السبت، 17 يوليو 2010

أقدار .. وبوارق أمل




طوال الفترة الماضية ، كنت فى عزلة تامة لا أفعل فيها شيئا سوى المذاكرة ، كنت أتابع الأخبار يوميا عن طريق الانترنت من هاتفى والذى كان وسيلتى الوحيدة لمعرفة ما يجرى .


يشاء القدر أن تكون تلك الفترة عامرة بالأحداث العملاقة :-



الهجوم على سفينة المساعدات التركية وتبعاته من خذلان هنا وعزة هناك ، دخول بعض القوافل إلى غزة ، إغتيال خالد سعيد ، المصادمة بين المحامين والقضاة و أشياء أخرى ...


توقيت هذه الأحداث كان يثير بنفسى ضيقا كبيرا ، فإحساس العجز يتملكنى ، وشعور بأنى مقيد بسلاسل الامتحانات والمذاكرة التى تمنعنى حتى من المشاركة بصوتى ضد الظلم والظالمين .



عاهدت نفسى أنى سأتخذ خطوات بمجرد انتهائى من الاختبارات ، لكن أتت " دورة التربية العسكرية " والتى سأكتب عنها بإذن الله فى وقت لاحق لتزيدنى إنشغالا وعجزا ، بل وتزيد الهم بكونها ليست إلا مضيعة للوقت والجهد ، المشكلة أنها إجبارية وغياب يوم يلغى الدورة بأكملها .


إنتهزت فرصة أن يوم الجمعة إجازة ، فعزمت على أن أنجز بعضا من مشاريعى المعلقة ، إتصلت بصديقى "جعفر" فى الاسكندرية ، وأخبرته بكونى متاحا يوم الجمعة ، واتفقنا أن نتقابل ، اتصل جعفر بى مساء الخميس وأخبرنى أن ألقاه فى مسجد " القائد إبراهيم " فى صلاة الجمعة .

بعد كثير من " بهدلة " المواصلات وطول السفر ، وصلت إلى المسجد ، صليت الجمعة فى الشارع لكثرة عدد المصلين ، ثم بعد أن انتهت الصلاة ، صليت أنا العصر جمعا وقصرا ، وأنا فى ركعتى الأولى ، شعرت بحركة غريبة ، ثم بصوت ينادى فى الناس :

- اليوم ذكرى الأربعين لإستشهاد خالد سعيد فادعوا له بالرحمة ، وإقرأوا له الفاتحة


قلت فى نفسى ، لعله رجل عادى يذكر الناس بخالد رحمه الله على أساس أننا فى الأسكندرية موطن الشهيد ، أنهيت الصلاة ، والتفت لأرى جموع غفيرة من الناس تتجمع من حولى ، فأدركت أن هناك أمر ما .


بعد قليل من الوقت ، عرفت أن هذا مظاهرة للجمعية الوطنية للتغيير فى إحياء ذكرى مرور أربعين يوما على إغتيال خالد.

وقفت أتابع الموقف ، وإذا بى على موعد مع رؤية كبار رموز المعارضة فى مصر ، لا تفصلنى عنهم سوى بضعة أمتار قليلة ، وكل منهم تكلم كلمة موجزة ، تدور فى مجملها عن محاربة الظلم ، والتصدى لتزوير الانتخابات ، والنضال الدستورى ، وعدم الخوف ، وعدم تصديق من يحاولون زرع الفتنة بين الاخوان والجمعية الوطنية للتغيير ، الرموز الذين رأيتهم :

- المستشار محمود الخضيرى

- د.حسن نافعة

- د.جورج إسحاق

- أبو العز الحريرى

- النائب مصطفى محمد مصطفى عن الاخوان المسلمين

- عم الشهيد خالد سعيد

وآخرون ...


أنا لست بصدد كتابة تقرير صحفى عن المظاهرة ، فالتقارير التفصيلية موجودة فى كل المواقع الاخبارية ، إنما أنا أتحدث عن نظرتى أنا لما رأيته :


- كنت مسرور جدا لرؤيتى فصائل أخرى غير الاخوان المسلمين تخرج فى جموع حاشدة لتعترض على الظالمين ، أنا فى حياتى كلها لا أرى إلى مظاهرات الاخوان ، لذا كان رؤية غيرهم يمثل لى بارقة أمل ، فأنا أؤمن تماما أن النهضة لن تقوم على فصيل واحد مهما بلغت قوته ، إنما على الاتحاد بين جميع من يهمهم أمر مصر .



- بالطبع لم تكن المظاهرة بالقوة ولا بالنظام الذى تعودت رؤيته فى مظاهرات الإخوان ، لكن هذا لا ينقص أبدا من قدرها ، فالاخوان جماعة تاريخية تعمل على الساحة منذ عشرات الأعوام ، بينما الفصائل التى رأيتها بالأمس مازالت فى بداية الطريق ، لذا فمن الظلم أصلا أن نعقد المقارنات ، مظاهرة الآمس مثلت بالنسبة لى أمل جديد أن التغيير قادم فى الغد القريب بإذن الله



- أكثر ما أثر فينا ، هو طفل صغير لا يتجاوز العشرة أعوام حمله أباه على كتفه ، ليستلم هذا الطفل زمام المظاهرة ويقود الهتاف بشجاعة وجرأة يحسد عليهما ، والجموع تردد من بعده ، هتف حوالى أربعة هتافات قوية ، فصفق له الجميع بعد ان انتهى ، ونزل جورج إسحاق من على المنصة وقبله ، مما دفع المسئول عن المظاهرة أن يقول أن أمثال هذا الطفل دليل واضح على أن مصر الطاهرة ستظل ممتدة لأجيال قادمة .


- أخيرا ، أجمل ما فى الأمر أنى لم أخطط له ، ولم يخطر على بالى أصلا أنى سأحضر شيئا مثل هذا ، لكنها تراتيب القدر ، وإختيارات الله عز وجل ، أعتقد أن كل ما فعلته هو أنى عزمت أن أكون صاحب دور فعال فى هذه الحياة ، فكانت تيسيرات الله ، سأسير فى حياتى بإذن الله بهذه الروح ، وأعلم يقينا أن الله سييسرنى إلى عظيم المنح ...


يبقى فى النهاية أن أسجل أنى على يقين شديد أن فجر حريتنا أوشك أن يطلع ، إقترب الفرج بإذن الله ، المهم أن أكون من أسباب طلوعه ...




هناك 5 تعليقات:

موجة يقول...

ربنا يوفقك في النتيجة باذن الله
خالص تحياتي
موجة

غير معرف يقول...

ربنا يكرمنا من عنده.بس اسكندرية مرة واحدة ياعبده دا انت عديت بقة؟
محمد خالد الديب

المتبهدلون في الأرض يقول...

بجد حاجة تشرف إن ده موقف من مواقف نادرة ناس تتحرك لغير دفاع عن غلاء أو انقطاع نت أو تظاهر مُؤجر لتأييد منافق
موقف لا خلاف عليه جمع كافة الإتجاهات على نفس الكلمة ..ربنا يرحم خالد
وأكيد كان هيكون فخور لو عرف إن ده هيحصل بتأثير منه ..
ربنا يهبل الظلمة
وسلملي على جعفر

Abd Al-Rahman يقول...

موجة
اللهم آمين ... شكرا لمرورك
**************
محمد
ياعم عديت ايه بس ؟! ده احنا لسة بنقول ياهادى
**************
مصطفى
اللهم آمين
اعتبر السلام ماوصلش
هههه

sara draz يقول...

اللهم اجعلنا سببا فى تقدم امتنا وصحوتها
سبحان مقدر الاقدار
فعلا ربنا بيعملنا حاجات من غير ما نخطط وبنلاقيها جميلة
...
وللاسف مصر بتمر بفترة صعبة
بس ده اكيد خير لانه بدأ يزود تفهم الشعب واستيعابه للوضع الحالى
وان شاء الله امتنا تعود لتكون صرحا شامخا
ويكون الدين عمادها ونحن مساندوها..^_^
وتحياتى اليك