الاثنين، 29 ديسمبر 2008

ياليتها

ما الذى سأكتبه هنا لم يكتبه غيرى ...
ما الجديد الذى سأضيفه عندما أتكلم عما يحدث ...
لا شيء على الإطلاق ...
يكفينا كلاما ...
يكفينا مهاترات ...
فنحن اليوم دخلنا التاريخ من أوسع أبوابه ...
دخلناه من باب الذل والخذلان ...
دخلناه وليتنا ما دخلناه ...
أبو الغيط وزير خارجية مصر يقول بملء فمه تعليقا على إستشهاد أكثر من 340 فلسطينيا وجرح أكثر من 1500
******************************
" لقد حذرنا حماس "
******************************
وزير خارجية بلدنا العربية المسلمة أصبح المتحدث الرسمى بإسم إسرائيل ...
تباً لك ولمن وافقك ...
تباً لك ولمن أيدك ...
تبا ًلك ولمن عَيَّنك ...
تباً لك أبد الدهر ...
ألا لعنة الله على الظالمين ...
ألا لعنة الله على الظالمين ...
ألا لعنة الله على الظالمين ...
يااااااا ليت أمى لم تلدنى ...



الأحد، 21 ديسمبر 2008

أسود صنعت التاريخ ...والتاريخ يعيد نفسه

عُرف بجبروته وسطوته وديكتاتوريته ، حتى أصبح مجرد سماع إسمه نوعا من أنواع التعذيب النفسى لخصومه أولأى شخص من عامة الشعب ، لا يجرؤ أحدٌ مهما كان على الوقوف فى وجهه أو الإعتراض على كلمته ، الكل يعلم أن مصير المعترض إما إعتقال أو تعذيب أو قتل أو الثلاثة جميعهم ...
فى يوم من الأيام أصدر قرارا جمهوريا بأن على عامة الشعب أن يخرجوا جميعا الى مدينة واسط ليشاهدوا القصر المهيب الذى بناه له رجاله ، وعلى كل من يشاهد القصر أن يدعوا له بالبركة ...
فى وسط هذا الظلم المتجبر والديكتاتورية المطلقة ، خرج مع الجموع المحتشدة الى رؤية القصر رجلٌ ليس كباقى البشر ،
يمشى بخطوات واثقة ...
قلب مطمئن ...
لسان لا يتوقف عن ذكر ربه ...
نفس مؤمنة بأن لكل أجل كتاب ...
ويقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ...
استغل فرصة إحتشاد هذا الجمع المهيب من البشر ليشاهدوا قصر هذا الجبروت ، شاهدهم وهم مبهورون بهذه الزينة الزائلة ، الكل مدهوش بعظمة البناء ، وروعة التصميم ، الكل مبهور بهذه التحفة المتفردة ...
فى هذه اللحظة الدنيوية ، خرج صوت الحق منه يعلو محاولا به أن يوقظ تلك النفوس الغافلة ، وأن يذكرهم بزوال هذه العظمة عاجلا أو آجلا ، خرجت الكلمات منه منتقاة مصطفاة :
" لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين ، فوجدنا أن فرعون شيد أعظم مما شيد ، وبنى أعلم مما بنى ، ثم أهلك الله فرعون وأتى على ما بنى وشيد . ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه ، وأن أهل الأرض قد غروه "
ظلت الكلمات تخرج من فمه النورانى تباعا ، والناس مدهوشون بأن هناك رجل على وجه البسيطة يستطيع أن يتكلم عن الحجاج هكذا ، أشفق عليه أحد السامعين ، نصحه بأن لا يتحدث فى السياسة ، نصحه بان يمشى بجوار الحائط ، نصحه بأن يسكت ليستطيع أن يربى أولاده ، قال له " حسبك يا أبا سعيد ... حسبك " ... فكان رد أبى سعيد عليه واضحا بلا غموض ، صارما بلا تنازلات " لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس و لا يكتمونه " ...
وصل الأمر الى رئيس الجمهورية - الحجاج بن يوسف الثقفى – فدخل فى اليوم التالى الى مجلسه ، الحاشية مرتعبين ، وأهل النفاق توشك قلوبهم أن تتوقف خوفا ، نظر اليهم و وجهه يكاد يتفجر غيظا ، صاح فيهم " تبا لكم وسحقا ... يقوم عبد ٌ من عبيد أهل "البصرة " ويقول فينا ما شاء الله أن يقول ، ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه !! والله لأسقينكم من دمه يا معشر الجبناء " ثم أمر بالسيف والنطع - وهو قطعة من الجلد توضع تحت المحكوم عليه بقطع الرأس حتى لا يتناثر دمه على الأرض – ثم أمر بالسياف فحضر ...
وكالعادة أرسل الى أبى سعيد بعضا من زوار الليل لينتزعوه من بين أهله ، واتجهت جيوش الأمن المركزى الحجاجى الى بيت أبى سعيد ، وأحضروه الى الحجاج ...
تخيل أنت صورة هذا الموقف ، الحجاج يجلس على عرشه ، حاشيته يحاوطونه ، والسياف واقف متأهب لتنفيذ حكم الإعدام ، الدولة بكل قوتها تقف ضد رجل واحد ، مكبل بالأغلال ، مجرد من كل وسائل القوة ، بالحسابات المادية البحتة ، الحجاج فى موقف القوى العزيز ، وأبو سعيد فى موقف الضعيف الذليل ، وبالحسابات المادية أيضا ، هناك احتمالان لا ثالث له ، إما أن يعتذر أبا سعيد من الحجاج ، ويكتب له وثيقة تأييد يبايعه فيها ويعاهده على ألا يعود لمثلها أبدا ، وإما أن تطير رقبته فى ثوان معدودات ...
لكن الرجل الذى لا يخشى فى الله لومة لائم ، لا يعترف بهذه الحسابات العقيمة ، فهو فى واد آخر ، حيث معية الله عز وجل ، وحيث السكينة التى لا تعطى للخوف فرصة ليتسلل بها لقلبه ..
دخل على الحجاج ، فإذا الأبصار تتجه كلها صوبه ، والقلوب فجأة تصيبها رهبة بمجرد رؤية هذا الرجل الربانى ..
وقع بصر أبى سعيد على السيف والنطع والجلاد ، فحرك شفتيه متمتما ببعض الكلمات ، ثم اقبل على الحجاج وعليه جلال المؤمن وعزة المسلم ، ووقار الداعية الى الله ، فلما رآه الحجاج على حاله هذه هابه أشد الهيبة ، وقال له :" هاهنا يا أبا سعيد .. هاهنا .. ثم ما زال يوسع له ويقول هاهنا .. والناس ينظرون إليه فى دهشة واستغراب حتى أجلسه علي فراشه " **

ثم التفت الحجاج اليه ، وجعل يسأله عن بعض أمور الدين والحجاج يرد عليه بمنتهى الثبات والثقة ، كان يرد عليه بعلم فياض ، وبيان يضاهي به فحول اللغة ..
فقال له الحجاج : " أنت سيد العلماء يا أبا سعيد " ثم دعا بغالية وهى نوع من الطيب ، وطيب بها لحيته وودعه .
ولما خرج أبو سعيد من عنده تبعه حاجب الحجاج وسأله : " يا أبا سعيد لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك ، وإنى رأيتك عندما أقبلت ورأيت السيف والنطع ، قد حركت شفتيك ، فماذا قلت ؟!"
قال : " لقد قلت : ياولى نعمتى وملاذى عند كربتى إجعل نقمته بردا وسلاما على ّ كما جعلتها بردا وسلاما على إبراهيم " ...
التاريخ يعيد نفسه مرات عديدة ، تختلف كل مرة عن سابقتها ولاحقتها فى الأشخاص و المكان فقط ، وأنا ما كتبت هذه القصة الا لأقرأها أنا قبل أن تقرؤها أنتم ، فإنما نتعلم من هؤلاء النجوم الساطعة ، كيف تكون نفسية كل من يصطفيه ربه ليجعله من أوليائه ، كتبت هذه القصة فى هذا الوقت بالذات لأنى فى أمس الحاجة اليها الآن قبل أى وقت مضى ...
أبو سعيد هو "سيدنا الحسن البصرى " رضى الله عنه وأرضاه ..
صدق مسلمة بن عبد الملك عندما قال : "كيف يضل قوم فيهم مثل الحسن البصرى ؟!"
سيدنا الحسن البصرى أسدٌ فى قافلة الأسود التى صنعت التاريخ ..
أسال الله عز وجل أن يوفقنا لأن نسير على دربه وأن نحذو حذوه ... اللهم آمين
***************************
** مقطع مقتبس من كتاب فى رحاب الاسلام



الجمعة، 5 ديسمبر 2008

حـَّلـَّـة الضغط ... قصة قصيرة



وقـَفـَتْ فى المطبخ تـُعدّ طعام الغذاء ، وضعت حلـّة الضغط على النار تاركة ًالطعام ينضج ، وقفت تقطع بعضا من الخضروات ، سالت من عينيها دمعة حاولت كثيرا أن تمنعها من الخروج ، شعور بالوحدة يسيطر عليها ، وإحساسٌ بالقهر يتملكها ، استرجعت شريط أحداث اليوم الذى هو تكرارٌ لكل يوم ،تستيقظ مبكرا ، تقوم بإعداد الفطور لزوجها وأولادها ، يذهب أولادها إلى مدارسهم ، فتجلس هى مع زوجها ، تعاتبه على تقصيره فى حقها عليه وفى إنشغاله الدائم عنها ، ثم تنفعل عليه شاكية ًهمَّها ، وأنها ملت الحياة معه بهذه الطريقة ، يحاول هو أن يهدئها ، ويخبرها أن انشغاله هذا إنما ليوفر لها ولأولادهما حياة كريمة ، يعتب عليها كثرة تذمرها وشكواها ، ترد عليه ردا قاسيا يكون سببا فى اندلاع ثورة غضبه وخروجه من البيت منفعلا .
أبدلت شريط أحداث اليوم بشريط أحداث بداية زواجها به ، كانت تعشقه بجنون ، وكان يبادلها عشقا مضاعفا ، كل من يشاهدهما معا ، يقسم أنهما خلقا لبعضهما ، تذكرت قصائد الشعر التى كان يكتبها فيها ، تذكرت لمسة الحنان فى كفه عندما كان يمسك بكفها ، ونظرة العشق التى كانت تذيبها كلما التقت عيناهما ، تذكرت نظرات القلق على وجهه عندما كانت تمرض ، وسهره بجانبها يُمَرِّضُها ويعد لها الطعام بل ويطعمها بيديه حتى تقوم من على فراش المرض .
كانت تتمنى ألا تستفيق من هذه الذكريات ، لكن صوت البخار الصاعد من حلة الضغط كان كفيلا بأن يعيدها مرة أخرى الى زمن الحاضر ، انتبهت الى أن الدمعة التى كانت تحاول منعها من الخروج أصبحت سيلا من الدموع .
أخذت تسائل نفسها باحثة عن الجواب ، ما الذى وصل بهما الى هذه النقطة ، كيف لقلبين عاشا قصة الحب هذه أن يحدث بينهما جفاء؟! ، من المسئول عن تدهور العلاقة ؟، هو أم هى ؟ ، أخذت تلقى بكامل اللوم عليه ، وأقنعت نفسها بأن انشغاله بعمله وسفره الدائم هو السبب الأول فيما حدث ، جزء من قلبها يريد أن يلقى ببعض اللوم عليها ، فانشغالها هى أيضا فى تربية أولادهما ، وكثرة متطلباتها ، وازدياد شكوتها ، قد يكون سببا فى ما حدث ، لكن عقلها يبرر لها ما تفعل بأن من الطبيعى أن تكثر شكوتها وتزداد متطلباتها ، فتربية أبنائهما تستنزف منها كل طاقتها ، كما أن يومها يكون دوما حافلا بالصراخ والمشاكل التى تحدث بين أبنائهما ، فلا تجد بعد هذه المعاناة أحدا تخرج فيه همها سواه ، ويجب عليه هو أن يتحمل صراخها فيه كما تتحمل هى صراخ أبنائها طوال اليوم ، ليس تفضلا منه وإنما واجب عليه .
استمر حديثها مع نفسها فترة كبيرة ما بين لائم وملوم ، وصوت البخار الصاعد من الحلة فى ازدياد مع خروج كمية كبيرة من فوهة الغطاء، كانت تريد أن تنتهى من إعداد الطعام فى أسرع وقت حتى تذهب الى النوم ، فهى لا تريد أن تفكر أكثر من ذلك ، قامت بزيادة النار حتى ينضج الطعام أسرع ، كمية البخار تزداد ... تزداد ... تزداد ، وصوت البخار يعلو ... يعلو ... يعلو ، وفجأة
بوووووووووووووووووووووووم
صوت انفجار رهيب ، تلاه صوت ارتطام شيئ معدني بالأرض، سحابة من البخار ملأت المطبخ ، صرخة مدوية خرجت من حلقها ، دون أن تدرى ما الذى قد حدث ، دقيقة أو دقيقتان من السكوت الرهيب ، ومحاولة منها لتستجمع قواها ، بدأ البخار يختفى شيئا فشيئا ، اتضحت الرؤيا ، غطاء الحلة على الأرض ، أشلاء طعام متبعثرة على الجدران والسقف والأرضية ،أصبح المطبخ كساحة معركة قضى فيها الجيشان على بعضهما البعض ، بدأت تهدأ شيئا فشيئا ، تناولت كوبا من الماء ، أغلقت النار ، ذهبت إلى غرفة نومها ، استلقت على السرير تهدئ من روعها ، أخذت تفكر فيما حدث ، التقطت سماعة الهاتف ، اتصلت به
- حبيبى ، أنا آسفة
- صوتك متعب ، هل حدث شيء ؟ هل بك شيئ ؟
- اطمأن ، أنا بخير
- إذا فعلام تتأسفى ؟
- على أنى كنت أظن أن على حلة الضغط أن تتحمل النار مهما زادت حدتها .
تمت بحمد الله