجامعة اللى أول ما حصلى الحادث ، توقعوا هم انى خلاص ، أغلقوا ملفى ، عدت إلى مدير الجامعة وأخبرته ، قلتله أنا راجع تانى للجامعة ، قالى أى تخصص ؟! ، قلتله التخصص اللى انا بدأت فيه ، مهندس فضاء ، قالولى" يا مهند ترى مافى العالم كله مهندس فضاء كفيف فى العالم " قلتله إلا ، قالى مين ، قولتله " أنا "
تصفيق
قلت لمدير الجامعة ، انا ما أبغى منكم شيء كتير ، أعطنى فقط ترم واحد ، وهو الترم اللى جاي الآن ، ترم واحد ، لو ما استطعت ان أنجز فيه ما أستطيعه ما هو متوقع من أى طالب متفوق ، بنفس الإمتحانات العادية ، لا تغيرولى المنهج ، أبغى أمتحن مع بقى الطلاب ، أن أدرس مع باقى الطلاب ، وبعد ترم قولولى انت تقدر أو ماتقدر ، أعطنى فقط الفرصة .
سئلت من أين تأتيك هذه الطاقة بعد الحادث ؟!، أنت بعد الحادث أقوى من قبل الحادث ، كيف ؟ ، قلتلهم المعلقة التاسعة :

" أنا مثل السهم فى القوس ، أحتاج انه تشدنى الظروف بعيد لورا ، لأنطلق مائة متر قدام وأصيب الأهداف "

تصفيق
ولله الحمد ، أنا الآن أطمح وحلمى انى أكون أكبر مخترع فى العالم بإنى أخترع مليون إختراع ، كيف ؟! ، أقولكم كيف ، أنا حلمى أسميه " ميم 4 " ، " مليون مخترع مسلم محترف "
تصفيق

الحلم الكبير
************
حلمى بعد ما الآن أصبحت مدرب لمخترعين ، إنى أدرب مليون مخترع مسلم ، ولو لك واحد من هؤلاء المسلمين إخترع فقط إختراع واحد كم هكون إخترعت ؟، مليون إختراع .
اللى حصل انى هقولكم شيء ، انا استفدت من حياتى ، وأنا حياتى لسة ما انتهت ، لسة الأيام جاية ، التحديات لسة راح تكون أكبر ، لكن أقولكم شيء ، حاول أن تعرف انك قد خلقك الله أيها المبدع أيها المنجز مثل سمكة القرش ، رب العالمين خلقها مليانة غضاريف ، لهذا هى عندها صعوبة فى إيش ؟ ، فى السباحة ، يعنى لو ظلت أربع دقائق واقفة ، سوف تغرق ، أما باقى الأسماك الهلامية لو ظلت واقفة سنة كاملة ماغرقت ، لكن سمك القرش لأنه رب العالمين خلقه هيك ما يتوقف .
رب العالمين بعد الحادث بصراحة آمنت بإنه إختار لى أن تكون حياتى أحد إختيارين ، يا إما أرفض هذا التحدى وأسقط وأتحنط وأصبح صورة ، أو إنى أقبل بهذا التحدى بلا أى جدال مثلى مثل غير المنجزين وأصبح أسطورة ، فإما أن أكون صورة أو أن أكون أسطورة .
ونصل إلى المعلقة الأخيرة وهى ماقالته هيلين كيلر الكفيفة الصماء البكماء اللى إستطاعت إنها تنجز مالم ينجزه غيرها ، قالوا لها إيش الحياة بالنسبة ليكى ؟ فقالت كما أقول الآن :

" الحياة إما مغامرة جريئة تحبس الأنفاس ، أو لا شيء "

نراكم فى القمة وشكرا لكم
تصفيق حاد من الحاضرين

طلب من الحاضرين
*****************

طب ممكن طلب ، أنا الآن أعطتكم محاضرة بتوقع إنها فادتكم ، فأبغاكم تردولى الجميل ، يعنى تدفعولى حق المحاضرة ، أقولكم كيف ، أنا الآن أمر فى الأيام الجاية بتحديات ومحتاج أحد يتحدانى ، فانا أقولكم وأبغى أسمع منكم كلمة أتحداك .
تتحدونى إنى أكمل فلا الجامعة وأصير أول مهندس فضاء كفيف فى العالم
الجميع بصوت عالى " نتحداك "
تتحدونى أنى أدرب مليون مخترع مسلم محترف
" نتحداك "
تتحدونى إنى أؤلف كتاب وأنجزه إن شاء الله خلال سنة يصبح منهج فى تعليم الإختراع
" نتحداك "
يكفينى ..

******************
تعمدت أن أنقل لحضراتكم كلام مهند حرفيا ، مع أنى كان بإمكانى أن أكتبه لكم بالفصحى ، لكنى أردت أن تعيشوا معى جزءا مما عشته أنا وأنا أستمع لهذا الكائن الأسطورى ، صحيح أن الحرف ليس بقدر الرؤية لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله ، مهند أبو دية إسم سيظل عالقا فى ذهنى إلى الأبد ، رأيته بالأمس على قناة الرسالة مع الدكتور محمد العوضى فى برنامجه " بينى وبينكم " ، وعلمت أنه غواصته الآن فى مراحلها النهائية وستنزل إلى البحر قريبا بإذن الله لتحقق الرقم القياسى العالمى والذى بحوزة اليابانى ، قال أيضا أن آخر إختراعين إخترعهما قبل الحادث كانت للمكفوفين ، وهو أول من إستخدمهما بعد ذلك وكأن الله كان يهيئه لما سيبتليه به ...
هذا مهند ، فمن أنت ؟!!!





الأربعاء، 19 أغسطس 2009

مهند الأسطورة ... والمعلقات العشر

الحلقة الأولى
*************
صورة للتمويه ،ههههه،
بالطبع ليس هذا هو الأسطورة

سأتوقف عن نشر اليوميات فقد مر عليها كثير ولم تعد طازجة بعد الآن ، هههه ، لكن من أراد بقية الحلقات ، فقط يعلمنى وأنا سأرسلها له..
أبدأ معكم رحلة روحانية فى حلقات جديدة ، عن قصة حياة سمعتها من صاحبها ، وكان تعليقى عليها أنها لو تم تحويلها إلى فيلم سينمائى لقال عنه النقاد أنه خيالى ومبالغ فيه بشدة ، قصة حياة لا بد أن تترك فيك أثرا ، ولا بدا أن تغير فيك شيئا ، هذا وعد منى
ستكون القصة على حلقات وذلك لطولها ، وهى نقل حرفى لكلام مهند دون تعديل ، أترككم الآن مع الحلقة الأولى

*************************
انتبهنا على صوت المقدم يعلن إستكمال البرنامج ، و بدء الفقرة التالية وهى " لقاء مع شاب مبدع " ، دخل من الباب شابان أحدهما كفيف وبمشيته عرج خفيف والآخر سليم معافى يسنده ، صعدا إلى المسرح أحضر السليم كرسى المحاضر وأجلس الكفيف عليه ، ثم أمسك بمكبر الصوت وأعطى نبذة مختصرة عن الشاب الكفيف ثم أعطاه مكبر الصوت ونزل هو من على المسرح وجلس بين الجمهور ، وبدأ الشاب الكفيف يتحدث من على خشبة المسرح وهو جالس على كرسي المحاضر
" - السلام عليكم
أنا لن أتكلم معكم ، أنا سوف أتكلم مع نفسى بصوت عال ، لأن الكلام مع الناس عادة بيكون فيه مجاملات بيكون فيه أشياء للتغطية لكن الكلام مع النفس دائما صادق .."
" أنا سأتكلم اليوم عن المعلقات العشر وأسميتها المعلقات العشر لأنى علقتها فى عقلى وفى قلبى و فى غرفتى جدار غرفتى ، عشر كلمات انا علقتها فى جدار غرفتى منذ أن بدأت المشوار وأنا عمرى خمس سنوات إلى الآن ، ولكل واحدة منهم قصة قصيرة ، هى طويلة ولكنى سأجعلها قصيرة لأن الوقت لا يسمح "
" إسمحولى أبدأ واتمنى يكون معكم ورقة وقلم عشان ودى تشاركونى هذى المعلقات ، سنبدأ معا بالمعلقة رقم ستة ، هى بالترتيب لكن انا أضعها ستة
بإختصار حلمت إنى كنت جالس على كرسى فخم ، على يمينى وزير الإعلام السعودى ، وعلى يسارى مدير مركز حاورنى اللى هو الان نائب وزير التربية والتعليم ، امامى الأمير نايف ، الأمير عزيز بن فهد ، إيش اللى يحصل هذا ؟! ، ناس أنا ما بشوفهم إلا فى نشرات الأخبار ، فى الجرايد ،
" مهند أبو دية " إسمى يطلع ، أدخل أنا أمشى ، ومعايا صندوق صغير ، أفك هذا الصندوق أطلع منه كرة مكتوب عليها غواصة عروبة " ، ادخل إلى الناس لأجد أمامى الملك عبد الله ، أعرض أمامه هذه الغواصة ، وأقول له إذا كان العالم قد سبقنا إلى الآفاق فسوف نسبقه إلى الأعماق فقال لى المعلقة السادسة ، ست كلمات :
" المملكة العربية السعودية تفخر بوجودك من ضمنها "

تصفيق حاد بعد هذه الكلمة
" حلم والله حلم ، نعود إلى البداية ، إلى المعلقة رقم واحد ، أنا نشأت فى أحد أرقى وأفخر أحياء جدة " غليم " ، طبعا أهل الإمارات والبحرين وحتى الرياض ، ما يعرفوا ماهو " غليم " ، ولكن أنا أقول لهم اللى ما يعرف " غليم " أنصحه ما يعرفه "
ضحك جميع الحاضرين ، فقد وضح لنا أنه مكان شديد السوء
" المهم أنه فى هذا الشيء ولدت أنا وبى عيب خلقى ، إيش العيب الخلقى هذا ، نقص فيا والنقص هذا عيب ، انتم تعرفو جهاز الراديو أو بالأصح جهاز المسجل بيكون فيه أربع أزرار ، play ,rewind,forword والزر الأخير stop هذا الزر مو عندى ، ولدت بدون هذا الزر ، فأنا لا أتوقف لأنى لا أعلم لماذا وكيف أتوقف ؟ "
ضجت القاعة بالتصفيق الحاد
" وأنا كنت صغير ، كنت أخاف من الشيء اللى أهلى يمدحولى فيه ، كانو دايما يقولوا لى " إن شا الله يا مهند تكبر وتبقى زى الناس " ، أنا ما أبغى أكون زى الناس ، أفتح الشباك وأقول هذول الناس اللى تبغونى أبقى زيهم ؟! ، ما ابغى أكون زى الناس ، أبغى أكون أحسن من الناس ، عذرا ما أقصدكم أنتم بالناس ، إنما أقصد الناس فى " غليم " ، فالمنظر من الشباك لم يكن مريح "
ضحك جميع الحضور وعاد مهند للحديث
" قلت لأهلى كيف أصير أسوى أشياء ما سواها الناس من قبلى ؟ ، قالوا لى : تصير مخترع ، قلتلهم خلاص أبغى أصير المخترع الوحيد فى العالم ، قالوا لى : لا حبيبى فى غيرك مخترعين آخرين ، فقلت لهم : أبغى أصير أكبر مخترع فى العالم ، وهذا كان حلمى ، ولأنى قرأت المعلقة الأولى والتى كانت :

" وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... فكن طالبا فى الناس أعلى المراتب "

أكبر مخترع فى العالم صار حلمى
فأنا مهند جبريل أبو دية هذا إسمى
هندسة الفضاء تخصصى
رئيس المركز السعودى لثقافة الإختراع هذى وظيفتى
كسب المستحيلات هذى هوايتى
أن أكون أعظم مخترع فى العالم هذا حلمى
فما ذا بعد ، هل بعد أن تختار حلمك وتؤمن به ، ستنفتح كل الأبواب فى طريقك وتلاقيهم يقولوا لك تعال حبيبى حقق حلمك معنا ، لا ، مابيصير شيء زى كدا أبدا ، ... ، لذلك رب العالمين أعطانا آية عمن يؤمن بهدف فى الحياة ، هذف نبيل ، وهذه هى المعلقة الثانية

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم : " الم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون "

بل سيفتنون ، نعم سيفتنون ، سيأتيك كل المصاعب ، إذا آمنت بحلم فقد فتحت كل أبواب التحديات ، الكل سيأتى إليك ، وسيخبرك انه صعب عليك ، ما تقدر ، لا يمكن ، وكل واحد تقول له أبغى أغير ، يقولك لا ، وهنا تكون كلمتك هى الكلمة التى أقولها " لم لا ؟ " ، وهذه المصاعب هى اللى تفرق بين الفحم والألماس ، الكربون لو لم ينضغط بشكل كبير تحت الأرض ، ما تحول من فحم إلى ألماس .
أنا كنت أبغى أصير مخترع ، ماكنت أعرف كيف ، ما فى حدا يعلمنى كيف ، أبغى أتعلم إلكترونيات ، ماحد يعلمنى ، أروح للمدرسين يضحكوا عليا ، إيش سويت ؟! ، رحت لمحل تصليح أجهزة البلاي ستيشن ، جلست هناك قعدت أتعلم ، بس أتفرج ، ويوم بعد يوم تعلمت ، إذا حد آمن بحلم لكن مو عارف بالظبط إيش يسوى فبقوله " إذا صح العزم .. وضح الطريق " ، إذا كان لك عزيمة صادقة فكل شيئ والغبار اللى أمامك سيبتعد ، أما إذا كانت إرادتك ضعيفة فكل شيء صغير سيتحول إلى عملاق يعيقك بحيث تتخلى عن حلمك..
انا كنت أبغى أدخل مسابقة الفيزياء على مستوى المملكة لأنى أحب الفيزيا ، كانت كل مدرسة بترشح شخص واحد بس ، الشخص الواحد هذا مدرستى ما إختارونى ، أنا أصريت ليه ما خدتونى ، قالوا خلاص اخترنا ، قلت لا ، لم لا أنا ما أخترت ، إختارونى أنا ، فقال لى المدرس كلمة قالى " لو ما كان فى المدرسة غيرك ما راح أختارك " ، عشان تتعرفوا على عالم مهند ، مهند من الكائنات الحية التى تتكاثر وتولد والتى تعيش على أكل التحديات ، إذا حد حب يخلينى أسوى أى شيء ، يقولى بس كلمة واحدة " اتحداك " ، الكلمة اللى قالها لى الأستاذ ايش هى بالنسبة ليا " أتحداك " ، اللى حصل انه سويت إعتراضات وبعت خطابات فقالوا ايش ، نسوى اختبار بالمدرسة ، والأول نختاره ،سوى الإختبار ، والأول طلع أنا ، مو بس هذا ، أخدت الأول على الرياض ، ثم الأول على المملكة ، الثانى على الخليج ، ثم أخذت أعلى علامة أخذها عربى فى أولمبياد الفيزياء العالمى "
وصلة من التصفيق الحار نالها مهند من الحاضرين
فهذه الكلمة اللى أخذتها :

الناجحون لا يستسلمون ، والمستسلمون أبدا لا ينجحون

هذه المعلقة الرابعة ، لأنه بعض الناس يموت فى حاجة اسمها استسلام ، تقوله لغز سهل ، يقولك والله ما أعرف ، أقوله فى حاجة لونها أخضر جواها أحمر فيها حبوب سودا وحبوب بيضا ، يقولك ما اعرف ، إذا أنت من هذا النوع ، فتذكرة خروج من عالم الإنجاز ،
أنا لا أتكلم هنا عن أن تنجر ، أنا لا أريدكم هنا منجزين ، أريد أن اراكم سوبر منجزين ، أن تنجز مرة واحدة ليس بالعملية الصعبة كثير ، لكن التحدى أن تظل تنجز طول عمرك ، مؤتمر مثل هذا شيء جدا رائع ومتطور هذا إنجاز ، لكن الإنجاز الأكبر أن يظل رائع مثل هذا الشكل مئتين سنة قدام ..
تصفيق
أنا فى قمة روعة أيامى كنت فى ثالثة ثانوى ، وطلع مجدى بعد ما صرت اختراعات ، وخدت فى الترم الأول فى الثانوية العامة 100% ، والترم الثانى خلاص بجهز انى هاروح أمريكا فى افضل جامعات العالم ، وكان بس انه اطلع من الثانوية بروح أختبر و اطلع على هناك مباشرة ، انا كنت فى أيام ثالثة ثانوى فى إدمانى كنت صايع ، أروح الورشة أسوى سيارة ، طبعا ليش صايع لأنى كنت بطرد من البيت ، فاخرج من البيت أروح الورشة اللى جنب البيت ، ايش سويت وانا بشتغل جتنى مرض بسيط جدا ، المرض هذا خلانى أتعب كتير وأكح دم ، رحت للدكتور ، كشف عليا ، شويا لبس كمامة ، نادى الإسعاف ، أخذونى ، ودونى الى غرفة زجاجية ، وقالولى مبروك انت أصبت بمرض السل من الدرجة المتأخرة ، الان تجلس فى هذى الغرفة عشان ماتعدى الناس ، لأنك الآن خطر على المجتمع .
كنت أبكى ، أهلى ينادونى من الشباك الزجاج ، وانا أدق عليهم " ادخلوا ، ادخلوا ، انا مو حيوان تتفرجوا عليه من الشباك ، إيش رأيكو تحطولوا موز من تحت الباب ، هذا اللى باقى
كنت بحالة جدا صعبة ، راحت الامتحانات ، خلصت الامتحانت الأخيرة ، وانا لسة باقى فى المستشفى ، راحت كل أحلامى ، لكن آمنت بشيء ، وهى المعلقة الخامسة :

الأمور ليست بما يحدث لك ، بل ما تفعل حياله
***********


انا ومهند الأسطورة

الحلقة القادمة
ماذا فعل مهند للخروج من حزنه ؟ وما هى المستحيلات الأخرى التى كسبها ؟
يتبع بعون الله

الخميس، 13 أغسطس 2009

مذكرات فى رحلة الذكريات ... (6)


فى حلبة البحرين الدولية

كنت على موعد مع مفاجأة عند إستيقاظى ، فعبد الرحمن هو من أيقظنا ، ظننت أنى أحلم فى البداية إلا أننى اكتشفت أنها حقيقة ، وأن عبد الرحمن أول من إستيقظ فينا اليوم ، فهو قد أصلح المنبه الوحيد فى العالم الذى يستيطع إيقاظه ، وللعجب أنى وأحمد لم نستيقظ عليه ، مع أنى سمعت صوته ليلة أمس وتوقعت أن هذا المنبه سيوقظ الفندق بأكمله وليس غرفتنا فقط ، المهم توضأنا وصلينا الفجر ، جلسنا قليلا ، ثم نزلنا الى المطعم لنتناول إفطارنا ، كنا الوحيدين فى المطعم ، ومن الواضح أن الجميع مازالوا يغطون فى نومهم ، جلسنا نتناول الافطار ، بدأ المشاركون يتوافدوا شيئا فشيئا ، فالإفطار اليوم فى غاية الأهمية ، لأن الدكتور على أبو الحسن كان من المفترض أن يعطينا دورة فى فندق موفنبيك عنوانها " البناء الإيمانى " التاسعة صباحا ، لكن مديرى المؤتمر لم يجدوا موعد رحلة عودة للشيخ تناسب هذا الموعد ، فاضطروا الى إلغاء الدورة ، و أخبرونا أنهم يعوضونا عن ذلك بأن يحضروا د.على أبوالحسن إلى فندقنا عند موعد الإفطار ، ليجلس مع الفتيات نصف ساعة ، ويجلس مع الشباب نصف ساعة ، ثم يغادر إلى المطار ، حضر د. على وجلس بالفعل مع الفتيات أكثر من نصف الساعة ونحن جالسون فى الانتظار ، لكن الانتظار كان مثمرا فقد جرت بيننا حوارات قيمة .
انصرفت الفتيات ، وجلسنا نحن مع الشيخ ، قدر الله أن أجلس بجواره مباشرة ، وكم سعدت بهذا القدر ، لم أكن أتخيل فى حياتى انه من الممكن أن أشعر بالرومانسية فى جلسة دينية ، كنت أعلم دائما أننى من الممكن أن أشعر بالخشوع ، بالسكينة ، بالسعادة ، لكن أن أشعر بالرومانسية فهذا جديد ، الدكتور حفظه الله وهبه الله حسا مرهفا قلما تجده فى بنى البشر ، كلماته تخرج من فمه مغلفة بكم مشاعر مستحيل ألا تصل لقلب قبى ، نصف ساعة جلسناها معه فاقت فى قيمتها نصف عام من حياتنا العادية ، كان الحوار وديا بلا رسميات ، لكم استمتعت بتلك الجلسة ...
ونحن فى منتصف جلستنا معه ، قدم أحد مسئولى المؤتمر ، وأخبرنا أن الباص المتوجه إلى المكتبة سينطلق الآن ، فإن كان هناك من يرغب فى الذهاب فليأتى الآن ، ومن لا يرغب فليكمل الجلسة مع الدكتور على ثم يستعد للإنطلاق إلى حلبة البحرين الدولية ، سألنا عن المكتبة فأخبرونا أنها مكتبة تجارية وليست للقراءة ، وأن المتحمسين للذهاب اليها معظمهم من أهل السعودية وذلك لآن هناك كثير من الكتب يمنع نشرها فى السعودية وموجودة هنا فى البحرين ، أحسسنا أن المكتبة ليست ذات قيمة لنا ، فآثرنا أن نكمل مع الدكتور .
استمر الحوار حتى اقترب موعد الطائرة فاعتذر منا الشيخ ، إلتقطنا معه بعض الصور ، ثم انصرف حاملا معه كثيرا من دعواتنا بأن يحفظه الله ويرزقه السلامة ...
بعد هذه الجرعة الروحانية ، صعدنا الى غرفنا ، بدلنا ملابسنا ، ونزلنا الى الباصات ، انطلقنا الى برنامجنا السياحى ، كانت البداية مع حلبة البحرين الدولية لسباقات الفورمولا وان ، فى طريقنا الى هناك كان الجو ممتعا ، الكثير من المرح و المزاح ، بدأنا نردد الأناشيد التى نحفظها سويا ، أنشد السعوديون نشيدهم الوطنى ، ثم الإماراتيون ، ثم محمد زاهر أنشد نشيد سوريا الوطنى ، ثم أهل البحرين ، وفجأة بدأت الهتافات تتعالى من الجميع يطالبوننا بانشاد النشيد المصرى الوطنى ، ياللإحراج ، أنا لا أحفظه كاملا ولا حتى جزء كبير منه ، كل ما أحفظه هو أول جزء منه ، لأول مرة أندم على تأخرى الدائم عن الطابور المدرسى ، تحاورت مع أحمد فإذا به لا يحفظه هو الآخر ، لكن أحمد وعبدالرحمن معذوران ، فهما عاشا حياتهما كلها فى السعودية ، المهم أن الله يسر و جو المزاح السائد بين الجميع غطى على فضيحتنا ، أخذنا ننشد أناشيد كثيرة كان أهمها " الله غايتنا " ، " دعوتى " ، لم أكن أعلم تلك الأنشودة لكن اتضح لى بعد ذلك أنها من أشهر الأناشيد فى السعودية ...
وصلنا الى مكان الحلبة ، نزلنا من الباصات فى مجموعات و صعدنا برجا عاليا مكون من ثمان طوابق حتى وصلنا الى السطح حيث تظهر الحلبة كاملة من هناك ، علمنا بعد ذلك ان تذكرة الجلوس فى هذا المكان فى سباق الفورمولا تصل الى خمسين ألف ريال ، التقطنا الصور ، وأخذنا نستطلع المكان ، الذى هو تحفة معمارية بحق ، وانجاز حضارى ان تقام مثل هذه الحلبة فى أرض من هذه النوعية الصحراوية والجو الحار ..
أتى المرشد ، تجمعنا حوله ، فبدأ فى سرد التفاصيل ،أخبرنا بعمر الحلبة ، وكم تكلف انشائها ، وأنواع السباقات التى تقام عليها ، وعدد سباقات الفورمولا وان التى جرت فيها ، ومن أكثر السائقين فوزا بسباق البحرين وهو البرازيلى " ماسا " ، شرح لنا انواع سيارات السباق و وضح لنا كم الأمان الموجود فى سيارة الفورمولا ، كانت معلومات مفيدة ... انتهى من الشرح فنزلنا من البرج وتوجهنا إلى خيمة بجوار الحلبة مخصصة للتسوق وبيع المنتجات الخاصة بالفورمولا وان ، التقطنا الكثير من الصور هناك بجوار النماذج المشابهة لسيارات السباق ، قمنا بجولة فى المكان مكتفين بالمشاهدة فقط ، فالأسعار كانت صادمة ، تى شيرت مظهره أقل بكثير من الذى أرتديه سعره 95 دولار أى 500 جنيه ، كل ما فيه أن عليه علامة " فيرارى " ، الطاقية بحوالى 150 جنيه ، أعتقد أنه من الجنون أن نشترى شيئا من هناك ، وعلينا أن نشكر وبشدة الصين على الطفرة التى أحدثتها فى التجارة العالمية ، ههههه .
لم تكن زيارة الحلبة ممتعة بالقدر الذى كنا نتصوره ، فهى جميلة لكن بلا حياة ، الموضوع أشبه بالذهاب الى استاد كرة قدم فى يوم خالى من المباريات ...
المهم انطلقنا بعد ذلك الى سيتى سنتر والذى قد سبق لنا زيارته ، لكن هذه المرة كان الغرض من الزيارة هو تناول الغذاء فقط ، كنت متعب بشدة فالبرد الناتج عن النوم الدائم فى المكيف طوال 4 أيام قد نال منى بشدة ، وزاد من ذلك حرارة الجو ومكوثنا فى الحلبة وقتا طويلا ، انتهينا من الغذاء ، وتوجهنا الى " موفنبيك " بعد هذه الجولة ، لنستكمل ما أتينا البحرين من أجله ...
قبل أن نبدأ المحاضرات ، تناولت كوبا من الشاي فى محاولة منى لتخفيف إحتقان حلقى ، دخلنا الى قاعة المؤتمرات لنبدأ ورشة عمل تحت عنوان " نحو مدونة لحقوق وتعهدات الشباب العربى " للدكتور عبدالحليم زيدان ، وهى عبارة عن الدعوة الى اصدار ميثاق يحمل فى طياته حقوقا وتعهدات على شباب الدول العربية كلها ، كانت ورشة قيمة ، مليئة بالاحصائيات الاستثنائية ، فقد عرض علينا الدكتور احصائية لدراسة واسعة المدى عن مدى تأثير الدعاة ووصولهم الى الشباب العربى ، وتناولت الاحصائية كبار الدعاة " د.عمرو خالد ، د.عمر عبدالكافى ، د.وجدى غنيم ، ا.مصطفى حسنى ، د.سلمان العودة ، د. محمد العوضى ، د. طارق سويدان ، د. عبدالرحمن العريفى .... " ، كانت إحصائية قيمة لأبعد الحدود ، ففيها نسبة وصول كلا من هؤلاء النجوم الى الشباب ، عرض علينا الدكتور عبدالحليم إحصائية أخرى عن تأثير الجماعات ووصولهم الى الشباب ، وتناولت الدراسة كلا من " الأوقاف ، الإخوان المسلمون ، التبليغ ، السلفيون ... " أيضا كانت دراسة قوية جدا ، فلأول مرة أرى دراسة علمية لتأثير الدعاة والجماعات ، بالطبع قبل أن يعرض الدكتور عبدالحليم هذه الاحصاءات ، طلب من المصور توجيه الكاميرا بعيدا عن الشاشات ، وطلب منا جميعا إغلاق كاميراتنا ، لأن هذه الدراسات نتاج تعاون بين جهات متعددة وليست ملكا له وحده ، كما ان المجهود المبذول فيها كان جبارا ، فليس من العدل أن تنشر بهذه السهولة ، كان هذا كلام الدكتور ، بالطبع كلامه صحيح لكن كلنا يعلم أن هناك أسبابا أكبر من المجهود المشترك ....
بعد ذلك خرجت أنا وعبد الرحمن وأحمد وصلينا المغرب والعشاء ، و تناولت بعض المشروبات الساخنة ، وبعض البسكويتات ، وجلسنا نستريح قليلا ، ثم دخلنا من جديد الى القاعة ، بدأت محاضرة أ. احمد أبو هيبة مدير قناة فور شباب ، كانت عبارة عن ساعة للمشاركين ، يقوم فيها كل من يملك فكرة جديدة لبرنامج تليفزيونى بعرض فكرته ، ثم يتم أخذ رأينا فيها والاستماع الى التأييدات والمعارضات ، كان حوارا ثريا ، كانت لدى فكرة جيدة ، لكنى لم أستطع عرضها لضيق الوقت ...
ثم حان موعد المفاجأة التى وعدنا بها لجنة المؤتمر منذ الصباح ، بدأ مقدم المؤتمر فى الكلام وأخبرنا أن المفاجأة فى طريقها الى هنا ، كنا متشوقين بشدة لمعرفتها ، بدأنا فى التخمينات ، قلت أنا انه من الممكن أن يكون د.عمرو خالد لأنهم قالوا لنا بالأمس أنه اعتذر عن الحضور ، وفى البرنامج كان من المفترض أن تكون محاضرته الآن ، وعلى هذا بنيت تخمينى ، لكن وجود ميكروفون فى وسط المسرح رجح لنا أن تكون المفاجأة منشد ، خمن عبدالرحمن أنه سامى يوسف ، لأننا فى طريقنا الى الحلبة شاهدنا صورا كثيرا له فى اعلان عن مهرجان فى البحرين سيحضره ، وطالما انه فى البحرين فليس مستبعدا أن يكون هو المفاجأة ، ظللنا فى تخميناتنا الى أن حانت ساعة الصف ، وبدأ المقدم فى العد التنازلى لدخول المفاجأة القاعة ، و .. دخل المفاجأة ، لنصاب نحن المصريون بخيبة أمل كبيرة ، فالمفاجأة ليست إلا المنشد " عبدالعزيز عبد الغنى " ، انا لست من المعجبين به على الإطلاق ، ورؤيته زادت من عدم إعجابى به ، كان هناك الكثير من التشجيع له من السعوديين وهم أغلبية فى المؤتمر ، وبالطبع يحيونه لأنه سعودى ، جلسنا فى اماكننا وخيبة الأمل تخيم علينا ، بدأ فى الانشاد ، فكانت اول أنشودة مسجلة وكل ما يفعله هو تحريك فمه مع الأنشودة ، كم أكره هذه الطريقة ، بعد حوالى أنشودتين لم أستطع الصمود فخرجت قليلا لأجد عددا من المشاركين يجلسون بالخارج ، وهم ممن يؤمنون بحرمانية الموسيقى ، المهم انى بعد قليل من اراحة أذنى ، دخلت ثانية ، استمعت الي انشاده ، ليس بالسيء وليس بالمتميز أيضا ، بعد أن أنهى وصلته طالب المشاركين بأن ينشد لهم " عبد الله الحباب " ، صعد عبدالله الى المسرح وأنشد أنشودة رائعة للأم وأهداها لأمه و التى تجلس فى الخلف ...
بعد ذلك قمنا لتناول العشاء الأسطورى الذى لم يعد بالنسبة لنا أسطوريا ، أخبرنا محمد زاهر " سوريا " و" أحمد خضر "مصر" أنهم رتبوا جلسة خاصة مع الدكتور على العمرى بعد العشاء ورتبوا طريقة رجوعنا الى الفندق لأن الباصات ستكون قد غادرت ، استشرت عبدالرحمن وأحمد فلم أجد منهم قبولا وانا أصلا كنت متعبا جدا من هذا اليوم إرهاقا و مرضا ، فذهبت الى محمد واعتذرت منه وشكرته على لفتته الطيبة ، وهى بالفعل لفتة رائعة منه تثبت لى أنه شخص راقى ، وكم زادت هذه اللفتة محبته فى قلبى هو و احمد .. حقا ما أروع الحب فى الله ..
صعدنا الى الباصات وتوجهنا الى الفندق ، صعدنا إلى غرفنا ، ودخلنا فى نوم عميق زاد من عمقه المجهود الذى بذلناه ذاك اليوم ، وزاد من أهميته أهمية أن نستيقظ غدا مرتاحين بدنيا و ذهنيا ...