الاثنين، 27 يوليو 2009

مذكرات فى رحلة الذكريات ... (2)

رؤية الفندق من بعيد حملت لنا بشرى خير ، فواضح أنه " 4 نجوم " إن لم يكن 5 ، دخلت إلى الفندق ، عجبنى المدخل ، متميز جدا ، به " قعدة عربى " ، و مطعم و أماكن مريحة جدا للجلوس ، والفندق ألوانه مريحة ، وواضح أنه من الفنادق الراقية هنا فى البحرين ، به حمام سباحة ، و حمامات صحية " البخار ، والمساج ... الخ "
المهم أنهيت التسجيل ، وأخذت مفتاح غرفتى الالكترونى ، وصعدت الى الغرفة ، فى طريقى الى هناك ، أعجبنى الصور المعلقة فى كل مكان ، صور خيل و لوحات فنية جميلة ، أحيانا هناك أشياء بسيطة جدا فى عملها الا أنها تترك فى النفس أثرا كبيرا ، منها هذه اللمحات الفنية الموضوعة أينما ذهبت ...
وصلت الى الغرفة ، فتحت الباب ، وإذا بالظلام يستقبلنى ، فتحت النور ، فلم يفتح ، أخذت أتسحب بحذر على أجد مفتاحا آخرا ، لكن بلا جدوى ، المفاتيح كلها لا تعمل ، اتصلت بالاستعلامات
- السلام عليكم
- عليكم السلام
- حضرتك مافيش نور فى الغرفة
- تانم لتنصلتن ىتنالنتله تملتختل تنتبنتبحتبثب تبنصتبت
كان هذا شبيها بالرد الذى أتانى ، فعلمت أنه لا يتحدث العربية ، سالته ان كان يتحدث الانجليزية ، فاخبرنى بقدرته ، فكررت له شكواي بالانجليزية ، فأخبرنى بأنه سيرسل لى أحدا على الفور ...
وهنا سمعت صوت الباب يفتح ، فذهبت مسرعا لأفتحه أنا حتى لا يفزع القادم ، عندما يرى شخصا جالسا فى الظلام فى غرفته ...
فتحت الباب فرأيت أمامى إثنين ، يبدو على ملامحهما المصرية المتأصلة ، رحبت بهما ، سالتهما لأتأكد من معلوماتى ، فبدآ بالحديث ليقطعا الشك باليقين حول مصريتيهما ، قلت لهما " تحيا مصر ياجماعة ، أخيرا حد مصرى " ثم أخبرتهم عن مشكلة النور ، فوضع أحدهما المفتاح داخل تجويف ، ثم ضغط على المفتاح ليشعرنى بسذاجتى اللامتناهية ، الغرفة أضيئت ، والأمور على خير ما يرام ...
عرفتهم بنفسى ، وتعرفت عليهما ، هما شقيقان ، الأكبر عبدالرحمن والأصغر أحمد ، عبدالرحمن فى السنة الأخيرة بكلية دار العلوم ، و أحمد فى السنة الثانية بكلية طب القصر العينى ، أخبرانى انهما سينزلان لشراء العشاء وإن كنت أرغب مرافقتهم ، فاعتذرت لأنى وصلت من سفرى للتو ، وأريد أن أرتب أمورى ، وأصلى المغرب والعشاء ، و أغتسل بعد هذا اليوم الشاق ، نزلوا هم ، وبدأت أنا فى رحلة تفقد الغرفة ، الغرفة بلا مبالغة رائعة ، واسعة ، الأسرة جميلة ، الغرفة بها تلفاز بقنوات فضائية ، جهاز عمل الشاي ، ثلاجة ، دولاب كبير جدا ، خزينة نقود الكترونية ، شباك يطل على منظر رائع لبنايات من طراز الريف الأوروبى ، وبنايات شاهقة لا نرى مثلها فى مصر
أما الحمام فوصفه يطول ، الا أننى سأختصره فى جملة واحدة ، " دخلت لأغتسل فى دقيقتين ، فاستغرقت أكثر من نصف ساعة استمتاعا به " ، الحمام رائع ... باختصار الغرفة أكثر من رائعة .
بعد حوالى الساعة ، وبعدما صليت و جلست على السرير استريح قليلا ، أتى عبدالرحمن وأحمد ، فجلسنا سويا نتعرف بشكل أكثر تفصيلا ، علمت أن معهم شقيقتهم أيضا ، صحيح أننى لم أجلس معهم كثيرا ، إلا أننى احسست براحة تجاههم ، وأخبرنى شعوري أنهما شابين متميزين ، وأعلم أن الأيام ستثبت لى ذلك بإذن الله ، بعدما جلسنا بعض الوقت ، حان وقت النوم ، سبقانى هما الى النوم بينما جلست أنا لأدون أحداث أول أيام رحلتى ، انهيت التدوين ثم ذهبت فى نوم عميق ، استيقظت على صوت أحمد وهو يحاول ايقاظى ، قمت من النوم فلاحظت أن الشمس قد أشرقت ، ياالله ، ثلاث منبهات عجزت عن ايقاظنا الفجر ، توضأت وصليت ، ثم وقفت أمام الشباك أشاهد البحرين صباحا كيف تكون ، المشهد خلاب ، الشمس بين الأبنية الشاهقة ، ونور الصباح أضاف للجمال جمالا ، وقفت بعض الوقت ، ثم ألقيت بجسدى على السرير لأكمل نومى ...
إستيقظنا فى حوالى العاشرة صباحا ، توضات وصليت الضحى ، جلسنا بعض الوقت ، ثم نزلنا لنشترى طعام الإفطار ، أفطرنا وشربنا الشاي ، ثم صلينا الظهر ، كنا نود أن نصلى الجمعة ، الا أن المسئولين أخبرونا أنه لا يوجد مسجد بالقرب من هنا ، كما أننا على سفر فلنا رخصة فى صلاة الظهر ...
بعد الصلاة جلسنا سويا ، فاقترحت أن نقرأ معا سورة الكهف ، وكم حمدت الله بعد ذلك على اقتراحى هذا ، تقريبا من أكثر القراءات التى استمتعت بها فى حياتى ، صوت أحمد وعبدالرحمن تبارك الرحمن رائع ، وقراءتهما صحيحة وتجويدهما كما يقول الكتاب ... نصف ساعة ربانية ، امتزج فيها جمال الصوت مع خشوع القراءة وعظمة القرآن ... حقا شكرا ربى على نعمة الإسلام ...
الآن اقترب العصر ، وعندها ستكون البداية الفعلية للمؤتمر ، إلى اللقاء ...
الجمعة 24/7 /2009 الساعة 2 ظهرا
رن هاتف الغرفة ، فرد أحمد ليجد أحد إداريى المؤتمر يخبرنا بأنه أمامنا خمس دقائق على انطلاق الباصات ، ارتدينا ملابسنا بسرعة ، ونزلنا إلى بهو الفندق ، شربنا عصير من الذى يقدمه الفندق لجميع زواره مجانا ، طعمه غريب ، المفترض أنه كركديه إلا أنه مختلف كليا عما نشربه فى مصر ، صعدنا إلى الباص ، نادى أحد مسئولى المؤتمر على الأسماء بالكشف ، ثم انطلقنا إلى مدينة المحرق حيث فندق " موفنبيك " الذى يقام فيه المؤتمر ...
بالطبع فندق " موفنبيك " وهم من نوع مختلف ، أعتقد أنه أفضل فندق فى البحرين ، معظم نزلائه من الأجانب ، وطاقم العمل فيه أيضا من الأجانب ، المنظر ساحر ، الخضرة تملأ المكان ، عدد كبير من النافورات ، وبركة مياه بها أنواع مذهلة من السمك الملون كبير الحجم يسبح فيها ، أماكن مريحة جدا للجلوس والحوار ، قاعة المحاضرات لم أر مثيل لها فى مصر ، ربما لأنى لم أنزل فنادق خمسة نجوم فى مصر ، لكن المهم أن القاعة مجهزة على أعلى مستوى وبأقوى إمكانات ممكنة .
سلمونا حقيبة بها البرنامج وكتيبات عن المحاضرين و مركز شباب المستقبل و أشياء أخرى ، وسلمونا أيضا الـ" IDs" الخاصة بنا ، دخلنا إلى القاعة ، وبفضل الله ومنه كانت خالية تماما ، فاخترنا مكانا فى مقدمة الصفوف ، وجلست أنا وأحمد و عبدالرحمن بجوار بعضنا ، انتظرنا قليلا ، ثم خرجنا صلينا العصر ، وأخذنا جولة فى الفندق ، رجعنا من جديد إلى القاعة فعلمنا أنهم سيبدأون بعد ساعتين ، فخرجنا من جديد ، وذهبنا إلى مكان الشاي والحلويات ، وأخذ كل منا ما يكفيه ، وبينما أعد لنفسى الشاي ، رأيت أحد المشاركين وينظر إلى مبتسما ، فرددت له الإبتسامة ، فوجدته يقول " مصرى ؟ " ، لهجته اعلمتنى بمصريتيه أيضا ، فقلت له " مش باين علي ولا إيه " ، وجدت حفاوة شديدة جدا منه ، أنا مؤمن أن الشعب المصرى من أكثر الشعوب إجتماعية فى العالم ، ولا نجد صعوبة تذكر فى التعرف والتحدث ، تعرفنا على بعضنا ، إسمه أحمد خضر ، من الأسكندرية ،علمت أنه مصمم جرافيك ، ويدرس فى أكاديمية إعلام ، و أنه ترك التعليم النظامى ، لأنه غير مقتنع بأنه تعليم أصلا ، فهو أمضى فى كليات مختلفة حوالى أربع سنوات ، شعر فيها بالفشل والحسرة ، كان يذاكر المادة لأول مرة فى ليلة الامتحان فقط وينجح ، فرأى أن من الأفضل أن يترك كل هذا ويلتحق بمؤسسة تعطيه علما حقيقيا ، لم يبالى بأنه سيكون فى نظر المجتمع أو الحكومة لا يحمل مؤهل عالى ، احترمت فيه جرأته على كسر الروتين الذى لم يجرؤ أحدنا على المس به ، وخروجه عن ساقية الحياة المعتادة التى يدخلها كل منا دون أن يكون له حق الإختيار ، هو أوجد الخيارات لنفسه ، فاستحق منى رفع القبعة .
انضم الينا بعد فترة محمد زاهر من سوريا ، شخص لطيف وودود للغاية ، ظللنا نتحاور أكثر من اسعة ، حكى لى عن سوريا ، وكل المعلومات التى أخبرنى إياها لم أكن أعلم منها إلا القليل ، كان حوارا ممتعا ، لم يقطعه الا دخول موعد بدء المؤتمر ..
دخلنا الى القاعة ، وبدأ حفل الافتتاح ، كان حفلا شيقا لأبعد الحدود ، مقدم الحفل صوته متميز وعرضه ممتع ، بدأ الحفل بالقرآن الكريم ، أعقبه كلمة الافتتاح للدكتور على العمرى رئيس منظمة فور شباب العالمية ، ثم كلمة الندوة العالمية للشباب الاسلامى ألقاها د. أحمد التوتنجى ، ثم أعقبهم بعد ذلك تدشين موقع فور شباب ، ثم عرض فيديو للندوة العالمية للشباب الاسلامى ، ثم عرض فيديو للموقع ، ثم عرض فيديو لمؤتمر فور شباب ، بعد ذلك جاء دور فرقة " أمواج البحرين " للإنشاد الإسلامى ، أنشدوا أوبريت فورشباب ، أصواتهم رائعة ، ضحكت كثيرا عندما استعرضت فى ذهنى ذكريات للعروض الانشادية التى حضرتها فى مصر ، لا مجال للمقارنة بالطبع ..
أخذنا بريك لفترة صغيرة ، صلينا المغرب والعشاء ، ثم عدنا لتبدأ المحاضرات ..
المحاضرة الأولى كانت للدكتور " على العمرى " رئيس المنظمة وكانت تحت عنوان " كيف تستفيد من هذا المؤتمر " ، كانت محاضرة فى غاية الأهمية ، بالنسبة لى على الأقل ، استمرت حوالى ثلث الساعة ..
ثم المحاضرة الثانية ، كانت للدكتور " أحمد التوتنجى " من العراق ، تحت عنوان " هذه تجربتى " ، وكانت محاضرة ملهمة إلى أبعد الحدود ، أنا أصلا أعشق تجارب الحياة ، فما بالك عندما تكون تجربة حياة عالم يقرب عمره من الستين ، وعقله برأيى يزن أمة منا مجتمعين ، أكثر ما أعجبنى فى هذا العالم هو طريقة تحدثه عن زوجته ، وهو بالفعل كان يتعمد أن يظهر لنا مشاعره تجاهها ، وأرجع لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فى ما وصل اليه ، وقال أنه متزوج هذه المرأة منذ 39 سنة وطوال هذه المدة من الرباط المقدس لم يرفع صوته عليها أبدا ولم ترفع صوتها عليه ... بارك الرحمن لهما فى بعضهما ...
أنهينا المحاضرة ، والتقطنا بعض الصور القيمة مع العلماء الذين حاضرونا ، حان وقت العشاء ، كان عشاءا أسطوريا ، بالطبع فى بوفيه مفتوح ، لكنه ليس كالذى نعلمه ، عشاء من نوع مختلف ، وخدمة راقية ترقى إلى الروح السائدة فى المكان ، روح الإخاء التى أصابتنا فدفعتنا نحو الابتسام الدائم ، وراحة النفس التى لا تذهب عنا لحظة ، جلسنا على طاولة العشاء مع شباب من الإمارات العربية المتحدة ، كان عشاءا كوميديا بحتا ، بمجرد أن علموا أننا مصريين بدأوا فى الأسئلة التى لا تتوقف ، و تبادلنا حواراتنا الشيقة ، كان أحدهم إسمه سلطان من دبى ، فى تعريفه بنفسه أخبرنا أنه أعزب الا أنه خطب بالأمس ، دهشنا لهذا الخبر ، خطبت بالأمس و حضرت الى المؤتمر اليوم ؟!! ، فأخبرنا أن الخطبة فى الإمارات عبارة عن اتصال هاتفى نخبر فيهم أهل الفتاة أننا نريد ابنتهم فيوافقون ، وهكذا تتم الخطبة ... هههه .
كان عشاءا لا ينسى ، طعام شهى فى مكان فائق الجمال ، وحوار مع شخصيات مثقفة الفكر ، طيبة الروح ... أعتقد أن بنى آدم يستحقون أن يعيشوا دوما هكذا فى هذا المستوى ، لا أعلم لم نرضى لأنفسنا الدنية ....
أنهينا العشاء ، وخرجنا ورجعنا إلى الفندق ، صعدنا الى غرفنا ، وبدلنا ملابسنا ، نزلت أحاول البحث عن خط موبايل ، الا أن محاولاتى باءت بالفشل ، لا بد من سيارة فى البحرين لتذهب الى أى مكان ، رجعت الى الفندق ثانية فوجدت عبدالرحمن وأحمد يشاهدان على التلفاز برنامج يحكى سيرة " محمود أحمدى نجاد " فشاهدناه سويا ، ثم خلدنا الى النوم ...
لنسدل الستار على أول أيام المؤتمر ، وأول أيام المتعة فى رحلة الذكريات ...
السبت 25/7/2009 الساعة 3:55 مساءً

هناك 3 تعليقات:

mr_depo يقول...

والله الرحله دي اكثر من رائعه واحلي ما فيها كثره النفوس الطيبه والنقيه ..... اتمني اروح رحله زي دي
ترجع بالسلامه يا حج

Adham يقول...

استمتع بأسلوبك في الوصف ..
أفادك الله كما أفدتني :)

Unknown يقول...

وصفك دقيق ماشاءالله عليك أخي عبدالرحمن ..
أعجبني فيك سردك للأحداث والله وكأنني أعيشها لحظة بلحظة ..
وأول عشاء لنا معكم كان مميزا كما أذكر ..
حبيت أصحح لك معلومة ..
أخونا سلطان من خورفكان وليس دبي ..
معليش تحصل في أحسن العوايل ..

محبك / يوسف