الجمعة، 10 أبريل 2009

الأيتام ... واللئام


كان يوما غير عاديا بالمرة ، بعد أن أديت صلاة الجمعة ذهبت إلى النادى ، فاليوم تقام إحتفالية " يوم اليتيم " والمفترض أننى من منظمى الحفل ، توجهت إلى مكان الحفل ، كنت متأخرا قليلا ، لذا فلم أستغرب حين رأيت المكان مكتظ بالبشر ، سلمت على أصدقائى ممن أتوا ليشاركونا الثواب ، وبدأنا فى التنظيم ، وزعنا المهام على بعضنا ، كلفت أنا بمسئولية المسرح ، كان مطلوبا منى أن أحافظ على خلو المسرح من غير أصحاب الفقرات ، بدأ البرنامج وبدأت فقرات الحفل و جرى كل شيئ كما خططنا ، كان الجميع مستمتعين ، بالطبع لم نكن نحن كذلك ، فالمحافظة على النظام فى وجود الكثير من الأطفال ليس إلا ضربا من الجنون ، على الأقل برأيى أنا ، مرت حوالى نصف الساعة ، والأمور على مايرام ، صعد مجموعة من الشباب على المسرح ، مظهرهم يوحى بأنهم من مثيرى المشاكل ، ملبسهم ، هيئتهم ، بنيتهم و طريقتهم فى التعامل مع بعضهم ، باختصار شباب من طراز " بلية " صبى الورشة ، ذهبت إليهم وتحدثت معهم بأدب " من فضلك ، انزل من على المسرح ، ممنوع الوقوف هنا " ، بدأوا يردون ، ويتظارفون ، فاستخدمت لهجة أكثر حزما ، المهم أنهم فى النهاية نزلوا من على المسرح ، أو هكذا ظننت أنا ، فما لم أنتبه إليه أنهم نزلوا وتوجهوا الى الجهة الأخرى بعيدا عن ناظرى .
واقف ٌ فى أمان الله ، احاول الاستمتاع بفقرات الحفل ، أحاول أن أصفى عقلى من كل مايشغله ، فأنا أريده يوما شاحنا ، والشحن لن يأتى إلا بالفصل مما يشغلنى طوال الأسبوع ، أقف بمنتهى الاستمتاع ، وإذا فجأة .....
كأننا فى ساحة الأقصى المبارك لحظة إندلاع الانتفاضة ، كل ما استوعبته هو أن صديقى وأخى فضل – وهو أيضا من منظمى الحفل - ملقى تحت قدمى ، وثلاث بغال يرقدون فوقه يوسعونه ضربا جنونيا ، وسرعان ما أصبح مسرح الحفل مسرحا للجريمة ، لم يعمل عقلى سريعا كعهدى به ، لحظات من الذهول ، خالد أخو فضل عندما رأى أخيه يضرب دخل كالمجنون وانهال ضربا على أصدقاء من يشاركون فى ضرب أخيه ...
لحظات مروا كأعوام ، كانت حوالى خمس ثوانى ، أخذت فيها قرارى ، تواردت فى عقلى أسئلة عدة ، أجبت عنها بانتهاء الخمس ثوانى ، ماذا ستفعل ؟! دخولك فى الشجار خطر جدا عليك فالشريحة فى يدك لن تحتمل ضربة ولو خفيفة ؟! كيف ستضربهم ؟! انك لم تتشاجر فى حياتك سوى مرة أو مرتين ، حتى أنه لم يكن شجارا ؟!! أسئلة وأسئلة ، وكان الجواب ...
ألقيت بنفسى وسط المعركة ، يا الله ، شكرا ربى على الأدرينالين ... ههههه ، حتى هذه اللحظة لا اعلم ما الذى كان يحدث ، كنت أَضرب بكل ما أوتيت بقوة ، وكان أيضا الضرب ينهال على من كل حدب وصوب ، انتبهت الى أنه بمجرد بداية العراك ، أدخل كل بغل منهم يده فى فمه وأخرج " موسا " ، وخلعوا الأحزمة ، وكسروا زجاجات المياه الغازية وبدأوا يضربونا بكل تلك الأسلحة ، كل دقيقة تمر كانوا يتكاثرون ، وكنا أيضا نتكاثر ، أتى أمن النادى ، وأتى كبار الزوار محاولين تهدئة الكارثة لكن بلا جدوى ، فالبغال كانوا يريدونها حربا ، تخيل أنت معى ، بلية ورفاقه ، يتشاجرون مع مجموعة من الأطباء والمهندسين ، حسنا أرجوك احتفظ بالجواب لنفسك ، ههههههه ..
حاولت أن أهدئ من وطأة المعركة ، فصحت بأعلى صوتى فى الجموع ، لكن هيهات هيهات ، كما قلت لكم ، البغال أرادوها حربا ، وضح لى أنهم أتوا لإفساد الحفل ، حتى الآن لم أعلم ماسبب اندلاع هذه المعركة ، حاولنا ننهيها حتى لا يسقط ضحايا ، وفعلا كان هناك ضحايا على وشك السقوط ... كلما أنهينا الشجار ، أتى البغال ليعيدوه من جديد ، حاولنا أن نبعد فضل وخالد حتى لا تحدث مصيبة ، وصل أصدقاؤنا الكبار ، أحدهما صيدلى والآخر محامى ، دخلوا ليفضوا النزاع ، فانهال البغال عليهم أيضا ، كانوا مبرمجين ...
هدأ الضرب قليلا ، لكن سب الدين والألفاظ النابية لنا لم تهدأ ، كنا نضرب عندما يضربون أما ماذا سنفعل أمام الشتائم ، تجمع أصدقاؤنا الكبار ، وأصدقاء أبائنا ، واتخذنا القرار ، لا بد أن نربيهم ، لا بد وأن يتعلموا الدرس بالصورة القاسية ، هاتف للشرطة ، أرسلوا على إثره ظابط وبعض المخبرين ، كان البغال قد انصرفوا منتظرينا بالخارج حتى يكملوا ما بدأوه ، لكن أحدهم ظل واقفا بالداخل يراقب ما يحدث ، كان من أكثر من تعدى سواء بالضرب أو الشتائم ، أتى الظابط ، سألنا أين هم ؟! ، أخذناه الى البغل الواقف ، سأله عن البطاقة ، أمر المخبر بأن يقبض عليه ..
فى قسم الشرطة كان الوضع مختلفا ، لم أصعد معهم ، فالكثرة لن تفيد ، يكفى خالد وفضل لعمل المحضر ، وخصوصا أنهم أكثرنا تضررا ، بمجرد دخول الجميع الى المباحث ، رجع الفأر المستأسد لفأريته من جديد ، حاول أن يتهمنا بالتعدى عليه ، لكن يد المخبر أخرسته ، فالمشهد لا يحتمل التأويل ، مهندس يقف بملابس ممزقة و بلية يتهمه بأنه هو من ضربه ، كما أن نتيجة المعركة التى طلبت من سيادتك أن تحتفظ بها لنفسك ، كانت واضحة علينا ...
بدأ بقية البغال يتوافدون على القسم ، يستطلعون ما يحدث ، فهم لم يتوقعوا أبدا أن يصل الأمر الى هذه الدرجة ، هم تربية شوارع لا يؤمنون الا بمنطق القوة الغاشمة ، لا يعرفون شيئا اسمه القانون ، لم يحتكوا قبل ذلك بأحد يفكر على ما أعتقد ، وسبحان مغير الأحوال ، هؤلاء الذين كانوا مصرين على سحقنا ، عندما شاهدونا نخرج من القسم نبحث عنهم ، انطلقوا فارين فى أرجاء الشوارع ، وكأننا نمسك لهم مدافع نريد أن نرديهم بها ..
هيييييييييييه ، انتهى الموضوع ، ببعض الخسائر ، فقد أصابتنى بعض الضربات فى يدى التى بها الشريحة ، بعض الآلام بيدى ، لكن سأكون بخير بإذن الله ...
قدر الله وما شاء فعل ، أصبحت اليوم أكثر إيمانا بأن القوة لا تحتاج الا للقوة ، وأن الاحترام لا يجوز فى بعض المواقف ، أصبحت أؤمن بأن هناك أناس الحوار معهم باللسان لا يجوز ، أصبحت أؤمن بأننا سنحتاج الى الكثير من التضحيات إذا أردنا أن نغير هذا الشعب ...
أحمد الله عز وجل أن ثبتنا ، وأن أعاننا ، وأسأله أن يتقبل منا ، وأن يشفى كل من أصيب فى هذه المشاجرة اللعينة ...
وصدقا أحتاج لأن أعرف ، لماذا يأتى مجموعة بلطجية الى حفل " يوم اليتيم " .
إذا عرفت الجواب ، أيضا ارجوك احتفظ به لنفسك ، هههههه ، فأنا أعلمه مسبقا .
عافاكم ربى من كل سوء ..

هناك 8 تعليقات:

عايز أتعلم يقول...

هحجز وارجعلك بعد الفطار

جهاد خالد يقول...

لا أجد إلا

الحمدلله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا

وحمدالله على نجاتكم سالمين

...

الحديث عن (البلطجية) أثار في نفسي أفكارا عميقة جدا
كنت أود أن أسطرها هنا
لكن الكلمات لا تسعفني
لذا سأرجئ هذا لوقت آخر
:)

شكر الله وجزاك خيرا
وألهمك الرشد

رابطة مدونون من اجل فلسطين يقول...

تتشرف كلا من رابطة مدونون من أجل فلسطين

والمبادرة النسائية لنصرة فلسطين بالاسكندرية

بدعوتكم لحضور المهرجان التضامنى مع ايتام غزة

وذلك يوم الجمعة القادم 17/4 بنادى المحامين بجليم بالاسكندرية

فى تمام الساعه 3.30
الاستفسار عن أي شئ يرجئ مراسلتنا على الايميل
bloggersforpalestine@yahoo.com
الامين العام للرابطة

الشهيد يقول...

احبائى الكرام:
ان للشهيد فضل علينا فقد ضحى بنفسه من اجل تحرير ارض سنسئل عنها جميعا يوم القيامه لما تركناها مع اليهود ارجوك لا تنسى هؤلاء من يضحو من اجلنا فاليوم 17 ابريل وهو يوم الشهيد العالمى لا تنسى هذا اليوم وتذكره انت وكل من تحب ولا تنسو الدعاء للشهداء بالرحمة وان يتقبلهم الله فى الشهداء


فإياكم من اليأس والإحباط فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

وأبشروا أيها المجاهدون على أرض فلسطين، فدماء جرحاكم وشهدائكم لن تذهب سدى، ووالله إن النصر لكم والمستقبل لكم وللمجاهدين في كل أنحاء الدنيا والخزي والعار للمتآمرين والمتواطئين.



شاركونا يومنا بكتاباتكم وشعركم وقصص الشهداء لديكم على مدونتنا يوم الشهيد وعلى مدوناتكم لنكون قد نجحنا فى تبيين فضل من اريقت دمائهم لنحيافى عز وكرامة


elshaheid@hotmail.com



تحياتى:الشهيد

Abd Al-Rahman يقول...

عايز أتعلم
إيه يا عم خليفة ، كل ده بتفطر ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ههههههههه ، ربنا ينتعك بالسلامة
*********
النجمة الصامدة
عافاكى ربى من كل سوء ، انتظر استفاضة رأيك حول الموضوع
دمتى آمنة مطمئنة
**********

ام يحيي يقول...

ايوه يعني هم ايه اللي جابهم يوم اليتيم؟؟

انا فكرت ومش عارفة الاجابة ..هو كان في انتخابات في النادي ولا حاجة ؟!!


عافاكم الله

Abd Al-Rahman يقول...

أم يحيى
هم أتوا ، لأننا نحن من نقيم هذا الحفل ....

IMS يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أسعدتني ياأخي :
-لما انضممت لاصحابك دفاعا عن انفسهم !
- ولما اشتيكيت للشرطة ولم تجبن او - تفوتها باعتبار ان الشكوى مش هتفرق بعد الضرب- !
طبعا كنت اتمنى اكون موجود ..عشان اخد شوية ثواب :)
---------------
كومينت الشهيد = !!!

---------------
في رعاية الله :)