الجمعة، 24 ديسمبر 2010

يومٌ رائع ، وأروع مافيه ...

الصورة ليست من تصويرى


حتى الأسبوع الماضى ، كان يوم الخميس بالنسبة لى كابوسا مريعا يبدأ بعدم تركيز فى العمل فى الصباح لإنشغال عقلى برحلة الكفاح التى سأخوضها لأسافر عائدا إلى البيت ، وكثيرا من المعاناة والوقت الضائع وتحكم السائقين ومشاجرات الركاب المتزاحمين و عوامل أخرى تنسيك آدميتك فى رحلة العودة من قاهرة المعز ، و الذى يتسبب في كل ذلك هو كونى واحدا من ضمن آلاف يقررون أن يرجعوا إلى بيوتهم فى نفس الوقت وكأن الرجوع فى يوم آخر خطيئة لا يعرفون لها تكفيرا .. لذا قررت ألا أكون من هؤلاء ، وأن أجعل يوم الخميس يوما ممتعا يضيف لى لا أن يأخذ منى .


ذهبت إلى المستشفى فى الصباح الباكر بحقيبتى الخاصة فقط دون أمتعة كثيرة كالمعتاد فى هذا اليوم ، قرأت الأذكار ، قرأت وردى ، وجلست أتحاور مع زملائى الممتعين ، والذين أشعر معهم دائما انى على طبيعتى بلا تكلف ، وان كلا منا لديه مايضيفه للآخرين بدون تجمل ، بدأ العمل ، كان لدي ثلاث حالات ، كنت على غير عادتى أعمل ببال خال من كل ما يشغله ، فكان فتح الله فى كل حالة كبير ، بعد ان أنته من عملى فى أى حالة أطلب من الدكتورة المشرفة أن تراها لتعطينى رأيها ، ورأيها هذا يعنى لى الكثير والكثير ، فهى أستاذتى التى علمتنى كثيرا مما أعلم ، وهى بلا شك بارعة فى عملها لا تجامل أحدا فى رأيها ، لذا كانت سعادتى بالغة عندما أثنت علي فى كل حالة ثناء كبيرا ، بل قالت لى مازحة : " لابدا أن تبدأ فى تصوير حالاتك " ، ثم أعادت الكلام على سبيل الجد هذه المرة ، ثم دعت زملائى ليشاهدوا عملى ، وهم معظمهم بفضل الله متميزين ، فكان الثناء منهم جالبا لمزيد من السعادة والرضا ، فكون عملى متميزا ليس إلا من كرم الله وحده بلا أدنى " قارونية " منى ، أعوذ بالله أن أكون كذلك ، كما أنى أؤمن أن من ارتضى أن يكون متدينا فعليه أن يكون الأميز فى عمله ، لأن هذا أكثر الطرق إستقامة لصلاح دعوته .. وكان ذلك بداية مشرقة ليوم مشرق


أنهيت العمل ، ونزلت فى حيرة من أمرى ، إلى أين وجهتى ، برنامجى الذى أعددته مسبقا سيبدأ فى السادسة والنصف ، أى بعد ثلاث ساعات من نهاية عملى ، نويت أن أعود إلى المسكن ، أستريح قليلا ، ثم أذهب إلى وجهتى ، لكن هاجسا راودنى فى ان مواصلات القاهرة فى هذا الوقت جحيما دنيويا ، فلا بد أن أعمل على أن أقلل عدد مرات ركوبى لها ، فارتاحت نفسى لهذا الهاجس ، ونويت أن أتجول فى شوارع القاهرة ، ولكم ادهشتنى فكرة أنى فى القاهرة منذ خمسين يوما تقريبا ولم افكر مرة أن أتجول فى شوارعها أتأمل فى آثارها التى تجذب السياح من كل حدب وصوب ، فاستعنت بالله وبدأت رحلتى بالبحث عن مسجد أثرى أصلى فيه العصر ، فوجدت ضالتى فى مسجد عابدين الملاصق لقصر عابدين ، دخلت المسجد فترسخت فى ذهنى فكرة أن أجدادنا الذين بنوا هذا المعمار هم المسلمون الحقيقيون ، جرب أن تدخل إلى أى مسجد أثرى كبر حجمه أو صغر ، لا بد أن ترى بالداخل إتقان وإبداع ، الزخارف ، المنبر ، الحوائط ، الأعمدة ، كل شيء صنع بأيدى أناس يعيشون بالإسلام ، ولكم تراودنى أحلام يقظة أن أعود إلى حقبتهم ولو يوما واحدا لأرى كيف كانوا ، يصلون ، يدرسون ، يلبسون ، يبيعون ويشترون ، يشيدون ، يتسامرون ، كيف كانت حياتهم التى أنجبت هذا الكم من الإبداع .. صليت ، ثم تجولت فى المسجد ثانية أتأمل فى جنباته ، ثم خرجت ، أردت ان أكمل رحلتى ، لكن هاجسا آخر أتانى فى أن الحدث الذى سأحضره فى السادسة والنصف حدث جماهيرى ، فكلما بدرت فى الذهاب كلما كانت فرصتى فى مكان مميز أفضل ، فارتاحت نفسى ثانية لهذا الهاجس ، وتوجهت إلى فقرتى التالية من اليوم ، واتخذت طريقى إلى ساقية الصاوى ، لأحضر ندوة أ.معز مسعود والذى سيكون ضيفا فيها المبدع حمزة نمرة ..


وصلت إلى الساقية ، سألت عن مكان الندوة ، فقالوا لى أنها فى قاعة النهر ، دخلت القاعة التى أبهرتنى فكرتها ، قاعة كبيرة على ضفاف النيل ، بها مكان للندوات شبه مغلق ، و مقاعد على ضفة النهر فى منطقة مفتوحة تماما إسمها " الطراوة " ، وصخور للجلوس فى منطقة أخرى مفتوحة أيضا إسمها السكة ، و مقاعد فى منطقة عشبية صغيرة تطل على منظر طبيعى رائع للنيل ، والقاعة باكملها تشغل مكانا تحت كوبرى ، كان فى يوم من الأيام مهجورا ، إلا من بعض المتسولين و مريدى الحرام ، فما أجمل أن نبدل القبيح الذى تأباه الفطرة إلا جميل يضفى على النفس سكينة وبهاء .. دخلت إلى القاعة وهى شبه فارغة ، إخترت مكانا متميزا ، وضعت حقيبتى ، وخرجت لأتناول كوبا من الشاي لأصارع بشائر النوم التى بدأت فى مغازلة جفونى ، جلست على ضفة النيل بيدى كوب الشاي ، وحولى أناس أصحاب فكر أتوا ليستقوا علما ، وأذنى تطرب بأغانى هادفة تفضلت إدارة الندوة بتشغيلها لإضفاء جو من الفن الهادف الممتع ، إنتهيت من الشاي ، أذن المغرب ، أردت ان أصلى فلم أستطع لكثرة المصلين ، إنتظرت حتى انتهوا ، فدخلت لأبدأ جماعة جديدة ، فاعتذرت لى إحدى المنظمات بأدب ، وقالت لى أن هناك الكثير من البنات كن ينتظرن حتى تفرغ جماعة الرجال ليصلين ، فنويت جمع التأخير لأنى على سفر و دخلت إلى القاعة ، بدات القاعة فى الامتلاء شيئا فشيئا ، وبدأت جموع الشباب فى التوافد ، حتى امتلأت القاعة تماما ، لفت إنتباهى منظر رائع ، لخمسة صفوف من البنات يرتدين الزى المدرسي ، ومجموعة من المشرفات تنظم جلستهم ، فعلمت فى نهاية اليوم أنها مدرسة إسمها " الفاروق " ، وأن هذا نشاط لبنات المدرسة ، رائعون أنتم ، ورائع من تفتق ذهنه عن فكرة كهذى ، بدلا من أن نضيع مجهودنا فى التوبيخ والتأنيب والمنع والردع ، لم لا نوفر لهم البديل الجذاب ، كم نحتاج إلى عقول تربى أبنائنا كعقول هؤلاء المحسنين ..


جلس على يسارى شاب وصديقه ، ظلا يتحاوران ن ثم فجأة إلتفت من يجلس بجوارى مباشرة إلى وسألنى بلا مقدمات ، " هو حضرتك بتدرس طب " ، رددت عليه مبتسما " أنا كنت ، بس أنا حاليا طبيب الحمد لله " ، أخذ الشاب يضرب أخماسا فى أسداس ويقول لى " والله العظيم؟!!! " ، بدات أصبح فضوليا لمعرفة سبب هذا الاستغراب الشنيع ، قلت له مازحا " هو أنا مش باين عليا أوى كده ولا ايه " ، فقال لى " أصل أنا وصاحبى فى خامسة طب ، فببص شمالى لقيت واحد معاه كتب طب ، ببص ورايا لقيت معظم الصف اللى ورايا فى طب ، بصيت على اللى قدامى لقيت معاه بالطو فبرضه فى طب ، فقلت لصاحبى أنا هسأل الأخ اللى قاعد على يمينى ده ، لو طلع فى طب ، والله لقايم مروح " ،، ضحكت كثيرا على كلمته الأخيرة لأنها خرجت من عميق قلبه ، مساكين طلاب الطب ، تشعر أنهم ضحايا لشيء لا نعرفه ولا يعرفونه ، ثم قال لى " هو حضرتك عندك تفسير لده ، انا أعتقد إحنا بنيجى الحاجات دى عشان إحنا أكتر ناس فاضيين " ، مزحنا معا قليلا ، عرف أنى أعمل فى مستشفى أحمد ماهر ، فسألنى بعض الأسئلة عن جودة المكان والخدمة التى تؤدى فيه ، تحدثنا حديثا شيقا ، لا يقطعه سوى نداءات فى الميكروفون للحضور الجالسين على الأرض فى الخلف أن يضموا على بعضهم لأن القاعة إمتلات وملحقاتها أيضا ، ولم يصبح هناك أى مكان ..


ثم فتح الستار فجأة ، ومعز يجلس على كرسيه فى منتصف المنصة ، فضجت القاعة بالتصفيق الحاد الذى استمر دقائق بلا إنقطاع ، ثم دخل م.محمد الصاوى صاحب الساقية ، وقدم معز تقديما طيبا ، وجلسا سويا جنبا إلى جنب ، وبدأ معز فى حديثه الآسر الذى يتميز بأنه بسيط عقلانى قلبى يخرج من لسان رجل أحسبه مخلصا ، ولا نزكى على الله أحد ، تحدث عن مفهوم الطريق الصح ، وكيف نتعلم التلذذ بالسير فيه ، وكيف نشعر بالسعادة عليه ، تحدث عن الشهوات وكيف نقهرها ونتغلب عليها .. ثم فجأة ، قدم المبدع حمزة نمرة ، فدخل حمزة إلى القاعة ، فضجت القاعة ثانية بالتصفيق لكن أضافوا له هذه المرة بعض الصافرات ، ثم جلس حمزة بجوار معز ، واستكمل معز ما بدأه ، ثم طلب من حمزة أن يغنى ، فغنى رائعته " إحلم معايا " .. السماع إلى مغنى وانت تراه أمامك له الكثير من الامتيازات التى تجعل التأثير أضعافا مضاعفة ، وحمزة من الأصوات التى تسلب لبك إذا سمعت اغانيه المسجلة فكيف إذا سمعته مباشرة ، إنتهى من الأغنية فازدادت حدة التصفيق كثيرا ، وبدأ معز فى الحديث بمهارة شديدة فى أن تكلم عن كلمات الأغنية وربطها بما بدأ الحديث عنه فى التلذذ بالطاعة ، وحلاوة الفن الهادف ، وانتقد المسفين الذين يرسخون ما سماه " تطبيع الرذيلة " فى مجتمعنا ..


استمر معز فى حديثه الشيق ، وسط بعض مداخلات من م.محمد الصاوى ، وإبداعات حمزة ، " يارب " ، " أنا يا إسرائيل " ، " دموع " .. وبعضا من المعانى التى استمر معز فى عرضها تباعا والتى لن يسمح المكان هنا لعرضها تفصيليا ، ربما فى مدونة أخرى أكتب عنها ، لكنه كان يتحدث بنفس المحب لمن يحاورهم ، وبساطة من لا يتصنع ولا يتكلف ، حتى أنه بكى فى بعض الأوقات وهو يتكلم ، كان أشبه بسائق يقود هذا الجمع فى رحلة روحية ، يسمو بهم ولو ومؤقتا إلى مكان لم يعتادوا أن يكونوا فيه ، هذا فتح من الله وحده ، إنتهى ثم سأل إن كان هناك من أحد يريد أن يضيف ، فرفع شاب يده ، صعد المسرح وتحدث عن فكرة الصبر ، وأن العلاقة بين الأبناء والآباء لا بد أن تشمل صبرا من الأبناء وإستيعابا من الآباء ، ليسيروا جميعا فى الطريق الصح .. ثم مداخلة من فتاة قالت " إحنا مش هنبطل شغل " كنوع من عبارات بث الأمل ،، وهو المعنى الذى قاله حمزة فى كلماته القليلة التى بدأ بها قبل أن يغنى ، وهو أن هذا العدد من الشباب الجالسين أمامه هو الأمل بعينه ، ثم ختم معز اللقاء بدعاء رقراق ، أسكب العبرات من عيون الكثيرين ، وأسدل الستار بكلمات شكر منه إلى كل من حضر ولمن حضر لكنه لم يستطع الدخول لإمتلاء القاعة ..


قبل أن تبدأ الندوة ، لمحت أحد الأشخاص يرتدى كارنيه مكتوب عليه "صناع الحياة " ، فرأيت أن فيه شبها كبيرا لصديق لى من أصدقاء الطفولة ، لكنى لم أستطع التأكد من أنه هو ، كان هو وأخوه أصدقاء لى وزملائى فى نفس المدرسة حتى المرحلة الإعدادية ، لكنهما تركا المدينة ، وذهبا مع أسرتهما إلى الزقازيق واستقروا فيها ، ثمانية سنوات كاملة لم أره فيها ، وثمانية سنوات تعنى أكثر من ثلث عمرى ، فلك أن تتخيل صعوبة أن أتعرف عليه أو أن أتاكد إن كان هو أو لا ، لكنى قررت أن أبحث عنه بعد أن فرغنا من الندوة ، كان آلاف القاعة يتوافدون إلى خارج القاعة مغادرين ، لذا كان إيجاده أشبه بإيجاد جنيه معدن فى المترو الساعة الثامنة صباحا عندما يكون أشبه بعلبة المربى ، لكن الله ألهمنى طريقة أجده فيها بل وفى نفس الوقت أعرف إن كان هو أم لا ، بحثت عن أى أحد يرتدى نفس الكارنيه الذى كان يرتديه المشتبه به ،ههههه ، وجدت واحدا ، فسألته كمدخل للحوار " هو حضرتك من صناع " فاجابنى بنعم ، فسألته " معاكم حد من المنظمين إسمه فلان الفلانى " ، فقال لى نعم ، فتهللت أساريرى تهلل من تاه فى القاهرة ثم وجد أمامه محطة مترو ، قلت له " طيب ممكن حضرتك تشوفهولى " سألنى إن كنت أعرفه ، فأخبرته أننى صديق قديم له ورأيته فى الندوة فأردت ألا أفوت الفرصة فى السلام عليه ، تفاعل الشاب كثيرا مع قصتى ، وسأل زملائه عن صديقى ، ثم أخذنى إلى خارج القاعة إلى تجمع للباصات ، وهناك رأيت صديقى ، لكنه لم ينتبه لى على الإطلاق ، وكان ينادى على الشاب الذى معى ليسرع فى تجميع الفتيات حتى يغادروا ، فقال له " أنا جايبلك مفاجأة معايا " ، ثم إبتسمت أنا ، فحملق صديقى فى ثم حدث التفاعل الكيميائي بيننا ، " أووووووووووووه ، عبدالرحمن " ، لم يصدق نفسه بمعنى الكلمة ، تعانقنا ، سألته عن أخباره ، عرفت أنه فى السنة الرابعة من كلية الصيدلة ، سألته عن أخيه فاخبرنى أنه فى الجيش ، تحدثنا خمس دقائق من الأمتع فى اليوم كله ، أخذت رقم هاتفه وكذلك فعل ، تعاهدنا على التواصل ، طلب منى أن أرسل سلامى لأسرتى ، وكذلك طلبت منه ..


إنتهى البرنامج ، الساعة أصبحت العاشرة نويت أن أعود إلى المسكن لآخذ حقائبى ، وأسافر ، لكن هاجسا ثالثا إنتابنى فى أنى قريب من الموقف ، بعيد عن المسكن ، فلم لاأسافر مباشرة ، جميلة هى القرارات التى فيها نوع من المغامرة ، ونفسى تحب المجازفة كثيرا ، إنطلقت إلى الموقف ، كانت الشوارع خالية ، وصلت ، فوجدت السيارة فى انتظارى على عكس المعتاد ، ركبت فإذا بمفاجأة أخرى ، أصدقاء لى لم أقابلهم منذ فترة يجلسون فى نفس السيارة ، سلمت عليهم ، وبدأنا حوارا ممتعا لم ينته إلا أسفل بيتى فى البلد ، فهم بالإضافة إلى أنهم أصدقائى جيرانا لى فى نفس المنطقة ، أى أن الله رزقنى بصحبة حتى البيت ..


وصلت ، سلمت على أهلى ، وجلسنا سويا نرسم ختام مسك ليوم أجمل مافيه أنه من ترتيب الله عز وجل من ألفه إلى ياءه.. حمدا لربى المنان


طابت أيامكم ..

الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

أطرقوا الأبواب .. يرحمكم الله

أنا والأحباب فى مصلى العيد

بخطوات متثاقلة ، وقلب يدق بعنف ، توجهت نحو باب الشقة ، طرقت الباب ، انتظرت لحظات قصيرة طويلة ، قطرات العرق تسيل على جبهتى ، ظهرى يواجه الباب ، آلاف الأصوات تتداخل فى عقلى ، وهواجس الصدود تسيطر علي

- مين ؟!!

- حضرتك أنا هنا بخصوص الانتخابات

فتح الباب ، وخرج لى رجل فى الأربعينيات

- خير ؟!

- السلام عليكم

- وعليكم السلام

- كل سنة وحضرتك طيب

- وانت بالصحة والسلامة

- حضرتك أنا مندوب مرشحي الإخوان المسلمين ، د.متولى الشناوى و ا.سهام الجمل

- أهلا وسهلا

- اتفضل حضرتك كروت المرشحين ، ياريت حضرتك تنزل ان شاء الله يوم 28/11 ، وتنتخب اللى حضرتك شايفة الأصلح ، بس المهم ان حضرتك تشارك وتمنع ان صوتك يتزور

- ان شاء الله هنزل أنتخب

- حضرتك عندك أطفال

- أه

- كام واحد

- اتنين

- اتفضل حضرتك

أعطيته قطعتى حلوى ، وأخبرته أنها هدية العيد للأطفال ، وشكرته بشدة لحسن استماعه ، رحب بى جدا ، وأصر على دخولى إلى البيت ، لكنى إعتذرت إليه لإنشغالى الشديد ولأن أمامى كثير من الزيارات بعد .

كانت هذه البداية التى كانت فاتحة خير لكثير من الزيارات للبيوت ، وكثير من النقاشات ، ومختلف ردود الأفعال ممن زرناهم ، الكثير رحبوا وتفاعلوا ، القليل اكتفوا بأخذ الكروت ، والنادر من كان رده جافا ..

تجربة أضافت لى الكثير ، كل ما علينا فعله أن نطرق الباب ، أن نذهب نحن إلى الناس ، ونعرض عليهم فكرتنا ، الناس تحتاج إلينا ، تحتاج لأن ترى من يتعب فى سبيل قضية ليست شخصية ،

صاجب القضية عليه ان يعمل خارج الصندوق ، عليه أن يكسر القيود التى تعيق الكثيرين ، وأن يلغى الحسابات المادية التى تملى عليه كثيرا من التصرفات ، المكانة الاجتماعية ، الوظيفة ، المظهر العام ،وكثير من المصطلحات التى تجذبنا إلى الأرض ، فنثاقل

أنا بفضل الله طبيب أسنان ، من اسرة ميسورة الحال ، ومكانتنا الاجتماعية بكرم الله مرموقة ، لو أنى فكرت لحظة فى تلك الأشياء ، مافعلت مافعلته قط ، لكنى أحاول أن أكون أفضل من ذلك كله ، أن أكون "صاحب قضية " ..

أعظم الخلق فى تاريخ البشرية " محمد " ، كان يطرق أبواب بلاد لا بيوت ، ولكم تعرض للإيذاء فى سبيل قضيته ، ألا يكفينا فخرا أن نسير على طريقه ؟!

*********************

عيد سعيد عليكم جميعا ، أسأل الله لى ولكم القبول ، وأن نكون دوما فى الخير خير ، اللهم أعز الإسلام ، وإجعل عزته بنا لا بغيرنا ، كل عام وأنتم أفضل ، كل عام وأنتم أصحاب قضية راقية ، كل عام وأنتم للجنة أقرب .. اللهم آمين .. كل عام ونحن نطرق الأبواب

*********************

السبت، 23 أكتوبر 2010

عــــودة ٌو رجـــــــاء



قرابة الشهرين والنصف مروا منذ آخر كلمات كتبتها هنا ، لم أكن مشغولا على الاطلاق ، بل لم يكن فى حياتى وقت فراغ كما كان طوال هذه المدة ، حاولت كثيرا أن اكتب ، أن أعود إلى هنا كما تعودت ، ان أترجم كم الأفكار المهولة التى تشغل عقلى منذ زمن إلى كلمات على ورق ، لكن محاولاتى كلها كانت تنتهى إلى لاشيء ، لم أفهم يوما كلمات فاروق جويدة عندما قال " خاصمنى الشعر " ، لم أكن أدرك أن الكتابة قادرة على الخصام ، أدركت أن الكتابة حالة روحانية تنتابنا ، وليست أبدا قرارا نتخذه ، إنها أشبه ماتكون إلى حالة النوم ، يأتيك وقتما يريد هو ..


مدونتى كانت منذ أن أنشاتها وطنا لى ، وطنُ بكل ماتحمله الكلمة ، فيها الماضى بذكرياته ، والحاضر بشهقاته وزفراته ، والمستقبل بتطلعاته ، فى أحلك الأوقات كنت أتصفحها فأطمأن ، تصفحها وحده كان كفيلا بتذكيرى أن كل شيء سيكون على مايرام ..


لذا شعور العجز عن كتابة حرف واحد فيها أشبه بشعور خطيب فقد القدرة على النطق ، أو عدَاء لم يعد يشعر بقدميه ، فالخطبة فى عقل الخطيب كاملة ، وطريقة الجري فى عقل العداء جاهزة ، لكن كلاهما لايستطيعان تجاوز العقل إلى الفعل ..


على غير العادة أكتب هذه المرة ، بلا أفكار ، أكتب فقط لأترجى الكتابة أن تعود لى من جديد ، أكتب لأتخطى فكرة العجز ، أكتب لأنى أصبحت خلال الفترة الماضية شخصا غريبا عمن اعرفه ، لن أبرر ، ولن أدافع عن أي شيء ، كل ما أريده هو أن أعود ..


أدركت بعد كل شيء ، أنى لم أكن أكتب لأحد ، كنت أكتب لنفسى فقط ، لأنى أصبح شخصا أفضل عندما أكتب ثم أقرأ ماكتبته ،أكتب لكي أتذكر كلما حدت عن الطريق أنى كنت هنا فى يوما ما ..


كل ما أرجوه من الله الآن ..

.. أن أكتب ..



الاثنين، 9 أغسطس 2010

شكرا لكم

(1)

اتصلت به لأطمئن على نتيجته فوجدت هاتفه مغلقا ، إتصلت على البيت فرد علي والده ، سألته عن أحمد ، أجابنى باقتضاب أنه على سفر ولم يأتى بعد ، قلت له حسنا أنا فقط أطمئن على نتيجته ، وأخبرته أنى عبدالرحمن الديب ، هنا تغيرت نبرة الصوت تماما ، وبترحاب شديد قال لى أن إبنه نجح بفضل الله ، ثم قال " أحمد نجح بفضل الله ثم بفضلكم " ، الحقيقة أخجلتنى الكلمة كثيرا وحاولت أن أوضح له أنى لم أفعل معه شيئا أكثر من حقه علي ، أصر على أن يدعونا على الافطار فى رمضان تعبيرا لشكره .. فوعدته بتلبية الدعوة


***************

(2)

اتصلت بصديقى عمرو ليخبرنى عن نتائج أصدقائنا فى الفرقة الإعدادية الذين كنا نتابعهم طوال العام فأخبرنى أن معظمهم حصل بفضل الله على تقديرات مرتفعة كما أن " .... " دخل فى الترتيب ، كلمته لأبارك له ، سألته عن الترتيب فأخبرنى أنه خامس دفعته ، عادت بى ذاكرتى إلى حيث كنا ننظم يوما رياضيا أسبوعيا فى الكلية ، وكان من المتابعين الدائمين على هذا اليوم ، فى أحد الأيام ونحن نتحدث قال لى ولرفاقى " أنا مش عارف من غيركم كنت عملت ايه "


***************

(3)

عرفتها وهى لا تزال فى السنة الإعدادية ،أعتبرها دوما أختى الصغيرة ، أسست معنا "أسرة المستقبل" ،ونعتبرها دائما من يقع على عاتقها مسئولية الحفاظ من بعدنا على طابع الأسرة الملتزم الفعال الذى أبهر الجميع ، وبالفعل هذا العام كانت هى المسئولة الأولى عن نشاطات الأسرة فى ظل غيابنا لظروف المذاكرة ، كنت أراها تتقدم بنفسها يوما بعد يوم ، حصلت على لقب "الطالبة المثالية "فى الكلية هذا العام ، من أوائل دفعتها فى العامين الماضيين ..


أول أمس علمت أنها حصدت المركز الأول على دفعتها هذا العام ، كما أنها الوحيدة فى الدفعة التى حصلت على تقدير " إمتياز " ..


**************


شعور رائع أن يجعلك الله جزءا من نجاح الآخرين ، أن تشعر بأنك نجحت بنجاحهم ، ويعتريك الفرح لفرحهم ، أؤمن أنه لا فضل لى على أى أحد منهم ، فهم اجتهدوا فجزاهم الله بحسن اجتهادهم ، لكنى كنت جزءا من ذلك النجاح بشكل ما يختلف باختلاف الأشخاص ..


النماذج الثلاثة التى ذكرتها هى للمقربين ، وجودى فى حياتهم يجعلنى جزءا من نجاحهم ، ووجودهم فى حياتى يجعلهم جزءا من نجاحى ..


إننا نحتاج الآن إلى أصحاب الرسالات ليكونوا فى المقدمة ، وأنا عادة ما أجعل دائرتى الاجتماعية من هؤلاء البناة ، لذا فنجاح كل واحد منهم يمثل نجاحا للفكرة ، وانجازا لمشروع النهضة ككل ..


إجعل لنفسك دائرة ممن تتوسم فيهم خيرا ، وكن معهم دائما ، أكمل ما ينقصهم ، وزد عما عندهم ، ارتقى بهم واسمح لهم أن يرتقوا بك ، ثم بعد ذلك


إفرح لأنك كنت جزءا من نجاحهم ...


إلى كل من نجح من المقربين ، شكرا لكم


************

رمضانٌ كريم

الأربعاء، 28 يوليو 2010

رسالة إلى حبيبتى




* إن إنجليش


هاي بيبى


آى ريلى لاف يو سو ماتش ، آى فيل سو هابى هوين آي بيكم ويز يو ، آي آم ثينكينج أبوت يو أولل ذا تايم ، آي وونت يو تو نو ذات يو كومبليت مى ، آيام ناثينج ويزاوت يوم ، آي آسك الله تو ميك أس هابى توجيزر ، آند نوت تو ميك إنى ثينج تو ديستروي أور لاف


هنى ، آي ويلل سيي إت أول ذا تايم ، آي لاف يو


*********************



*Bel 3araby


7abebty ,


Ana ba7ebek awy , we bab2a far7an gedan lama bacon ma3aky , ana bafakar feky tool elwa2t , we 3ayzek te3rafy enek betkameleny , w eny men 3'erek wala 7aga , ana batlob men rabena ino ye7'alena so3adaa m3 ba3d , w may7'aleesh 7aga tedamar 7obena abdan ,


7abebty , hafdal a2olha 3la tool


"B7bk "


***********

* عانيت كثيرا فى كتابة هذه الخزعبلات ، فأنا لا أفقه شيئا فى أشباه اللغات ...
بالغ أسفى وإعتذارى إلى لغتنا العربية لما أخطاناه فى حقها ، وما وصلنا إيه من فقدان هويتنا بفقدانها ... سأظل دوما أكتب بها ، ففيها أرى نفسى ، وإليها حتما أنتمى ...
مسلم عربي وأفتخر

الخميس، 22 يوليو 2010

" ولا تردوا الهدية "




منذ أكثر من ثلاثة أشهر وأنا أفكر فى هدية أهديها لواحد من أقرب الناس إلى قلبى ومن أكثرهم فضلا على ، من الأشخاص القليلين الذين أجد فى قربهم راحة وفى بعدهم عنى علامات إشتياق ، أعتبره من رفاقى المعدودين على أًصابع اليد الواحدة ..


أخذت أفكر فى الهدية المناسبة واستعنت بما قرأت من قبل عن فن الاختيار ، استقر أمرى على نوعها ، تحينت الوقت المناسب والمكان المناسب ، ثم قدمت الهدية ، لكن ما حدث لم يكن قط فى الحسبان



رفيقى رفض الهدية



الحقيقة ان هذه أول مرة فى حياتى أتعرض فيها للرفض ، وسابقة فى شعور لم أجربه من قبل ، أحسست بأن نفسى كـُسرت كسرا ، صحيح أنه ساق الأعذار وبين الأسباب ، لكنى ما اقتنعت بأى منها ، شعرت بخيبة أمل كبيرة ، وانتابنى إحساس بالمرارة ، بالطبع هذا لأن رفيقى كما ذكرت له فى قلبى مكانة كبيرة كما انى لا أعرف للرفض معنى فى قاموسى الشخصى .


لكنى بعد ذلك الموقف فهمت معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى أخرجه البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح عن عبد الله ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( اجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية ولا تضربوا المسلمين )


والذى نختصره نحن بكلمة " الهدية لا ترد "



أعلم أنى سأتجاوز الموقف ، لكنى تعهدت لنفسى بألا أرد هدية قط إلا لسبب شرعى ، وسأضيف إلى النوايا التى أعددها عند قبول الهدية نية


" جبر الخاطر "



أعلم أن رفيقى سيقرأ تلك المدونة لذا فإنى أحب أن أخبره بأن ما حدث لم ينقص من قدر حبى له قيد أنملة ، وستظل مكانته محفوظة ، وسيظل حبنا فى الله متوهجا بإذنه سبحانه ، فالعلاقات التى تبنى على أساس طاعة الله عصية على أن يفسدها شيطان ...




- لا ترفضوا الهدية مهما كانت أعذاركم طالما لا شبهة فيها ولا معصية ، وإسمعوا نصيحة من جرب ألم الرفض ، ههههههههه .


دمتم بخيرات

الأربعاء، 21 يوليو 2010

واليوم نحصد ما زرعنا




الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات


جائتنى النتيجة الآن


وبفضل الله عز وجل حصلت على تقدير


جيد مرتفع 73,5%


وترتيبى فى الدفعة


32


اليوم أنا رسميا


" دكتوووووووووووووووووووور أسنان "


فاليوم أسدل الستار على تجربتى الجامعية والتى أعدها أروع تجارب حياتى ...


اللهم إنى أسألك أن أكون جنديا صالحا لدينك العظيم ...

اللهم إجعلنى أحسن ممايظن الناس بى ، واغفر لى ما لا يعلمون ...


اللهم آمين


**********


الشكر لله قبلا وبعدا


ثم الشكر لأبى وأمى وإخوانى


الشكر لأصدقائى و أحبابى


الشكر لأساتذتى


الشكر لكل من له دور فى هذا النجاح


لا حرمنى الله منكم


**********


وغدا رفاقى نعانق القمر


السبت، 17 يوليو 2010

أقدار .. وبوارق أمل




طوال الفترة الماضية ، كنت فى عزلة تامة لا أفعل فيها شيئا سوى المذاكرة ، كنت أتابع الأخبار يوميا عن طريق الانترنت من هاتفى والذى كان وسيلتى الوحيدة لمعرفة ما يجرى .


يشاء القدر أن تكون تلك الفترة عامرة بالأحداث العملاقة :-



الهجوم على سفينة المساعدات التركية وتبعاته من خذلان هنا وعزة هناك ، دخول بعض القوافل إلى غزة ، إغتيال خالد سعيد ، المصادمة بين المحامين والقضاة و أشياء أخرى ...


توقيت هذه الأحداث كان يثير بنفسى ضيقا كبيرا ، فإحساس العجز يتملكنى ، وشعور بأنى مقيد بسلاسل الامتحانات والمذاكرة التى تمنعنى حتى من المشاركة بصوتى ضد الظلم والظالمين .



عاهدت نفسى أنى سأتخذ خطوات بمجرد انتهائى من الاختبارات ، لكن أتت " دورة التربية العسكرية " والتى سأكتب عنها بإذن الله فى وقت لاحق لتزيدنى إنشغالا وعجزا ، بل وتزيد الهم بكونها ليست إلا مضيعة للوقت والجهد ، المشكلة أنها إجبارية وغياب يوم يلغى الدورة بأكملها .


إنتهزت فرصة أن يوم الجمعة إجازة ، فعزمت على أن أنجز بعضا من مشاريعى المعلقة ، إتصلت بصديقى "جعفر" فى الاسكندرية ، وأخبرته بكونى متاحا يوم الجمعة ، واتفقنا أن نتقابل ، اتصل جعفر بى مساء الخميس وأخبرنى أن ألقاه فى مسجد " القائد إبراهيم " فى صلاة الجمعة .

بعد كثير من " بهدلة " المواصلات وطول السفر ، وصلت إلى المسجد ، صليت الجمعة فى الشارع لكثرة عدد المصلين ، ثم بعد أن انتهت الصلاة ، صليت أنا العصر جمعا وقصرا ، وأنا فى ركعتى الأولى ، شعرت بحركة غريبة ، ثم بصوت ينادى فى الناس :

- اليوم ذكرى الأربعين لإستشهاد خالد سعيد فادعوا له بالرحمة ، وإقرأوا له الفاتحة


قلت فى نفسى ، لعله رجل عادى يذكر الناس بخالد رحمه الله على أساس أننا فى الأسكندرية موطن الشهيد ، أنهيت الصلاة ، والتفت لأرى جموع غفيرة من الناس تتجمع من حولى ، فأدركت أن هناك أمر ما .


بعد قليل من الوقت ، عرفت أن هذا مظاهرة للجمعية الوطنية للتغيير فى إحياء ذكرى مرور أربعين يوما على إغتيال خالد.

وقفت أتابع الموقف ، وإذا بى على موعد مع رؤية كبار رموز المعارضة فى مصر ، لا تفصلنى عنهم سوى بضعة أمتار قليلة ، وكل منهم تكلم كلمة موجزة ، تدور فى مجملها عن محاربة الظلم ، والتصدى لتزوير الانتخابات ، والنضال الدستورى ، وعدم الخوف ، وعدم تصديق من يحاولون زرع الفتنة بين الاخوان والجمعية الوطنية للتغيير ، الرموز الذين رأيتهم :

- المستشار محمود الخضيرى

- د.حسن نافعة

- د.جورج إسحاق

- أبو العز الحريرى

- النائب مصطفى محمد مصطفى عن الاخوان المسلمين

- عم الشهيد خالد سعيد

وآخرون ...


أنا لست بصدد كتابة تقرير صحفى عن المظاهرة ، فالتقارير التفصيلية موجودة فى كل المواقع الاخبارية ، إنما أنا أتحدث عن نظرتى أنا لما رأيته :


- كنت مسرور جدا لرؤيتى فصائل أخرى غير الاخوان المسلمين تخرج فى جموع حاشدة لتعترض على الظالمين ، أنا فى حياتى كلها لا أرى إلى مظاهرات الاخوان ، لذا كان رؤية غيرهم يمثل لى بارقة أمل ، فأنا أؤمن تماما أن النهضة لن تقوم على فصيل واحد مهما بلغت قوته ، إنما على الاتحاد بين جميع من يهمهم أمر مصر .



- بالطبع لم تكن المظاهرة بالقوة ولا بالنظام الذى تعودت رؤيته فى مظاهرات الإخوان ، لكن هذا لا ينقص أبدا من قدرها ، فالاخوان جماعة تاريخية تعمل على الساحة منذ عشرات الأعوام ، بينما الفصائل التى رأيتها بالأمس مازالت فى بداية الطريق ، لذا فمن الظلم أصلا أن نعقد المقارنات ، مظاهرة الآمس مثلت بالنسبة لى أمل جديد أن التغيير قادم فى الغد القريب بإذن الله



- أكثر ما أثر فينا ، هو طفل صغير لا يتجاوز العشرة أعوام حمله أباه على كتفه ، ليستلم هذا الطفل زمام المظاهرة ويقود الهتاف بشجاعة وجرأة يحسد عليهما ، والجموع تردد من بعده ، هتف حوالى أربعة هتافات قوية ، فصفق له الجميع بعد ان انتهى ، ونزل جورج إسحاق من على المنصة وقبله ، مما دفع المسئول عن المظاهرة أن يقول أن أمثال هذا الطفل دليل واضح على أن مصر الطاهرة ستظل ممتدة لأجيال قادمة .


- أخيرا ، أجمل ما فى الأمر أنى لم أخطط له ، ولم يخطر على بالى أصلا أنى سأحضر شيئا مثل هذا ، لكنها تراتيب القدر ، وإختيارات الله عز وجل ، أعتقد أن كل ما فعلته هو أنى عزمت أن أكون صاحب دور فعال فى هذه الحياة ، فكانت تيسيرات الله ، سأسير فى حياتى بإذن الله بهذه الروح ، وأعلم يقينا أن الله سييسرنى إلى عظيم المنح ...


يبقى فى النهاية أن أسجل أنى على يقين شديد أن فجر حريتنا أوشك أن يطلع ، إقترب الفرج بإذن الله ، المهم أن أكون من أسباب طلوعه ...




الخميس، 8 يوليو 2010

" الشيخ " ... قصة قصيرة

بعد كثير ٍمن قطرات العرق التى بذلها فى البحث المضنى عن سكن ٍجديد مناسب ، أحسَّ براحة ٍتجاه ذلك البيت ، أعجبه هدوء المنطقة التى يقبع فيها ، كما أنه شعر بطمأنينة حينما تفقد غـُرَفـَه وأثاثه

- " أريد أن أستأجره "

قالها لمالك البيت بعد أن رسم إبتسامته المعتادة على وجهه

- "حسنا يابنى ، تفضل با لجلوس لنتفق على الماديات ونضع شروط العقد "

لم يستغرق الأمر من الوقت الكثير ، على إثره سلمه المالك المفتاح وتمنى له التوفيق فى سكنه

بعد أيام معدودات ، إنتقل إلى ذاك السكن ، تاركا خلفه حياة كاملة ، أهل يشتاقون إليه ، أصدقاء يفتقدون جلسته ، جيران تعودوا رؤيته فى كل صلاة ، لكن من قال أن الحياة ثابتة؟! ، الكل يعلم أن الفراق حتمي سواء كان لفترة أو فراق أبدي ، مايصبره أن فى حالته الفراق ليس إلا لفترة دراسته .

إنتقاله كما يرى ليس مجرد تغيير سكن ، إنما تغيير حياة ، الجانب المضيء يصوره بداية صفحة جديدة له كل الخيار فيما سيخطه فيها ، صفحة تتيح له تدارك ما أخطأ فيه سلفا ، و تكرار كل جميل قد فعله يوما ، يحب دائما أن يفكر فى الأشياء بتلك النفس المتفائلة ، فقد تعلم أن الحياة لا تضحك إلا لمن يضحك لها ، خرج إلى الشرفة ليتعرف أكثر على المنطقة التى سيعلق فيها حقبة من الزمن ، أعجبه المنظر كثيرا ، صحيح أنه لا يضاهى منظر النيل الذى أدمن رؤيته من شرفة منزله ، لكن لا بأس به ، بنايات شاهقة تحيطه من كل جانب ، مخبز ، صيدلية ، مطعم ، وكثير من محلات البقالة ، أعطوا للمنطقة روح الحياة بالرغم من الهدوء الذى يخيم أرجائها ، أكثر ما لفت إنتباهه كان ذلك المسجد الذى ترتفع مئذنته الشامخة وكانها نقطة المركز التى تشعرك أن منها يبدأ كل شيء .

شارفت الشمس على المغيب ، بدأ يتلو أذكار المساء ، عيناه لا تفارقان السماء ، هكذا تعود من الصغر ، فهو يرى روعة خلق الله فى تلون السماء وقت الغروب ، فتخرج الأذكار من قلب يستشعر الجمال ، فيزداد حبا لله الخالق ، أنهى الأذكار وبدأ فى تلاوة " وِرد الرابطة " ، وصل إلى الجزء الذى يتذكر فيه كل من أحبهم فى الله ، لم يتمالك نفسه ، فرَّت دمعات الشوق على وجنتيه ، ودمعاتٌ أخرى تشكر الله على نعمة الحب فيه ، وهو يتلو ما تبقى من الوِرد إرتفع صوت المؤذن يشدو بأن الله أكبر ، ولينادى كل من أسلم بأن حيَّ على الصلاة لتفلح .

توضأ ونزل إلى المسجد هادئ الخطوات ، شعورٌ غريبٌ إنتابه ، شعور بأنه غير مرئي ، أو هكذا خُيِّل إليه ، فهو تعود على أن كل من يراه يسلم عليه ، الكل يعرفه فى موطنه الأصلي ، الكل بلا إستثناء ، الحال الآن تغير فهو فى منطقة لا يعرفه فيها إلا الله عز وجل ، دلف إلى المسجد ، صلى ركعتى التحية وجلس فى إنتظار الصلاة ، أخذ يتأمل فى جنبات المسجد ، أعجبته الزخارف فى السقف وعلى الجدران ، كان واضحا من حجم المسجد وعدد المصلين فيه أنه المسجد الرئيسي للحي ، بعد دقائق قليلات امتلأ المسجد تماما ، أقام المؤذن الصلاة ، وتوجه رجلٌ يبدو فى العقد السادس من عمره إلى محراب الإمام دون أن يُقدِّمه أحد ، وجهر بتكبيرة الإحرام .

إنه يعلق آمالا كبيرة على سكنه الجديد فى أن يكون خلاصا من إمام المسجد فى بلده ، وهربا من قراءته الغريبة وحفظه الوهن وصوته الذى يشبه صوت الغراب ، ولكم كانت صدمته شديدة عندما بدأ الإمام فى قراءة الفاتحة ، شعر بأنه كان يصلى وراء" مشارى راشد" فى بلدته ، أيقن أنه كالمستجير من الرمضاء بالنار ، لم يصدق فى بداية الأمر أن القراءة سيئة إلى هذا الحد القاسى ، لكن قراءة بعضا من آيات سورة البقرة كانت كفيلة بتأكيد ظلام الصورة ، القرآن الذى يسمعه الآن لا علاقة له بقرآننا الذى أنزل على النبي الأعظم ، شعر برغبة فى السفر إلى بلده ليُقـَبـِّل يد المصيبة التى هناك بإعتبارها لا تقارن بما يسمعه الآن ، ياللهول ، كيف لهذه الجموع العظيمة فى تلك المنطقة الراقية أن ترضى بإمامة هذا الرجل ، هل من المعقول أن يخلو المسجد بأكمله من رجل يقرأ القرآن قراءة صحيحة فيقدم نفسه ليرفع الحرج عن المصلين ، ظلت التساؤلات تثار فى عقله ، وجسده يتبع الآخرين فى حركاتهم بلا وعي منه أو تفكير ، لم يستفق من شروده إلا على صوت الإمام ينهى الصلاة ، سلم مع المسلـِّمين ، وقام إلى ركن من أركان المسجد فأعاد صلاته من جديد ، فشروده فى الصلاة شغله عن صحتها وترديده لأذكارها المفروضة .

ظل هذا الأمر يؤرقه ، يفكر فيه بلا إنقطاع ، أكثر ما يحتاجه فى غربته إستقراره النفسي ، فكيف تقر نفسه مع صلاة كهذى ، فكر فى أن يصلى فى مسجد آخر ، لكنه إكتشف أن كل المساجد فى المنطقة ليست إلا "زوايا " ، وهذا هو المسجد الوحيد فى المنطقة ، مرت الأيام وصدمته تزداد ، فرؤيته لرضا أهل الحي يزيد من إحباطه وضيقه ، ما يخيفه حقا أن يكون آثما بسكوته ، فهو يحفظ القرآن كاملا ، ويجيد قراءته ، وكل من صلى ورائه يشهد بحلاوة صوته ، قبوله للواقع يختلف عن قبول الآخرين ،

لقد أصبح ساكنا من سكان الحي الآن ، وأصبح له مالهم وعليه ما عليهم ، لابد من أن يفعل شيئا ، لكن ماذا بإمكان الغريب أن يفعل فى منطقة لا يعرفه فيها أحد ، كيف يبدأ تعارفه على الناس بمشكلة ، هو يعلم أن الإمامة فى مصر غالبا تعطى بالعرف ، رجل يصلى مرة تليها مرة ، حتى يصبح واقعا يرضى به المصلون ، ويصبح العرف أن هذا هو إمامهم ، و محاولة مخالفة هذا العرف تعد وقاحة لا يُغفر لمرتكبها حتى ولو تاب وأقر بذنبه ، يعلم جيدا أنه سيصبح فى حكم من أجرم فى حق نفسه ووطنه وجيرانه و دينه وكل شيء إذا سولت له نفسه أن يفعل ما يراه هو واجبا .

لكن النفس التى إعتادت أن ترضى الله عز وجل ، تعلم جيدا أن رضا الناس فى رضاه والعكس بعيد عن الصواب ، أنشودته المفضلة التى يحفظها عن ظهر قلب تتردد كلماته فى عقله وقلبه

" مجرم قالوا لأنى أرفض الذل الكبير ، أرفض العيش بصمت ضمه القهر المرير ، فليقولوا ما يقولوا ، أنت من أرجو رضاه ، أنت من تعلم أنى لك أرخصت الحياة "

أيقن فى قرارة نفسه أن عليه التصرف دون النظر إلى العواقب ، هو لا يعلم كيف ؟ فسأل الله أن يدله هو .

مرت الأيام والحال يزداد سوءا ، وهو لا يعرف ماذا يفعل ، حتى أتى ذلك اليوم الذى سطر فيه تاريخا جديدا له فى حياته ، المسجد يمتلأ عن بكرة أبيه ، المؤذن يقيم الصلاة ، الكل يصطف فى هذا التناسق العجيب ،الموقف يبدو لكل من فى المسجد موقفا روتينيا يحدث كل صلاة ، قلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه من شدة الخوف ، تذكر كلمات الأنشودة ، هدأ تماما ، شق الصفوف بهدوء عجيب وسط إستغراب المصلين لإقتحاماته ، إقترب شيئا فشيئا حتى سبق الإمام الذى كان يتهيأ للتوجه إلى المحراب ، إكتست علامات الغضب على الإمام ، وساد الصمت أرجاء المسجد ، تلاه صوت همهمات ، الكل يهمس فى إستغراب ، صوت جلبة من آخر المسجد ، وصوت رجل مسن ينوى تأديب الوقح الذى جرؤ على التعدى على المقدسات ، الفتنة على وشك أن تقع

- " الله أكبر "

الصمت عاد من جديد ليغزو جنبات المسجد ، هدأت الفتنة ولو للحظات ، فالكل يترقب إنتهاء الصلاة ليعلموه درسا لن ينساه

- " الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين "

خرجت الآيات من قلبه تباعا ، ومعها خرجت من المسجد كل بادرة فتنة كانت على وشك أن تقوم ، كل من أراد سوءا إستحال إلى مستمتع بهذا الصوت الندي ، وتلك القراءة الصحيحة ، وذلك الحفظ الرائع ، الكل ترك لأذنيه العنان ، كأنما يستمعون إلى القرآن لأول مرة فى حياتهم . فهم لم يسمعوا من قبل قرآنا يخرج من قلب أراد رضا الله حتى ولو كان فى سخط الناس

استمر فى الصلاة ، ركعة تتلوها الركعة ، وصل إلى التشهد الأخير ، اقترب من نهاية الصلاة ، وبداية المواجهة المنتظرة ، سلَّم فسلموا ورائه ، بدأ بعض القلق يعتريه ، التفت وجلس ليختم الصلاة ، عيناه لم ترتفعا لحظة فى وجوه المصلين ، فهو لا يريد صداما ، إقترب من إنهاء الختم ، ليحدث ما كان يتجنبه ، الرجل المسن الذى كان على وشك أن يعنفه قبل أن يدخل فى الصلاة قام من على مقعده وتحرك فى إتجاه المحراب ، أخذ يقترب منه شيئا فشيئا ، قلقه يزداد ، رفع عيناه فى عينا المسن ليحاول أن يفهمه لماذا فعل ما فعل ، لكن أتته المفاجأة ، فقد كانت الابتسامة تكسو وجه المسن بدلا من قسمات الغضب التى كان يتوقعها

- " فتح الله عليك يابني ، أرجو أن تسامحنا على ردة فعلنا قبل الصلاة ، ونرجو منك أن تقبل طلبنا فى أن تؤمنا فى كل الصلوات "

كلماته التى كان ينوى أن يقولها فى حالة الصدام لم تعد ذات قيمة ، وعقله من المفاجأة غير قادر على إيجاد الكلمات المناسبة لهذا الموقف ، فاستعان بإبتسامة الخجل ليفهم المسن ما يدور بقلبه ، سلم عليه وخرج مسرعا متوجها إلى بيته ، صلى لله ركعتي شكر على ما وفقه إليه ودعا الله

- اللهم إجعلنى أحسن مما يظنون واغفر لى مالا يعلمون

مرت الأيام ، أصبح كل من فى المنطقة يعرفه ، الطريف أنهم لا يعرفون من أين جاء ، ماذا يعمل ، حتى أن كثيرين لا يعرفون إسمه ،الآن أصبح ينادى بإسم جديد

" الشيخ "