الجمعة، 16 أكتوبر 2009

أعتقها




سألنى بإستغراب شديد عندما رأى فى يدى أوراق طلب الترشح فى انتخابات إتحاد الطلاب بالكلية
- هترشح نفسك فى اتحاد الطلبة ؟!! ، مانت عارف ان اسمك مش هيتقبل ، وان الاتحاد بيتعين كل سنة بالكوسة ولا انت غاوى توجع دماغك وخلاص ...

أكثر ما يؤلمنى هو أن نصل إلى درجة قبول الواقع ، وأن نجعل الأحداث تركب على ظهورنا فتوجهنا أينما تريد ، إذا تحدثت مع أى أحد الآن فى أي شيء يتعلق بالفساد أو بالظلم أو حتى فى تلاشى القيم ، ستجده يصدق على كلامك بل و سيزيدك من عنده براهين وأدلة على صدق كلامك وصفاء رؤيتك ، ثم تجده بكل بساطة يختم حديثه ب " ربنا يهدى " أو " يلا بقى يعنى احنا بإيدنا إيه نعمله "
- إتحاد الطلاب يتم كل عام بالكوسة ، حسنا سأذهب كل عام واتقدم للترشح ، ليس لأنى أريد المنصب وان كان هذا حقى البشرى ، إنما لكى احترم نفسى ، لكى أوجه لعقلى الباطن رسالة إيجابية تقول انى معترض قلبا وقالبا على مايحدث
**********************
- فى الأوتوبيس يكون الزحام شديدا والكل فيه يعمل بنظرية " احصل على كل ما تناله يدك " ، فتجد الشباب جالسين على المقاعد ، وكبار السن واقفون على أقدامهم ، وإذا سألت أحد الجالسين فسيجيبك بمنتهى المنطقية " ماهو شايف الاوتوبيس زحمة قبل ما يركب ، ماكان استنى اللى بعده " ، " ما الناس كلها قاعدة أهى ، يعنى هى جت عليا ؟!" ، " أنا والله كنت بقوم زمان بس بقيت بكسل "
ومبررات أخرى قد تبدو لك منطقية إلى حد كبير ، لكنها فى الحقيقة لا تخرج عن إطار قبول الواقع ، واقع أننا صرنا فى عصر التعاقد ، حيث تختفى فيه صفة التراحم ، فيصبح سلوك الناس فيه من منطلق المنفعة المادية المشتركة ، أما ان يكون التصرف على أساس الرحمة والتعاطف فهذا صار من الأثريات
- مهما كان الواقع ، ومهما كانت درجة تعبى ، ومهما كانت حالتى النفسية ، سأترك مقعدى إذا رأيت رجلا مسنا أو إمرأة تقف فى الاوتوبيس ، سأجلسها على مقعدى دون حتى أن أترك لنفسى فرصة التفكير فى القيام بذلك أو لا
**********************
- فى كليتى ستجد بعض الطلاب والمعيدين يتعاملون مع المرضى بأسلوب فيه الكثير من الإهانة لإنسانيتهم ، فهم ينظرون إلى المريض على أنه يعالج بصورة مجانية لذلك فليس من حقه الاعتراض ، ليس من حقه السؤال ، بل ليس من حقه التألم أحيانا ، وإذا سألت أحد هؤلاء سيقول لك " مانت شايف العدد الرهيب اللى بييجى كل يوم ، ماحنا برضه معذورين " أو " ياعم الناس اللى بتيجى هنا أصلا عالم مقرفة ومتعودين على الكلية ، فلو كلمته بأدب هيقرفك معاه " ، " يعنى أديك شايف الحال ، لا أدوات ولا مكان نضيف ، ولا حتى هوا نتنفسه ، عايزنى بعد كل ده أدادى فى العيانين "
أيضا قد يبدون أحيانا معذورين ، لكنى أرى عذرهم أنهم مساكين لا يقدرون على مواجهة الواقع و إيقافه
- مهما تكن سوء حالة الكلية ، فلن أتعامل مع مريضى أبدا على أنه أقل من إنسان
*********************
النماذج الثلاثة السابقة نقطة فى بحر النماذج التى تواجه كل واحد منا فى العمل ، البيت ، الشارع و المسجد ، إذا توقفت لحظة وراقبت تصرفات من حولك ، ستجدهم يفعلون أشياءا كثيرة لايحبونها ولا يقتنعون بها من الأساس ، لكنهم يفعلونها لأنهم ببساطة لم يتعودوا أن يتوقفوا ويقولوا لا ، لم يسأل أحدهم نفسه يوما ما أقصى شيء ممكن أن يصيبنى إذا رفضت أن أفعل هذا الشيء ...
قد تفقد بعض الامتيازات ، قد تخسر بعض النقود ، قد يكرهك بعض الناس ، قد تتعب بعض الوقت ، قد تشعر بأنك تحارب وحدك ، قد تشعر بالغربة فى مجتمع ألف الإنحناء
لكن ستكسب حريتك
وستكسب إحترام نفسك لك

**********************
أعتقها

هناك 6 تعليقات:

نصر حسان يقول...

حينما يوخز الجسد عشرات المرات في مكان واحد ، بعد فترة سيصبح عاجزا عن الشعور بالوخز ، بل قد ينتظره ، و يصبح مشتهيا للسعات و اللدغات .. إنها انتكاسة الفطرة يا صاحبي ..

سلمت يمينك ..
تحياتي

نصر حسان

mr_depo يقول...

كلامك كله صح .... بس تعمل ايه لما تشوف واحد كبير في الاتوبيس او ست كبيره وتقوملها وتلاقي جه واحد بمنتها البرود وراح قاعد مكانك ولما تقوله يقولك انت مش قومت خلاص وانا لقيته فاضي ... تقوله طب قعد الست يقولك بكل استهتار منا امي زمانها واقفه في اتوبيس تاني .... ابن محترم معلش باه ..... احنا في مجتمع رائع :D

Abd Al-Rahman يقول...

نصر حسان
تشبيهك صائب أخى
لكن فى وسط الظلام تخرج بعض مشاعل النور فتضىء ما حولها
ما أدعو إليه أن نكون نحن مشاعل النور وسط الظلام المألوف
*********
شكرا لإضافتك

Abd Al-Rahman يقول...

عمر
أعتقد انت عارف كويس أوى تعمل إيه مع اللى زى دول ....
بس براحة شوية عليه ، هههههههه
**********
أنا بتكلم هنا عن نفسى مش عن اللى غيرى هيعمله ، يكفى انك قمت بهدف انك تقعد الست الكبيرة ، ده فى حد ذاته مكسب
**********
ربنا يعينك

م/ الحسيني لزومي يقول...

انا اميل الي الترشح واستخدام الحق حتي لو كانت النتيجه معروفه مسبقا بالاستبعاد ...لانه عكس ذلك يوحي باننا نيأس

الفراغ يقول...

بارك الله فيك وفى امثالك
وبارك لوالدتك فيك
ياريت يكون فى كل 100 اتنين زيك
والله هايغيروا كتير
بس فعلا القابض على دينه كاقابض على جمر
مع ان الدين اجمل شيئ فى الدنيا
ويارب يارب يفضل عندك الامل والحماس لتحدى اوضاع سيئه كتير
وكمان قدره على تغيرهاللافضل
ربنا معاك