برنامج شهير جدا اسمه " لحظة الحقيقة " "the moment of truth " ، شاهدت حلقة منه قريبا ، فجال فى عقلى خواطر كثيرة أردت أن أشاطركم إياها .
بداية لمن لا يعرف البرنامج ، فسأعطيك فكرة مختصرة عنه ، هذا البرنامج فكرته مبنية على كشف الاسرار الخاصة جدا ، فالمتسابق أو الضيف يخضع لجهاز كشف الكذب قبل الحلقة ، ويتم سؤاله خمسين سؤالا يجاوب عليها بالنفى أو بالاثبات ، ويتم إختيار عشرين سؤالا فقط فى الحلقة ، يجيب عنهم المتسابق مرة أخرى بحيث أنه إذا شعر بأنه أخطأ فى أحد الاجابات عند إختبار كشف الكذب ، فبإمكانه تغيير الاجابة فى الحلقة وتحتسب له أنها إجابة صحيحة . ويحضر مع الضيف أقرب الناس اليه سواء عائلته أو أصدقائه . وهناك سؤال من ضمن الأسئلة يسأله شخص من خارج الحلقة عادة مايكون بينه وبين المتسابق خلاف أو مشاكل . جائزة البرنامج 500,000 دولار أمريكى لمن يجيب على كل الأسئلة .
حقيقة شكل لى هذا البرنامج صدمة شديدة، وانا واثق من أنه سيشكل صدمة لكل من سيشاهده ، ويكفيه حتى الآن أنه خرب بيوتا كثيرا بسبب شدة خصوصية الاسئلة والاسرار التى تفضح ، وأنا لا أستطيع أن أجد سببا مقنعا يجعل هؤلاء الأشخاص يكشفون عن هذه الأسرار الدفينة ، لان فى رأيى أن سرا واحدا من الاسرار التى يكشف عنها لا تعوضه كنوز الارض بأكملها ، وملايين الدولارات لن تعوض عائلة تشتت شملها بسبب سر قرر صاحبه أن يكشف عنه أمام العالم كله من أجل حفنة من الدولارات .
صدمنى أيضا كم النفاق الهائل الذى رأيته من أقارب المتسابقين ، فبعد أن يتم الكشف عن سر خطير كفيل بأن يدمر هذا الشخص وأقربائه ، وإذا بى أجدهم يبتسمون ويصفقون له لانه إجتاز هذا السؤال بنجاح ، ثم أفاجئ بعد ذلك بأخبار انفصالهم فى برامج الاخبار العالمية .
من الأشياء أيضا التى أثارت إشمئزازى ، هى أن معظم الاسرار التى يتم الكشف عنها ، أسرار جنسية وخيانات زوجية , وكان هؤلاء البشر قد تحولوا إلى حيوانات لا هم لهم إلا إشباع شهواتهم ، حتى أصبح الأزواج لا يثقون بزوجاتهم ، والزوجات لا يثقن بأزواجهن ، وتجد أن أحدهم يشك بأن زوجته أقامت علاقة مع أخيه ، أو إن إحداهن تشك بأن زوجها أقام علاقة مع أختها ، كل هذا يتم الكشف عنه فى هذا البرنامج ، ولم أشعر بنفسى إلا وأنا أقول " الحمد لله على نعمة الإسلام "
ثم سألت نفسى بعد كل هذا ، إذا كان الرنامج بهذا السوء فكيف يه يحقق هذه الشعبية الكاسحة ، والإجابة هى أننا بطبيعتنا نحب معرفة أسرار غيرنا ونشعر بالمتعة عندما نراه فى هذا الموقف العصيب الذى يكون فيه مضطرا إلى - كما يقولون - نشر غسيله القذر ، ولان الانسان بطبيعته يحب أن يرى غيره فى المواقف التى لا يحب أن يوضع هو نفسه فيها ، وهذا سبب شعبية المصارعة الحرة أيضا ، فالناس يحبون أن يروا بشرا أمامهم كالحيوانات ، يتقاتلون ، ويضربون ويقومون ببعض الحركات الجنونية التى كلما زادت خطورتها ، كلما زادت معها صرخات المشجعين ومتعتهم ، لأنهم يحبون أن يروا أناسا يقومون باشياء لا يرغبون هم فى أن يفعلوها بأنفسهم .
فى نهاية حديثى ، فإن ما دفعنى إلى الحديث عن هذا البرنامج هو أننى شاهدت إعلانا قريبا يشير الى انه جارى التحضير الآن الى النسخة العربية من هذا البرنامج وانه من يرغب الاشتراك عليه الاتصال ببعض الهواتف المعلنة . وأنا من هنا من مدونتى المتواضعة ، أرسل صرخة إستغاثة الى القائمين على هذه البرامج ، أرجوكم كفوا عن خراب بيوتنا ، كفوا عن التفريق بين الأزواج ، كفوا عن تشتيت العائلات ، و لاتكونوا اعوان إبليس فى الأرض . أرجوكم فمجتمعاتنا العربية لن تحتمل هذه النوعية من البرامج , أرجوكم ، فنحن لا نريد ضعفا على ضعفنا ولا ذلة على ذلتنا .
هذى صرختى فهل من مجيب ؟!!!!!
أتمنى .....