الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

السؤال المحيـِّر؟!



تقريبا انتهت الأجازة الصيفية ، انتهت بحلوها ومرها ، بنجاحاتها وإخفاقاتها ، بإيجابياتها وسلبياتها ، إلا أنها كانت بالنسبة لى أغرب اجازة مرت على حتى الآن ، شعور بالكآبة كان هو المسيطر على معظم أيامها ، صحيح أنه كانت هناك لحظات سعيدة لكن الغلبة كانت للكآبة ، طوال حياتى معروف أنى أعشق الخروج مع أصدقائى ، وأكره وبشدة الجلوس فى البيت ، لكن هذا الحال تغير تماما هذه الاجازة ، لم أخرج مع أصدقائى سوى خمس مرات كحد أقصى ، سؤال محير فرض نفسه وبقوة فأمضيت الأجازة أبحث عن الجواب ، السؤال هو ماسبب تلك الكآبة ؟ ، جمعت بعضا من الاسباب والتى من ضمنها هو انى كلما خرجت أجد وجوه الناس قد تغيرت عن سابق عهدى بها ، أكاد أقسم أن الجميع يحدثون أنفسهم وهم يمشون ، أشعر أن كل واحد منهم لديه من الهموم مايكفى أن تحملها أمة بأكملها لا فرد واحد ، نظرة واحدة منى لهم تزيد الشعور بالضيق داخلى ، الكل أيضا أصبح يمشى يتلفت حوله باحثا عن سبب للشجار ، صعود رجل مسن ببطأ الى الميكروباص أصبح سببا كافيا جدا للسائق لكى يسب ويلعن ، إصطدامك بكتف شخص أصبح سببا مقنعا جدا له لكى يسمعك وابلا من الصياح والصراخ والشتائم التى لن تفلح معها ولا ألف كلمة آسف كى يتوقف ، الكل أصبح قنابل موقوتة تمشى على رجلين .
وبعيدا عن الأشخاص ، البلدة نفسها أصبحت غريبة ، الشوراع فجأة وبلا مقدمات تحولت من طرق ممهدة الى طرق جبلية أو صخرية ، الصرف الصحى يغرق الشوارع وكانه نهر آخر وجد لينافس نهر النيل فى طوله وكمية مائه .... أسباب كلها تجعلك وبلا تردد تؤمن أن أفضل حل هو أن تجلس فى البيت .
قضيت الأجازة كلها أبحث عن الإجابات ، حتى أتى يوم الخميس الماضى ، حينها رأيت بعينى سر الكآبة متجسدا ، كنت فى طنطا ، أنهيت الكورس وذهبت الى الموقف ، لم أكن صليت العصر بعد ، فدخلت الى مسجد الموقف لأصلى قبل أن أسافر ، خرجت من المسجد فإذا بالناس مجتمعين ، وصوت جلبة شديدة لم أتبين فى البداية مصدرها إلى أن اقتربت من التجمع ، عسكرى ممسك بشاب بطريقة لا تجعله يتحرك إطلاقا ، وأمين شرطة يفتشه الى أن وجد فى بنطاله سكين ، الشاب واضح عليه أنه من بيئة شعبية حاله كحال معظم الشباب الذين يعملون فى الورش ، أعتقد أن جميع من يطلق عليهم "الصنايعية " يحملون معهم سلاح ما سواء كان مطواة أو موس أو سكين ، المهم أن أمين الشرطة قام بوضع القيود فى يده ، ثم إنهال على وجهه بصفعة يسمع صوتها من هو على بعد خمسين مترا وبلا مبالغة ، واطلق الشاب صرخة وأخذ فى التوسل لأمين الشرطة مخبرا إياه بأن يده مكسورة ، الا أن أمين الشرطة رد عليه " مش انت بتقولى موتنى أنا بقى هموتك " ، ثم إنهال عليه بصفعة أخرى أقوى من سابقتها ، واستمر فى ضربه حتى وصل عدد الصفعات الى أكثر من عشرين صفعة ، ثم ضربه بقدمه فى بطنه ، طبعا كل هذا والشاب يصرخ صراخا عنيفا ، والعسكرى الممسك به مبتسم إبتسامة متخلف عقلى فى مستشفى المجانين ، طبعا كل هذا يحدث وجموع من البشر تقف تشاهد ، ولا يوجد أى شخص من المشاهدين يعرف حتى الذنب الذى إقترفه هذا الشاب ، المهم بعد هذا الفصل الحيوانى من الضرب ، امسكوه من قفاه وأخذوه وانصرفوا ، ظننت انهم إصطحبوه الى المركز ، فانصرفت وركبت الميكروباص ، يشاء الله أن أجلس فى المقعد الخلفى ، نظرت من النافذة ، فإذا بأمين الشرطة هذا أخذ الشاب الى مكان خلف السيارات ، وكانت الرؤية واضحة جدا من المكان الذى كنت جالسا فيه ، واليك الصورة التى رأيتها ، الشاب جالس على رجليه ويده أمامه مكبلة بالقيود فى مظهر شديد الشبه بإخواننا فى فلسطين عندما يعتقلون ، وأمين الشرطة واقف وممسك بيده عصا سوداء و التى نراها دوما مع جنود الآمن المركزى ، ثم نزل بالعصا على عظام الشاب يشبعه ضربا اكاد أقسم أن كل ضربة منها تكسر معها عظمة أو ضلعا ، والشاب يتلوى ويصرخ كمن يسرى فى جسده تيار كهربائى ، كل هذا يحدث على مرأى ومسمع من الناس ، وكانها رسالة الى الجميع ، مفادها أنهم لا يهمهم أحد ، أنظروا إلينا نوشك أن نقتل مواطنا أمامكم ، أخرجت الموبايل فى محاولة منى لتصوير مايحدث الا ان الله لم يقدر هذا فقد انطلقت بنا السيارة ، فلم أفلح فى التصوير.
قضيت الأجازة كلها أبحث عن إجابة لسؤالى المحير ماسبب كآبتى هذه ؟ الا أننى بعد هذا الموقف إكتشفت أننى طوال الوقت كنت أبحث عن إجابات للسؤال الخاطئ ، السؤال المحير الحقيقى هو
كيف لأى مواطن مصرى ألا يكون مكتئبا ؟!
ألا لعنة الله على الظالمين

هناك 10 تعليقات:

غير معرف يقول...

السلام عليكم اه لو ماما شافت اللي انت كاتبه دة كانت هتولع في وفيك.
المهم انا لم يهمني من كل الحكاية اللي حكيتها الا حاجة واحدة بس عرفتني ايه سبب الكآبة عارف هية ايه؟ ان كل الناس واقفة بتتفرج ومحدش حاول يتدخل(حتى انت ودة ضايقني جدا)او حتى يسأل امين الشرطة هوة دة ماله عمل ايه.
انت عارف لو واحد بس كان اتكلم كان التاني اتكلم والباقي كلهم كانوا اتكلمواوكان ممكن يخدوا حق المظلوم لكن للأسف بيتعمل فينا البدع ومع ذلك بنكبت جوة نفسنا ومبنعبرش عن اللي جوانا حتى واحنا مظلومين مع وجود سيل من التبريرات الواهية زي خليك جوة الحيط يا بني، داري على شمعتك تئيدوالكلام السلبي السخيف.
انت عارف يا عبد لو انت كنت اتدخلت بشكل ايجابي وبكل ذوق وبكل ادب كنت هتبقى اسعد الناس. انا متأكد لاني جربت.

غير معرف يقول...

محمد بيه بيتكلم كده لانه بايعها يا عم ده عليهم قلم تاخده احلي من ازازه بيره وبيقولك جربت يا عم ده مسجل خطر سيبك منه انت يا عبده وتعالي للذيذ لان اللذيذ بيقعد مع اللذيذ.. الموهم ان احنا لو مفيش كده في البلد الناس مش هتاخد حسنات وهما دول الي بيعودونا الصبر والحركات دي وهنعمل ايه غير الدعاء وكمان في دعاء حلو اوي بيقول اللهم احيل الظالمين علي الظالمين واخرجنا من بين ايديهم سالمين.... ورمضان مبارك وكريم

آخر العنقود يقول...

فعلا هوه سؤال محير يادكتور؟؟
وصدقنى مش انت لوحدك اللى بتدوي له على اجابة
نفس واغلب الاحاسيس اللى انت بتشوفها على وجوه الناس هيا اللى بشوفها وبقولها لكل اللى حواليا
لكن مش بسمع غير هيا دى الدنيا وبلاش تتشائمي كده
مع انى عمرى ما بتشائم ولا احب ابدا التشاؤم
لكن ده ده مش اكتر من وصف للحال اللى الناس بقت فيه
يااااااااااااا
ربنا يهون علينا ويصبرنا اخى الكريم
وحسبنا الله ونعم الوكيل

ام يحيي يقول...

لا تحزني من منظر السحب لتي
أخفت كواكبنا عن الانظار

سترين تلك السحب نفض ثوبها
يوما بما نرجو من الامطار

لا تيأسي من أمة في روحها
مازال يجري منهج المختار

هذه الابيات قيلت لغزة .. يمكننا ان نقولها لمصر أيضا

فرج الله همك

Abd Al-Rahman يقول...

محمد
اولا أنا مش فاهم الكلام اللى أنا كاتبه ممكن يضيق ماما فى إيه ؟! بس ماعلينا .
بالنسبة لنقطة السلبية ، فأنا فعلا عمرى فى حياتى ماكنت بالسلبية اللى أنا فيها دلوقتى ، بس مش زى مانت قلت ان السلبية هى سبب الكآبة ، العكس ، الكآبى هى سبب السلبية اللى بقت عندى .
بس أعتقد انها مرحلة وهتعدى وهفوق منها قريب اوى ان شاء الله ، انا عندى إيمان بأنى هاستعيد حالت النفسية قريب بإذن الله .
تحياتى

Abd Al-Rahman يقول...

اللذيذ عمر
مسجل خطر وسوابق ، انت متاكد انك بتتكلم عن أخوك ؟!.
وبعدين حلوة أوى نظرتك للأمور ، هو احنا تخلفنا من شوية .ههههههه
سلاماتى

Abd Al-Rahman يقول...

أ.أمانى
إحساس حضرتك هو الطبيعى دلوقتى ، وبجد اليومين دول حسيت أوى بعبارة " المجانين فى نعيم " فعلا مصر محتاجة مجنون عشان يعيش فيها .
ربنا يفرج كربك أختى
وان شاء الله الفجر سيطلع غدا
رمضان كريم

Abd Al-Rahman يقول...

أم يحيى
جميل كلماتك التى من المفترض أنها تبث روح الأمل فى النفوس المكتأبة .
لكنى أصبحت أؤمن أننا نحتاج أكثر من الكلام لنتغير .
تحياتى أختاه

Mero.. يقول...

عزيزي عبد الرحمن..
قرأت التدوينة قبل كدا..
أنا أختلف معك يا عزيزي في الموضوع جملة وتفصيلا..
مش هقول بص لنص الكوباية المليان ولا تفاءل ولا في حلو زي مافي وحش..
لكن أعتقد إن المتوقع ان الحياة تبقى مليانة مصايب زي دي..وعلى رأي علي بن أبي طالب "شيء كنا نتوقعه فلما حدث لم نكرهه"
التأثر بالحاجات دي اعتقد راجع لنظرة الشخص..
بشكل عام اعتقد ان الانسان في حياته محتاج يتبهدل شوية ويشوف الدنيا اكتر..عشان بعد كدا خبراته تديله مجال اوسع واكثر شمولا للامور..للواقعية.. للاضرار..
مش عارف اذا كنت وصلت وجهة نظري..
لكن اتمنى انك تغير نظرتك من غير ما تتعب في الحياة اكتر وان كان صعب..انا عارف انك تعبت في حاجات معينة..لكن نظل بحاجة الى قليل من "المرمطة" واسف على التعبير..

Abd Al-Rahman يقول...

صديقى ميرو
كلامك صحيح ، ولا أرى تعارض بينه وبين ماتحدثت عنه . أنا أؤمن أنه لا بد من أن نتعب لكى نتعلم ، لكن هذا لا ينفى أننا نتضايق عندما نمر بموقف سيئ أو ظلم بين ، المهم الا تؤثر مشاعرنا على أعمالنا فى اليحاة ، فنترك للكآبة أن تمنعنا من محاولة التغيير ، هذا هو الخطأ.
شكرا لإبدائك وجهة نظرك
تحياتى